أكد أسامة صالح رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن تسوية المنازعات بين الدولة والمستثمرين تمثل خطوة مهمة على طريق الارتقاء ببيئة الاستثمار في مصر. وأشار صالح إلى خطورة المنازعات التي تنشأ بين المستثمر والدول المضيفة سواء كانت ناتجة عن عقود أو اتفاقات استثمار دولية حتى باتت تعد أحد أهم التحديات التي تواجه تفعيل دور الاستثمار الأجنبي المباشر في عملية التنمية المستدامة، نظرا لما ينتج عنها من تأثيرات سلبية تهز ثقة المستثمر في بيئة الاستثمار بالدول محل النزاع، فضلا عما تتحمله الدولة من أعباء مالية كبيرة فى حال صدور قرارات التحكيم الدولي بتعويض المستثمر الأجنبي نظير الخسائر التي لحقت باستثماراته.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمتها الهيئة العامة للاستثمار بالتنسيق مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا بالأمم المتحدة (إسكوا) حول تسوية المنازعات الناشئة بين الدولة والمستثمرين فيى ضوء أحكام الاتفاقيات الودية والقضائية. وأوضح أسامة صالح أن الجهود الحثيثة التي تبذلها مصر لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة خلال المرحلة الراهنة تتطلب شفافية تامة في تنفيذ التزامات الدولة تجاه المستثمرين الأجانب، بما لا يتعارض مع حماية مصالحها الوطنية وحقوق المواطنين.
ولفت إلى أن من أهم الآليات التي تتبعها الدولة لتسوية منازعات الاستثمار، الاتجاه لتضمين اتفاقات تشجيع وحماية الاستثمار، التي تبرمها مصر لعدد من الوسائل المناسبة والمرنة لتسوية منازعات الاستثمار من خلال إعطاء الأولوية لوسائل التسوية الودية، ومراجعة النزاع من خلال الإجراءات الإدارية الداخلية بالدولة المضيفة، وذلك قبل طرح عدة خيارات أمام المستثمر لتسوية المنازعات سواء أمام المحاكم الوطنية أو التحكيم الدولى بصوره المختلفة، سواء كان التحكيم الحر أو المؤسسى.
وقال أسامة صالح رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة إن عدد طلبات التسوية التي تم البت فيها، في إطار لجنة تسوية منازعات الاستثمار بالهيئة العامة للاستثمار، خلال الفترة من 1 يوليو 2009 وحتى 10 يناير 2012 يقدر بحوالي 24 من أصل 54 طلبا ورد للهيئة خلال ذات الفترة.
وأضاف أن من بين آليات تسوية المنازعات إعادة تشكيل اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار والتي تختص بالنظر في الطلبات والشكاوى التي يقدمها المستثمرون فيما ينشأ من منازعات بينهم وبين الجهات الإدارية، ويرأس اللجنة وزير العدل وتضم في عضويتها الوزراء المختصين ورئيس الهيئة العامة للاستثمار.
وأوضح أن عدد الطلبات التي وردت بعد أحداث الثورة إلى الأمانة الفنية للجنة، ومقرها هيئة الاستثمار، بلغ 186 طلبا، عرض 118 منها على اللجنة وتم البت فيها جميعا، فيما عدا ثلاث حالات. وأكد أن جهود الدولة لتسوية منازعات الاستثمار تضاعفت مؤخرا بإنشاء لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء في 7 أغسطس 2011 للنظر في المنازعات الناشئة عن العقود المبرمة بين المستثمرين والجهات التابعة للدولة، بهدف الوصول إلى تسوية ودية لتلك النزاعات على أساس واضح يحترم سيادة القانون ويحافظ على المال العام .. مضيفا أنه في حال وصول اللجنة مع مختلف الأطراف إلى تسوية ودية نهائية، تكون واجبة النفاذ وملزمة بعد اعتمادها من مجلس الوزراء.
وأكد أسامة صالح رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة الانتهاء من تعديل قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، بإضافة مواد جديدة في يناير 2012، تسمح بجواز التصالح مع المستثمر في بعض الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات المصري، والتي ترتكب منه بصفته أو بشخصه أو التي اشترك في ارتكابها، وذلك في نطاق مباشرة الأنشطة المنصوص عليها في قانون الاستثمار، وفي أي حالة تكون عليها الدعوى الجنائية قبل صدور الحكم البات فيها.
وشدد على أهمية إقامة هذه الفعالية في ظل الظروف الاستثنائية الحالية والتغيرات التي تمر بها معظم دول المنطقة وتطال مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما يضاعف من أهمية عودة رأس المال العربي، ويتطلب ضرورة العمل على تسوية منازعات الاستثمار، خاصة تلك التي ترتبت على الأحداث الأخيرة، وذلك بهدف تدارك تأثيرها المحتمل على مناخ الاستثمار خاصة على المدى القصير.
يشارك في ورشة العمل التي تختتم أعمالها نهاية الأسبوع الجاري أكثر من 50 مسئولا حكوميا مصريا من الجهات المعنية بتسوية منازعات الاستثمار، وهي رئاسة مجلس الوزراء، ووزارت العدل والخارجية والمالية والصناعة والتجارة الخارجية والتنمية المحلية، بالإضافة إلى نخبة من مسئولي اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا بالأمم المتحدة التي تضم 13 دولة عربية من بينها مصر.