الوطنية للانتخابات: انطلاق التصويت للمصريين بالخارج في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب الملغاة    حصاد 2025.. بدء حصاد ثمار خطة توطين الصناعات في مصر    تراجع الأسهم الأمريكية مع اقتراب 2025 من نهايته    زيلينسكي: مستعد للجلوس مع بوتين لإنهاء الحرب    بوتين وبيزشكيان يبحثان تطورات البرنامج النووي الإيراني    التعادل يحسم الشوط الأول بين تشيلسي وبورنموث    الشباب والرياضة تختتم فعاليات النسخة الرابعة من ملتقى المراجعة الداخلية والحوكمة    الأرصاد: غدا طقس مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والصغرى بالقاهرة 13    منال رضوان تطرح روايتها الجديدة "سماء مغادرة" في 2026    جراحة دقيقة تنقذ فك طفل بالفيوم    غدًا.. محاكمة 3 طالبات في الاعتداء على الطالبة كارما داخل مدرسة    ضبط شخص بالجيزة لترويجه بيع سلاح ناري عبر مواقع التواصل الاجتماعي    بالمر يقود هجوم تشيلسي أمام بورنموث في مواجهة الدوري الإنجليزي    للمرة الثانية.. أحمد العوضي يثير الجدل بهذا المنشور    الحسن عادل يطرح كليب "كل سنة" بمشاركة طفلة من متلازمة داون    رئيس الوزراء يستعرض مستجدات إعادة إحياء نزلة السمان كمقصد سياحي عالمي متكامل    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    الفضاء والفلك.. الكون أكثر اقترابا من أى وقت مضى    النصر يتأخر أمام الاتفاق في الشوط الأول    استقرار سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 30 ديسمبر 2025    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة «العمل» تصدر قواعد وإجراءات تفتيش أماكن العمل ليلًا    القاهرة الإخبارية تكشف أسباب فرض حظر التجوال في اللاذقية بسوريا    طلاب جامعة العاصمة يشاركون في قمة المرأة المصرية لتعزيز STEM والابتكار وريادة الأعمال    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    المقاولون العرب يحرز الهدف الثالث أمام الأهلي    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    الداخلية تضبط أكثر من 95 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    نهاية تاجر السموم بقليوب.. المؤبد وغرامة وحيازة سلاح أبيض    الجيش اللبناني يتسلم سلاحًا وذخائر من مخيم عين الحلوة    جيش الاحتلال يقتل طفلة فلسطينية شرقي مدينة غزة    21 يناير.. افتتاح الدورة ال16 لمهرجان المسرح العربي    كشف ملابسات مشاجرة بالجيزة وضبط طرفيها    خبر في الجول - ناصر ماهر ضمن أولويات بيراميدز لتدعيم صفوفه في يناير    حبس رمضان صبحي سنة مع الشغل    منتخب مصر يحدد برنامج ودياته استعدادًا لمونديال 2026 بمواجهات أمام السعودية وإسبانيا والبرازيل والنرويج    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الأمانة العامة لمجلس النواب تبدأ في استقبال النواب الجدد اعتبارا من 4 يناير    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 7 ملايين جنيه    مواجهات قوية في قرعة دوري أبطال آسيا 2    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    إصابة شخصين فى حادث تصادم سيارتين بقنا    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    محافظ المنوفية يضع حجر الأساس لإنشاء دار المناسبات الجديدة بحي شرق شبين الكوم    جهاز القاهرة الجديدة: كسر بخط مياه فى شارع التسعين وجارى إصلاحه    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    الشرطة الأسترالية: منفذا هجوم بوندي عملا بمفردهما    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(من النهارده مافيش عداد)
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 04 - 2012

مستلهما صرخة أحمد السقا الشهيرة فى فيلم «الجزيرة» قال لى سائق التاكسى الأبيض بكلمات سريعة غاضبة: «من النهارده مافيش عداد.. إحنا اللى هنحدد الأجرة».

حاولت أن أناقشه بهدوء وقلت له إننى أدفع فى المسافة من ميدان التحرير إلى ميدان لاظوغلى خمسة جنيهات، فنظر لى نظرات نارية أكثر غضبا ووجه لى كلماته الأخيرة: «مافيش عداد وطالما أنكم لا تشعرون بنا أو بمعاناتنا فسوف نحرق لكم البلد قريبا إن شاء الله». استغربت لغته واستخدامه للضمير» «نحن» و«أنتم»، ولم يكن هناك ما يشير إلى اختلاف بيننا إلا أننى كنت أرتدى «بدلة وكرافتة».

ساد الصمت للحظات، ثم كسره بقوله إنه آسف وإن الضغط عليه وعلى أسرته شديد. ثم استرسل يحكى لى همومه وهموم معظم زملائه، وأنه يلف نصف اليوم بالتاكسى أو على قدميه ويقف بالساعات بحثا عن البنزين أو الغاز الطبيعى من دون جدوى، ومطلوب منه فى نهاية اليوم أن يجمع مبلغا معينا من أجل القسط الشهرى، ومبلغا للمعيشة اليومية.

تلاشت لغة التحدى والتنمر من عيون السائق الأربعينى، وبدأت ملامح الضحية تكسو وجهه، وهو يسرد إثر الزحام الموجود فى شوارع القاهرة على تقليل حصيلة يومه، وأن كثيرا من الزبائن صاروا يعتمدون على المترو أو يجلسون أكثر فى بيوتهم هربا من الفوضى والبلطجة.

عند هذه النقطة كان شعورى بالحنق والغضب تجاهه قد اختفى وحل محله التعاطف. وعندما فكرت أن أضع نفسى مكانه، وجدتنى أشفق عليه.

الصورة النمطية الشائعة لدينا عن سائق التاكسى أنه مستغل وجشع ولا هم له إلا سرقة الزبون، وقد يكون ذلك صحيحا فى الماضى، لكن ومنذ خروج «التاكسى الأبيض» إلى النور قبل حوالى أربع سنوات صار أى سائق شريف «محشور» فى مصيدة قسط البنك وتكاليف المعيشة، ذلك إذا كان هو صاحب التاكسى أما إذا كان سائقا فهو مطالب بأن يسلم مبلغا محددا لصاحب التاكسى إضافة إلى تكاليف البنزين وأى مصاريف أخرى، وما يزيد إذا زاد يذهب إلى أسرته.

لا يوجد عذر يبرر لأى سائق أن يلغى العداد من تلقاء نفسه، أو يتحجج بأنه عطلان، وهى حجة صارت شائعة جدا هذه الأيام، لكن علينا فى المقابل أن نتعامل مع أصل المشكلة وليس عرضها.

أصل المشكلة أن تكاليف الحياة لا تحتمل والدولة تكاد تختفى، ومن يتظاهر ويضرب عن العمل يحصل فى مرات كثيرة على حقه، أصحاب أو سائقى التاكسيات لا يعملون عند الحكومة، وينظرون إلى زملائهم سائقى أتوبيسات النقل العام الذين تمكنوا من تحسين أوضاعهم، وزملائهم سائقى الميكروباص الذين يرفعون الأجرة ب«مزاجهم»، والطبيعى فى ظل هذه الحالة أن يقرروا أن يتعاملوا بأيديهم مع مشكلتهم طالما أنه لا أحد ينصفهم.

أسهل حل هو أن نطالب الحكومة التى تتصدع سلطتها كل يوم بتطبيق القانون بكل حزم، لكن السؤال المنطقى الذى يسأله كثيرون هو: هل تطبيق القانون يكون على الفقراء فقط.

الحكومة تخلت كثيرا عن سائقى التاكسى خصوصا فى أيام يوسف بطرس غالى بعد هروب الشركات من تسديد ما التزمت بدفعه للسائقين نظير إعلانات الدعاية، والحكومة الراهنة لم تقف بجانبهم بعد الخسائر التى تعرضوا لها بعد الثورة، وعندما لا يجد البلطجية عملا يسرقون سائقى التاكسى، وأحيانا يقتلونهم.

وبما أن اليأس سلوك المحبطين فإننا نناشد الحكومة التدخل لإيجاد حل لهذه الفئة.

تمرد السائقين «سيلخبط» خريطة المرور فى القاهرة بأكملها. الالتزام بالعداد أحد آخر مظاهر التحضر القليلة الباقية فى الشارع المصرى، فالرجاء تحركوا، وأقنعوا الشعب أنكم تفعلون شيئا لصالحه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.