تعهد مهدي مبروك وزير الثقافة التونسي، بضمان حرية الإبداع الفني دون أي قيود في ظل حكومة تسيطر عليها حركة إسلامية وبإبقاء الثقافة محايدة خارج الصراع المحتدم بين الاسلاميين والعلمانيين في البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي العام الماضي. وفازت حركة النهضة الاسلامية نهاية العام الماضي في أول انتخابات برلمانية حرة في تاريخ البلاد وكونت ائتلافا حاكما مع حزبين علمانيين.
وأثار وصول حركة إسلامية مخاوف العلمانيين من المساس بالحريات والتغاضي عن التشدد الديني الذي يهدد الإبداع الفني في السينما والمسرح والرسم.
لكن مهدي مبروك وهو أستاذ في علم الاجتماع، قال إن وزارته ستكفل حرية الإبداع الفني وستتصدى لكل ما من شأنه أن يمس هذه الحريات.
وقال مبروك "بالفعل هناك مخاوف حقيقية للعلمانيين من التشدد الديني ونحن نتفهمها، ولكن بعضها حقيقي والبعض أخر مبالغ فيه."
وأضاف "لن نصمت على أي تجاوز ضد حرية الإبداع بمختلف أشكالها وسندين أي إعتداء على الإبداع ولن نفرض أي رقابة إدارية للأفلام والمسرح، لكن على منظمات المجتمع المدني أيضا مساندة جهود الوزارة عبر التظاهر السلمي والقيام بدورها".
ومضى يقول "أفضل أن أكون متسامحا وأن أشتم على أن أمس بأي شكل من حرية الإبداع، ليست هناك قيود لحرية الابداع، هذا الأمر غير وارد مادمت أنا وزيرا للثقافة."
وأثارت اعتداءات متشددين العام الماضي على قاعة سينما مخاوف على حرية الإبداع. وهاجم سلفيون بيت مدير قناة نسمة التلفزيونية الخاصة بقنابل مولوتوف احتجاجا على بث فيلم إيراني يجسد الذات الإلهية.
وقال وزير الثقافة "تم مؤخرا تهشيم منحوتة في تطاوين وتم حرق لوحة زيتية من حمام سوسة ونحن لا ننكر أن هناك حوادث تشير إلى التشدد الديني، لكنها معزولة وسنتصدى لها بالالتجاء للقضاء وقد بدأنا بالفعل تحقيقات قضائية ضد المعتدين على المنحوتة في تطاوين."
وانتقد مبروك سعي بعض النخب العلمانية إلى تضخيم الأحداث، وقال "بعض مثقفينا يريدون بناء مشروعية على قاعدة صناعة الخوف وهو نوع من الاقتصاد السياسي لإدارة المخاوف."
واحتدم الصراع بين الطبقة العلمانية والإسلامية في البلاد، منذ سقوط نظام بن علي وبعد وصول حركة النهضة للحكم، مما أتاح لجماعات إسلامية متشددة حرية التحرك بعد سنوات من القمع في ظل نظام بن علي.
وتعهد الوزير بأن تكون الوزارة بعيدة عن أي استقطاب سياسي وديني مهما كان نوعه، مضيفا أنه منع الداعية الاسلامي وجدي غنيم من استغلال مركب ثقافي لإقامة خطبة دينية الشهر الماضي.
وقال إن وجوده ضمن حكومة محافظة تسيطر عليها حركة النهضة الاسلامية لايعني المساس بحرية الابداع في مختلف القطاعات الثقافية لأن هناك التزام كبير في هذه الحكومة بدعم حرية الإبداع.
وكان مبروك قال إنه يرفض مشاركة بعض الفنانات مثل هيفاء وهبي ونانسي عجرم في مهرجان قرطاج مما أثار تكهنات بان الحكومة الاسلامية تسعى الى فرض نمط موسيقي ملتزم.
لكنه نفى أن يكون تحفظه على بعض الأسماء لدوافع دينية أو أخلاقية، وقال لرويترز "مبرراتنا في اتخاذ هذه القرار هي فنية جمالية بحتة وليست اخلاقية مثلما يتم تدواله ولا علاقة له بالتزام الحكومة أو لأنها حكومة إسلامية هذا خاطئ تماما".
وأضاف مفسرا "لم استشر أي طرف في الحكومة حول أي قرار وهم يعتقدون أن لي بعض الكفاءة تؤهلني لاتخاذ أي قرار وهذا أمر إيجابي".
وكشف الوزير أن هناك لائحة من الأسماء الكبيرة، يتم التفاوض معها للمشاركة في مهرجان قرطاج بغية إعادة بريق هذا المهرجان العريق.
وقال إن من هذه الأسماء المطروحة سيلين ديون والتون جون وربما أيضا الفنانة اللبنانية فيروز.
وأضاف أن مهرجان قرطاج وكل المهرجانات ستظل مفتوحة أمام المبدعين السوريين، ولن نعمد إلى أي مقاطعة ثقافية. وكانت تونس أول بلد يطرد السفير السوري احتجاجا على قمع القوات السورية للمدنيين المستمر منذ أشهر.