كشفت إحصائيات جديدة أصدرها مكتب التحقق من الانتشار بالمغرب، الذي يُعنى بأرقام مبيعات وحجم انتشار الصحف والمجلات الأسبوعية والشهرية المختلفة في البلاد، بأن المجلات النسائية باللغتين العربية والفرنسية هي الأكثر مبيعات وقراءة في فئة المجلات، حيث تتبوأ مركز الصدارة مجلات "نسمة" و"لالة فاطمة" ومجلة "نساء من المغرب". واعتبر الخبراء أن هذه المجلات النسائية، رغم تصدرها المبيعات فإنها تتوجه أساسا إلى نخبة من السيدات ينتمي أغلبهن إلى المجتمع المخملي، وتهتم بما يشغلهن من مواضيع هامشية ترتبط أكثر بالموضة والجسد، في حين أنها تتجاهل القضايا الرئيسة التي تلامس واقع النساء المغربيات. وجاء في تقرير مكتب التحقق من الانتشار أن مجلة "نسمة" تباع منها 27863 نسخة في الشهر، ومجلة "لالة فاطمة" 25887 نسخة شهريا، و"نساء من المغرب" 20093 نسخة في الشهر، و"فام دي ماروك" 11005 نسخ.
نساء المجتمع المخملي وأكد الدكتور يحيى اليحياوي، الخبير الإعلامي الشهير، أن هذه الأرقام "تؤشر على نسب ضعيفة من حيث المقروئية، بالرغم من تبوء هذه المجلات النسائية المراكز الأولى ضمن المجلات المغربية"، مشيراً إلى أن النسخ تباع بالآلاف فقط، بينما هناك أكثر من 16 مليون امرأة في المغرب، مما يدعو إلى طرح أسئلة حول وضعية قراءة الصحافة المكتوبة في البلاد. وأشار اليحياوي إلى أن هذه المجلات تحديدا تعبر عن صحافة نخبوية صرفة، وتكون موجهة لشريحة محددة من النساء لديهن مواصفات اجتماعية ومادية معينة، ويتسمن بأنماط استهلاك تحسب على النخبوية، مضيفا أن هذه المجلات رغم حضورها في المشهد الصحافي والإعلامي في البلاد، فإن ذلك لا يتيح الحديث عن صحافة نسائية بالمغرب. وأوضح اليحياوي أن هذه المجلات النسائية تهتم بالموضة والأزياء، فضلا عن المشاكل الحميمة الخاصة بالنساء، لكنها لا تتطرق إلى الاهتمامات الحقيقية للنساء اللواتي ينتسبن إلى الطبقات المتوسطة أو الفقيرة، كما لا تتطرق إلى المواضيع التي تهم المرأة في البوادي والأرياف في المغرب العميق.
الجسد والجنس والموضة يذكر أن المجلات النسائية التي تبوأت الرتب الأولى من حيث الانتشار اعتادت على الاهتمام بمواضيع معينة تركز على الثالوث، الذي يجذب القراء: "الجسد، والجنس، والموضة". وتتعمد بعض هذه المجلات النسائية في خطها التحريري على الإثارة الجسدية عبر نشر صور كبيرة وملونة بورق صقيل ذي جودة واضحة، لنساء جميلات وفاتنات سواء كن من الوسط الفني أو من عالم الموضة، كما تخصص هذه المطبوعات أغلفتها لصور نساء مثيرات، فعلى سبيل المثال نشرت مجلة نسائية مغربية مؤخراً على غلافها صورة عارضة نصف عارية ونشرت مطبوعة أخرى صورة الفنانة المثيرة للجدل لطيفة أحرار بقميص نسائي كاشف. وتنشر هذه المجلات النسائية مواضيع تتعلق بالديكور والمطبخ والهوايات المتاحة لمجتمع النساء الميسورات أو متوسطات الحال، لكنها أيضا تميل أكثر إلى النبش في المواضيع ذات الطابع الجنسي، التي تثير الاهتمام كالمعاشرة الزوجية ومشاكلها والخيانة الزوجية وغيرها. وتعطي هذه المطبوعات حجة تكسير التابوهات للتركيز على هذه المواضيع، مما دفع مراراً الفعاليات الإسلامية إلى انتقاد توجهات هذه المنشورات باعتبارها تخدم التيار "التغريبي" والتحرري، الذي يستهدف القيم الأصيلة للمجتمع المغربي المحافظ في أغلبه.