أنهى مئات المعارضين السوريين، أمس الثلاثاء، في إسطنبول مؤتمرا، حاولوا خلاله توحيد مواقفهم عبر إعلان ميثاق لسوريا المستقبل، وسط خلافات دفعت الوفد الكردي إلى مغادرة قاعة المؤتمر إثر الانتهاء من تلاوة البيان الختامي. وأعلن منظمو المؤتمر عن تشكيل لجنة تنكب على "إعادة هيكلة المجلس الوطني"، لضم كافة أطياف المعارضة إليه، على أن ترفع تقريرا بنتائج عملها خلال 3 أسابيع.
وفي الوقت الذي كان المعارضون في إسطنبول يعلنون بيانهم الختامي، كانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تدعو المعارضة السورية إلى وضع "رؤية موحدة" تحمي حقوق كل السوريين.
وقالت- في تصريح صحفي- "سندفعهم بكل قوة لتقديم مثل هذه الرؤية في إسطنبول" خلال مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي سيعقد في هذه المدينة الأحد، وتشارك فيه معظم الدول الغربية والعربية.
وتلا عضو المجلس الوطني، جورج صبرا، وثيقة العهد والميثاق التي اتفق عليها المؤتمرون، وتضمنت "تأكيد الدستور الجديد لسوريا على عدم التمييز بين عرب وآشور وكرد وتركمان أو غيرهم، واحترام الحقوق المتساوية للجميع ضمن وحدة سوريا أرضا وشعبا"، كما دعا إلى "تنظيم انتخابات نزيهة ونظام متعدد الأحزاب، وعدم قيام أي نوع من العقبات أمام الراغبين بالمشاركة في الحياة السياسية".
وأكدت الوثيقة على أن "المجلس النيابي سيعكس إرادة الشعب، ويعطي الشرعية للحكومة المنبثقة عنه"، كما أن الرئيس بموجب هذه الوثيقة "سينتخب بحرية من قبل الشعب أو من قبل البرلمان، ولن يكون على قياس فرد أو هيئة معينة، وتحدد صلاحياته وفق الدستور بما يتوافق مع فصل السلطات".
وركزت الوثيقة على "الالتزام بشرعية حقوق الإنسان وحماية الحريات العامة وفق المواثيق الدولية، وعلى أن تضمن الدولة أعلى درجات صيانة حقوق المكونات الدينية، وتوفر حرية ممارسة الدين والعقيدة والفكر"، كما دعت هذه الوثيقة إلى "تجريم كل أشكال التعذيب والمعاملة المسيئة ولن يسمح بالإفلات من العقاب".
وأكدت الوثيقة أخيرا على أنه "لن يكون انتقام" في سوريا الجديدة بل "على العكس سوف تتوفر الشروط من أجل تضميد جراح الماضي على أن تضمن سوريا الجديدة حماية الأفراد والجماعات وتعمل على تحقيق مصلحة وطنية جامعة تستند إلى العدالة"، وفور انتهاء صبرا تلاوة الوثيقة، انسحب الوفد الكردي من قاعة المؤتمر.
كما تلا عبد الرزاق عيد عضو المجلس الوطني بيانا أعلن فيه عن تشكيل لجنة تحضيرية تكلف إعادة هيكلة المجلس الوطني على أن تنهي أعمالها خلال 3 أسابيع بهدف توسيع قاعدة تمثيل المجلس على كافة أطياف المعارضة.
وأكد عيد أن سوريا الجديدة "ستكون دولة مدنية ديمقراطية تعددية مستقلة حرة تحدد مستقبلها حسب إرادة الشعب السوري وحده".
واعترفت غالبية ممثلي المعارضة السورية التي اجتمعت في اسطنبول الثلاثاء بالمجلس الوطني السوري، أبرز تحالف للمعارضة، بأنه الممثل الرسمي للشعب السوري، في حين يدعو المجتمع الدولي المعارضين إلى الوحدة.
وأعلن المشاركون في هذا الاجتماع في بيان مشترك تلاه المعارض عبد الرزاق عيد في مؤتمر صحفي وفقا للترجمة الإنجليزية لتصريحاته، أن المؤتمر قرر أن المجلس الوطني السوري هو المحاور الرسمي والممثل الرسمي للشعب السوري.
ودعت المعارضة السورية إثر اجتماعها في اسطنبولبشار الأسد إلى سحب دبابات الجيش من المدن السورية بحلول الأربعاء لإثبات حسن نيته بعدما وافقت دمشق على خطة الخروج من الأزمة التي وضعها الموفد الدولي كوفي عنان.
وسبق هذا الاجتماع المغلق الذي شارك فيه نحو 400 شخص لقاءات غير رسمية الأحد والاثنين في اسطنبول بين مختلف فصائل المعارضة ومن بينها المجلس الوطني السوري. والهدف الرئيسي لهذا اللقاء هو اتخاذ موقف موحد بقدر الإمكان قبل المؤتمر الدولي الثاني لأصدقاء سوريا الذي ستشارك فيه الأحد في اسطنبول غالبية الدول الغربية والعربية.
لكن ومنذ بداية الاجتماع، بدأت الخلافات تظهر مع انسحاب الناشط للدفاع عن حقوق الإنسان هيثم المالح من المباحثات معتبرا أن المجلس الوطني السوري لا يحترم باقي مكونات المعارضة بفرض جدوله والياته دون أي تشاور معها.
وقال المالح لعدد من الصحفيين "اعتقد أن معظم أعضاء المجلس الوطني لا يريدون التعاون مع الآخرين"، مضيفا "أريد أن أراهم يمارسون الديمقراطية لكنهم يتصرفون حتى الآن مثل حزب البعث" الحاكم الذي يتزعمه بشار الأسد.
وكان المالح، المناضل التاريخي من اجل الديمقراطية في سوريا، قد استقال من المجلس الوطني السوري الذي كان عضوا في لجنته التنفيذية في 14 مارس مع اثنين آخرين هما كمال اللبواني وكاترين التلي.
كما أعلن وفد المجلس الوطني الكردي، وهو أكبر تنظيم لهذه الأقلية التي تضم نحو أربعة ملايين شخص، انسحابه من الاجتماع وأكد موقفه هذا بعيد تلاوة البيان الختامي، ولم تشارك أيضا في المنتدى هيئة التنسيق الوطني للتغيير والديمقراطية التي تضم أحزابا قومية عربية وكردية واشتراكية ومجموعة صغيرة بزعامة ميشيل كيلو.
ودعت بسمة القضماني، العضو في المجلس التنفيذي للمجلس الوطني مختلف الفصائل الى عدم التضحية "بالهدف الأساسي المطلق" من أجل اعتبارات تنظيميه "ثانوية"، وقالت "لدينا الرؤية المشتركة والكل متفق عليها والمشكلة تكمن في التنظيم وهذا ما سنبحثه غدا".
وفي خطاب في افتتاح الاجتماع، دعا رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون الأسرة الدولية إلى دعم عناصر الجيش السوري الحر عبر تسليمه أسلحة ودفع رواتب لعناصره، كما ذكر مصدر في الاجتماع طلب عدم كشف هويته.
وتمثلت قطر التي تتولى الرئاسة الدورية للجامعة العربية وتركيا التي تستضيف الاجتماع من خلال دبلوماسيين رفيعي المستوى في هذا المنتدى الذي شارك فيه قرابة 400 ناشط، بحسب المنظمين.
وكان المؤتمر الأول لأصدقاء سوريا ضم في أواخر فبراير ممثلين عن قرابة 60 دولة عربية وغربية من دون مشاركة روسيا والصين.
من جانبه، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أعمال العنف أوقعت أكثر من 9100 قتيل منذ انطلاق حركة الاحتجاج قبل أكثر من عام بقليل، فيما قدرت الأممالمتحدة عدد القتلى بأكثر من 9 آلاف.