أكدت مصر على ضرورة تعزيز الحوار مع الشباب باعتباره الضحية الأولى لفكر الغلو والتطرف ودمج التجربة المصرية في المراجعات مع التجارب العربية الأخرى في "مبادرة واحدة" تكون متاحة أمام جميع الدول العربية لإنقاذ الشباب من براثن فكر التطرف والإرهاب. جاء ذلك خلال ملتقى عربى حول "مواجهة ظواهر الغلو والتطرف المؤدية للإرهاب" نظمته جامعة نايف للعلوم الأمنية بالرياض بالتعاون مع جامعة الدول العربية واختتم اعماله الليلة الماضية وحضره خبراء من مختلف الدول العربية ورأس وفد مصر المستشار الاعلامى بالسفارة السيد نبيل بكر.
وصرح نبيل بكر بأنه تم الاتفاق على أن مواجهة ظاهرة التطرف والبحث عن علاج يجب ألا يقتصر على الحل الأمني فقط (رغم أهميته)، إلا أن المعالجة يجب أن تراعي ثلاثة مسارات متزامنة وهى "تحسين أوضاع الفئات الفقيرة ونشر الوعي الديني والوطني بين الشباب والنشء والثالث بذل الجهد الامني باعتباره احد ملامح قوة الدولة ولكن دون التضييق على الحريات أو إطلاقها حتى لا يتسبب في الفوضى والتسيب".
وقال المستشار الإعلامى المصرى انه أصبح معلوما لدى الكافة أن الإرهاب والتطرف والغلو هي ظواهر قديمة عرفتها كل الحضارات، وليست مرتبطة بدين أو فكر معين أو بظرف زماني معين ولا بجنس أو حضارة محددة، ومن حيث الممارسة يكون فرديا أو جماعيا أو دوليا، ومن حيث الأهداف يكون ضد كيان سياسي أو ديني أو عرقي، ومن حيث الدوافع يكون بسبب الاضطهاد أو اعتداء أو انحياز ، ومن حيث النتائج يؤدي إلى الفوضى والاضطراب واختلال الأمن والتخلف.
وأكد الخبراء على أن أسباب التطرف والغلو متشابكة ومتداخلة ومن أهمها ضعف المعالجة الإعلامية والثقافية في مواجهة ظاهرة التعصب والتطرف لأن الغلو في الفكر لا يواجه إلا بالفكر مع تفعيل مواد القانون ، كما أن ضعف التبصر بالدين وحقيقته وظهور أنصاف المتعلمين ومدعي العلم والتدين من أهم أسباب التطرف والغلو، هذا بخلاف أسباب أخرى نفسية واجتماعية واقتصادية (الجهل والأمية - تضخم ظاهرة الفقر - ضعف حرية التعبير - قلة التواصل بين الأجيال ..إلخ )
وكشف نبيل بكر المستشار الاعلامى بالسفارة انه تم التركيز على أهمية دور المؤسسات التعليمية والتربوية واجهزة الاعلام في توعية الشباب بمخاطر التطرف والغلو والارهاب وتعزيز قيم الانتماء الوطني ودور المسجد في تحقيق الامن الفكري.
وفيما يتعلق بتعريف الإرهاب وعدم اتفاق المجتمع الدولي بشأن وضع تعريف شامل جامع له، أكدت مصر أن تعريف الإرهاب سيظل محل خلاف لأنه أصبح ظاهرة عالمية وبالتالي اختلاف أسبابه من مجتمع لاخر وليس المهم هو التعريف أو الاتفاق على اصطلاح محدد ولكن المهم هو أن يتفق المجتمع الدولي شرقا وغربا على إدانته وعدم دعمه بأي صورة من الصور ( تحريض - تمويل - ايواء عناصر ... إلخ).
ونبه الخبراء الى مصادر التأثير والاستقطاب المتنوعة ومنها دور بعض العائدين من بؤر التوترات والحروب، والانترنت، والإعلام الجديد، والكتب والقنوات المتناقضة مع منهج الوسطية والاعتدال فضلاً عن غيرها من الأسباب المختلفة.
وتم خلال الملتقى عرض تجارب بعض الدول العربية من بينها تجارب الأردن والسعودية وتجربة مصر المعروفة ب"المراجعات الفكرية" لقيادات وعناصر المتطرفين، واقترحت مصر ضم جميع التجارب العربية في المناصحة أو الحوار مع الشباب الذي وقع ضحية للتطرف والغلو في مبادرة عربية واحدة تكون متاحة لجميع الدول العربية التي تتشابه في الظروف والبيئة التي قد تفرز هذه الظاهرة.
وشارك في أعمال الملتقى ممثلون عن وزارات الداخلية والإعلام والشئون الدينية والأوقاف والعدل في الدول العربية والعاملون في الأجهزة ذات العلاقة بموضوع الحلقة.
يذكر أن جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية تهتم بتنظيم العديد من الندوات والحلقات العلمية التي تهتم بظاهرة الإرهاب والتطرف والغلو والبحث في سبل معالجتها بأساليب علمية مدروسة من خلال برامجها وأنشطتها العلمية ، نظراً لخطورة هذه الجرائم وانعكاساتها على الأمن والاستقرار الدولي نتيجة للتطور المستمر لهذه الجرائم بفعل تقدم وسائل الاتصال.
والجدير بالذكر أن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية نفذت في مجال مكافحة الإرهاب 273 دورة تدريبية وحلقة علمية، و22 ندوة علمية، و19 دراسة علمية، و50 إصدارا علميا محكما، و70 رسالة ماجستير ودكتوراة، و 90 محاضرة ثقافية، و 70 مشاركة علمية في مؤتمرات وندوات علمية عربيا ودوليا.
كما يشار إلى أن الجامعة باعتبارها الجهاز العلمي لمجلس وزراء الداخلية العرب تتولى تنفيذ البرنامج العلمي للخطة المرحلية لتنفيذ بنود الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب التي أقرها مجلس وزراء الداخلية العرب.