حذرت منظمة العمل العربية من تفاقم ومخاطر مشكلة زيادة البطالة فى الدول العربية وارتفاع نسبتها بين صفوف الشباب العربى بين 15 - 24 سنة، فيما تعد أعلى نسبة فى العالم، وأن هذه المشكلة تتزايد بدول الربيع العربى. ولفتت إلى أن أعداد المتعطلين منهم يتزايدون بشكل كبير ويشكلون بالمتوسط ربع مجمل أعداد المتعطلين خلال السنوات 2007 - 2010، وهى نسبة مرتفعة جدا مقارنة بالنسبة نفسها على مستوى العالم،.
وتوقعت المنظمة - فى وثيقة أعدتها حول سمات البطالة بالدول العربية وأسبابها ومواجهتها لعرضها على مؤتمر العمل العربى الذى يبدأ فعالياته بالقاهرة بعد غد الأحد - أن يصل حجم السكان فى الوطن العربى إلى نحو 460 مليون نسمة بحلول عام 2025، وإلى نحو 600 مليون نسمة فى عام 2050.
وأوضحت أن الزيادة الكبيرة فى حجم السكان العرب تؤدى إلى زيادة أعداد السكان الداخلين إلى سوق العمل وخاصة من الشباب الجدد حديثى التخرج، إذ تبلغ نسبة المتعطلين منهم أكثر من 25% من مجمل المتعطلين عن العمل فى الوطن العربى.
كما حذرت منظمة العمل العربية من أن استمرار التخبط السياسى فى بعض الدول العربية التى تشهد نقلا للسلطة من المجالس أو الحكومات الانتقالية إلى حكومات رسمية ممثلة ومنتخبة من قبل الشعوب، وخاصة بعد سقوط أنظمة الحكم فيها، مثل تونس ومصر وليبيا واليمن، قد يفاقم من مشكلة البطالة، وخاصة فى حال المماطلة فى نقل السلطة أو استمرار الاختلاف بين الأحزاب وممثلى الشعوب والقائمين حاليا على إدارة شئون البلاد.
ولفتت إلى أن اقتصاديات دول الربيع ما زالت تعانى من استمرار حالة عدم الاستقرار من تبعات التحدى الذى مارسته أنظمة الحكم المستبدة فى رفض التغيير والاستجابة للمطالب الشعبية السلمية، معربة عن الأمل فى أن المرحلة القادمة تبشر ليس فقط فى هذه الدول بل فى جميع الدول العربية بأن العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتى عانى منها الشعوب كالفقر والبطالة ستشهد نقلة نوعية فى أسلوب حلها ومعالجتها والحد من تفاقمها وتحقيق مستوى أعلى من العدالة والمساواة فى الحصول على العمل وتوزيع استحقاقات مكتسبات التنمية المستدامة، وكل ذلك سيكون عن طريق ممارسة الحياة الديموقراطية السليمة وتطبيق القوانين والتشريعات الناظمة للحياة السياسية.
وطالبت منظمة العمل العربية بتعزيز جهود الحكومات العربية لتنصب على الشباب، وذلك في دعم برامج تمويل القروض لهؤلاء الشباب بإقامة المشاريع الإنتاجية المتوسطة والصغيرة، وتحفيز وجذب الاستثمارات المكثفة للعمالة، وكذلك تنسيق جهود حكومات الدول العربية بين الدول المستقبلة والمرسلة لتنظيم استقدام واستخدام العمالة العربية، وإحلالها محل العمالة الوافدة، من الدول غير العربية كلما أمكن ذلك.
وحول مؤشرات البطالة على مستوى الدول العربية، أوضحت المنظمة أنها جاءت مرتفعة وتزيد على 33% فى ثلاث دول هي :جيبوتى والصومال وموريتانيا، وتقل عن 10% فى 9 دول وهى الكويت وقطر والإمارات والبحرين والسعودية وعمان وسوريا ومصر والمغرب.. وتتوزع نسب البطالة فى باقى الدول بين 12.7 % فى الأردن 21.5% فى فلسطين.
ولاحظت دراسة المنظمة أن مؤشر البطالة فى أسواق العمل العربية يبقى من أكثر المؤشرات أهمية للتعبير عن مستوى النمو الاقتصادى فى الدول العربية، وقدرته الاستثمارية فى خلق فرص عمل جديدة، ولذا يجب رصده ومراقبته لوضع الإجراءات الوقائية اللازمة للحد من خطورة استمراره وزيادته، وخاصة فى الدول التى تشهد ما يعرف بحراك الربيع العربى.
ولذلك تعمل منظمة العمل العربية على تنسيق جهود جميع وزارء العمل فى الدول العربية للحد من تفاقم أثاره، من خلال إعطاء حرية أكبر لانتقال الأيدى العاملة بين الدول المرسلة والمستقبلة لها، ووضع استراتيجيات عربية على مستوى الوطن العربي تهدف لإحلال ما أمكن من عمالة عربية بدلا عن العمالة الآسيوية، وخاصة في قطاعات العمل التي يمكن للعمالة العربية أن تنافس بها من حيث الأجور والكفايات المهنية والمهارات الفنية.
وشددت المنظمة على أن تحقيق تحسن في نوعية الحياة الاجتماعية والاقتصادية وضمان فرص عمل مناسبة للمتعطلين عن العمل تتطلب تكريس جهود وزارء العمل كممثلين عن الحكومات العربية لتمكين منظمة العمل العربية من القيام بمسئولياتها في اقتراح الأساليب والمشاريع التنموية العربية المشتركة والكفيلة بمعالجة مشكلتي البطالة والفقر والحد من تفاقمهما، باعتبار أن المنظمة قد سبق أن حذرت من تداعيات مشكلة البطالة في معظم الدول العربية، والتي بالفعل سرعان ما انطلقت الشرارة الأولى لغليان الشباب العربي من تونس وامتدت لتشمل العديد من الدول العربية.
ولاحظت منظمة العمل العربية أنه برغم اختلاف أسباب البطالة بين الدول العربية إلا أنها قد تشترك فيما بينها فى بعض القواسم، ومن أهمها ضعف برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتراجع الأداء الاقتصادى، وغياب القوانين والتشريعات المحفزة على الاستثمار وتوليد فرص عمل بالقدر الكافى، وارتفاع معدل نمو العرض للقوى العاملة فى معظم الدول العربية مقابل انخفاض نمو الناتج القومي الإجمالي وبالتالي نمو الطلب عليها.
كما تشترك فى تدخل الحكومات من حين لآخر في حرية قوى توازن سوق العمل وضعف برامج التوعية والإرشاد لتخفيض معدلات النمو السكاني واستخدام التطور التقني بزيادة استخدام عنصر رأس المال على حساب استخدام عنصر العمل.
وأوضحت المنظمة أن ما نسبته 60.6 % من القوى العاملة في الدول العربية تعمل لدى القطاع الخاص بأجر لقاء مساهمتها في الإنتاج، مما يؤكد أهمية تعزيز دور النقابات العمالية في حماية حقوق ومكتسبات العمال في القطاع الخاص والعاملين لدى الغير مقابل أجر، والسعي إلى تحسين ظروف العمال المادية والمعنوية وتثقيفهم وتأهيلهم، ومتابعة المتعطلين عن العمل عن طريق حصر المهن والأعمال، التي يمارسونها ومحاولة تقديم النصح والإرشاد من خلال تبني حملات توعوية حول المهن والتخصصات المشبعة والراكدة لتقليل نسب الإقبال عليها، وإرشادهم نحو المهن التي يحتاجها سوق العمل، ويتقاضى أصحابها اجورا معقولة ومناسبة.
وطالبت بتنسيق جهود الجامعات والكليات والمؤسسات الأكاديمية ومراكز التدريب المهنى والتقني لتلائم مخرجاتها مع حاجات القطاعين العام والخاص بكل مؤسساته، وشركاته المستخدمة للأيدي العاملة، بإشراف وتعاون متخذي القرار وراسمي سياسات التشغيل والاستخدام في وزارت العمل أو الجهات المعنية في المؤسسات الحكومية الرسمية.
وأشارت إلى أن سبع دول هي قطر والكويت والبحرين والامارات والسعودية وسلطنة عمان والأردن تشكل نسبة العاملين بأجر أكثر من 80% من مجمل القوى العاملة فيها، وأن 10 دول هي موريتانيا والعراق والسودان والصومال والمغرب وجيبوتي والجزائر وفلسطين وسوريا واليمن، تقل فيها نسبة القوى العاملة بأجر عن 50% من مجمل القوى العاملة لديها.
كما أن 72.4% من القوى العاملة فى الدول العربية تعمل في قطاع الخدمات، وهي السمة العامة لاقتصاديات الدول النامية عموما، أو التي تشهد تحولا من سمة العمل في قطاع الزراعة إلى سمة العمل في قطاع الخدمات.