سعر الدولار اليوم الثلاثاء 24-6-2025 أمام الجنيه المصرى الآن بالبنوك    بينها طواحين ذهب.. إزالة 40 حالة تعدي بقرية الأشراف فى قنا    «المشاط»: شراكتنا مع المنتدى الاقتصادي العالمي تشهد تطورًا مستمرًا    تكريم مؤسسة التضامن للتمويل الأصغر لدورها الفعال في دعم نجاح مشروع الترقية المؤسسية    ترامب: لست راضيا عن إسرائيل وإيران.. ووقف إطلاق النار تم انتهاكه    اجتماع منتظر بين رئيس الهلال ووالد ميسي لحسم صفقة "البرغوث"    ملكة هولندا تستضيف زوجات قادة الناتو خلال قمة الحلف    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية بسوهاج    اعترافات المتهمة بدهس 4 أسر بالتجمع الخامس:"فوجئت بمنحنى وسلمت نفسى للشرطة"    تحرير 32 محضر لمخابز بلدية لإنتاجها خبزا مخالفا للمواصفات بالبحيرة    عمرو الفقى ومحمود سعد وسليم سحاب يشاركون فى تشييع جثمان محمد عبد المنعم    محافظ القاهرة يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجرى الجديد غدا نائبا عن الرئيس    زيارة مفاجئة لرئيس هيئة المستشفيات لمستشفى أحمد ماهر والجمهورية التعليمي    خلال 6 أيام منذ طرحه.. "فى عز الضهر" لمينا مسعود يحصد 2.5 مليون جنيه    «مش النهاية وبداية عهد جديد».. الشناوي يوجه رسالة اعتذار لجماهير الأهلي عقب توديع المونديال    الأهلي يتلقى عرضين لرحيل وسام أبو علي    اتحاد الكرة يبدأ التحرك لاختيار مدير فني جديد لمنتخب الكرة النسائية    وزير التعليم العالي يعقد اجتماعًا مع رؤساء الجامعات الأهلية الحكومية الجديدة (التفاصيل)    ارتفاع أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية.. الفراخ البيضاء تصل ل100 جنيه للكيلو    وزير الإسكان يتابع موقف منظومة الصرف الصحي بمدن شرق القاهرة    الثانوية العامة 2025.. "التعليم": التعامل بحزم مع محاولات الغش في الامتحانات    حملات أمنية لضبط تجار المخدرات والأسلحة النارية غير المرخصة بأسيوط وأسوان ودمياط    ضبط 10 آلاف قطعة لوليتا فاسدة ومخازن مخالفة في حملة رقابية ببني سويف    محافظ مطروح يهنئ الرئيس السيسي بالعام الهجري الجديد    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية التابع للأوقاف    الليلة.. تامر عاشور يحيي حفلا بمهرجان موازين    فرقة بورسعيد تعرض «اليد السوداء» على مسرح السامر بالعجوزة    تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي محافظة الغربية للعام الدراسي الجديد    كأس العالم للأندية .. 11 فريقًا يودعون المونديال    رئيس الوزراء يستعرض مع رئيس "برجيل القابضة" أوجه التعاون في مجال زرع النخاع    قافلة طبية للكشف على نزلاء مستشفى الصحة النفسية في الخانكة    تحرير 153 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية في محافظة قنا ضمن زيارة ميدانية    مستغلة الحرب على إيران.. إسرائيل تشدد قيودها على القدس    «مصر للطيران» تستأنف تشغيل رحلاتها الجوية إلى دول الخليج    البطريركان أفرام الثاني ويوحنا العاشر يزوران جرحى تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية يكشف أسباب عدم التدخل الروسي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية    "حياتي ومغمراتي".. أحدث إصدارات القومي للترجمة    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    إصابة 6 أشخاص في تصادم 3 سيارات بطريق السخنة    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    فانس: قضينا على البرنامج النووي الإيراني ونأمل ألا تعيد طهران تطويره    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    الثانوية العامة 2025.. بدء امتحان الإنجليزي لطلاب STEM    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    السفير الأمريكى لدى إسرائيل يرحب بإعلان ترامب وقف إطلاق النار مع إيران    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    ذاكرة الكتب| التاريخ الأسود ل إسرائيل في اغتيال علماء الذرة العرب.. سميرة موسى نموذجًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العصابات التى تحكمنا
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 06 - 2009

أى تنظيم لأى جماعة أو فئة سياسية أو مهنية أو تجارية، هو فى الأساس تنظيم من أجل حماية مصالح هذه الجماعة أو الفئة، سواء للتعبير عن المصالح أمام الرأى العام، أو حماية لحقوقهم أو لدرء المشكلات التى تحيط بهم وكذلك لمواجهة الدولة بقوة التنظيم فى حالات التشريع وسن القوانين المتعلقة بمواقفهم السياسية أو بتفاصيل مهنتهم أو أوجه تجارتهم. والعلامة الأبرز لفلسفة أى تنظيم لجماعة أو فئة هى استخدام القوانين المنظمة للتعبير عن مصالحهم إلى جانب عدم الخروج على الشرعية التى تصوغها الدول والحكومات.
وعلى العكس تماما تكون التشكيلات العصابية، والتى تتكون أيضا لتحقيق مصالح، ولكن بطرق ينكرها القانون ووسائل ترفضها الشرعية، وهى غالبا ما تكون فى مواجهة فئات أخرى تمتهن نفس مهنتها أو تعمل فى ذات تجارتها.. ولا مانع أحيانا من استخدام قوة التشكيلات العصابية للضغط على الحكومات أو لضرب أحد رجالات الدولة أو مسئولين حكوميين، تعتقد هذه التشكيلات أنها تقف فى وجه مصالحها.
والمشهد الخفى فى مصر الآن، يكشف عن أن هناك نوعا من هذه التشكيلات العصابية فى جميع المناحى! من السياسة إلى كرة القدم.. ومن التجارة إلى الثقافة.. ومن الصناعة إلى الإعلام.. ومن السينما إلى البصل والبطاطس.. وقبلهما القمح الذى بات عنوانا ساخنا لملف سياسى وصراع عنيف قبل أن يكون تخطيطا لصناعة الرغيف.
هذه العصابات قد تكون قد بدأت بريئة فى تشكيلها، وربما نبيلة فى بعض أفكارها.. لكن فى ظل غياب رقابة الدولة، وفساد معظم أجهزة الرقابة الشعبية، ومع تعاظم مصالح كل نشاط.. تحول التحالف النبيل أو الذكى أو المشروع إلى تحالف شرير وغبى وخارج على القانون ويتعدى على الشرعية، متجاوزا للأخلاق العامة وللأعراف والتقاليد.. وكلما زادت المكاسب وتفاقمت الأرباح.. زادت هذه العصابات شراسة وغباء وغطرسة.. وأصبح ضحاياهم مساكين، لا يجدون العون من أى جهة فى هذا الوطن.. وكلما ابتعد أى شخص أو كيان عن هذا التشكيل أو ذاك.. زادت العدوان تجاهه من هذه العصابات، وأصبح هدفا سهلا يمكن الإجهاز عليه وإنهاء حاضره ومستقبله.. أيًا كانت قوة ونصاعة ماضية.
ما أتحدث عنه.. أصبح سرطانا متفشيا فى كل جنبات حياتنا وأنشطتنا.. وطبعا كلها تدور حول المكاسب الشرهة غير المشروعة، خاصة بحكم الأخلاق وقواعد المهن وشروط المنافسة التجارية.. حدث ولا حرج فى الصناعات الثقيلة والنشاطات التجارية الكبرى.. هذه أمور تحت سمع وأبصار الجميع وبحجم مكاسبها تكون شدة الصراع السياسى والمالى.. فإذا كانت بعض العصابات الأخرى تفعل ما تفعل فى السر فإن أى عصابة من عصابات الأنشطة الكبرى تفعل ذلك علانية ولا تخشى حكومة ولا تخاف من رقابة ولا يهددها عقاب، حتى لو حاولت الدولة إجهاض ما يفعلون!! فهذه ميزة العصابات: القوة والغطرسة والعقاب الذى لا يرحم..
واسألوا رجالات شرفاء من مصر لماذا خرجوا من مناصبهم ولماذا يجلسون الآن فى بيوتهم محاصرين لا حول لهم ولا قوة؟
والأمر لا يتوقف على الأنشطة الكبرى.. فحتى نشاط مثل كرة القدم ضربه هذا الفكر العصابى.. فهل يصدق أحد أن هناك خمسة أو ستة أفراد يتحكمون فى سوق بيع وشراء وانتقالات لاعبى كرة القدم.. وأصبحوا من القوة أن أندية كبرى مثل الأهلى والزمالك تخضع لهم وتنصاع لقراراتهم وفرماناتهم.. بل هناك لاعبون كبار ونجوم يخشون هؤلاء باعتبار أنهم قادرون على اعتزالهم المبكر«!» كما أن بعضهم يجنى معظم أرباح ومكاسب هؤلاء اللاعبين..
وكذلك فى صناعة السينما هناك من يرفض المشاركة فى بطولة فيلم أعجبه، لأنه يعلم جيدا أن
هناك من هو قادر على عدم إتاحة الفرصة له فى دور العرض الكبرى..
كما أن هناك أفلاما تحطمت ونجوما ضاع مستقبلها.. لمثل هذه الأسباب.
وحتى الذين يعملون فى نطاق الثقافة أصبحوا جزءا من هذه اللعبة المقيتة.. فكل من يرفض أمرا، أو يناهض سياسة بعينها للسلطة الثقافية يصبح خارج قوائم النشر والمناصب والجوائز، وربما يصبح مطاردا كذلك من دور النشر الخاصة التى تربطها مصالح مع السلطة الثقافية.. واسألوا لماذا ينشر بعض أعلام الأدب والفكر فى بلادنا أعمالهم على نفقاتهم الخاصة؟
أما أسوأ هذه التشكيلات العصابية.. فهى التشكيلات التى تكونت فى وسائل الإعلام.. العامة والخاصة.. المطبوعة والمرئية.. لأن هذه العصابات الإعلامية لا تعمل فقط من أجل مصالحها، بل هى شريكة فى جميع التشكيلات العصابية الأخرى.. فهى تسمح لهم بممارسة إجرامها من دون اعتراض، بل وتصل الأمور فى بعض الأحيان إلى تحية هذه العصابات وتكريمها وتشجيعها.. أما المذهل فى الأمر فهو أن بعض أفراد مجموعات الإعلام هذه يدركون جيدا، بل ويعترفون صراحة بأن مصالحهم صغيرة ومكاسبهم ضئيلة أمام الذين يمثلونهم ويحافظون على مصالحهم..
فالأرقام باتت تتجاوز الأصفار التسعة «مليارات».. وأصبح هؤلاء بكل أسف وخجل أبطال هذا المجتمع ورموزه المشرفة ونجومه المشرقة، ونماذجه التى يجب أن تتكرر وتعم البلاد وتصبح كاتالوج كل شاب يبدأ فى البحث عن مستقبله.
عشت حياتى أرى الاعوجاج فى نظام الحكم..
والفساد فى أجهزة الدولة.. والتخاذل والتكاسل فى أركان الحكومة.. وكنت أرى فى ذلك الخطر كل الخطر الذى يحيق بالبلاد.. والآن مضطرا أرى هذا الحكم ضعيفا.. مهلهلا خائفا وجبانا فى مواجهة بعض تلك العصابات.. فهناك مِن بين الذين يحكموننا يعرفون جيدا ما أقول.. ويتمنون نهاية عصر هذه العصابات التى تحيق بالبلاد شرا مبينا..
لكنهم أيضا مثلنا لا حول لهم ولا قوة.. إلا بأضعف الإيمان.. بالكلمات الغاضبة.
أما لهذا البلد من رجال قادرين على وأد هذه العصابات؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.