"حين نتأمل الصراعات التي تجتاح العالم دون استثناء سنجد أن أساسها الأول هو الاختلاف في الفكر والرأي" . هكذا يستهل الدكتور سليمان العسكري مقاله الشهري في مجلة "العربي"؛ مفتتحا به العدد الجديد الصادر في شهر مارس، ليعرج على سؤال مهم مضمونه هو: لماذا لا تصبح ثقافة الأمة الواحدة وطنا للهويات المختلفة لتأتلف جميعا تحت سقف الثقافة باعتبارها الهوية الأكبر؟، موضحا أن الاختلاف والصراع حوله ليس نبتا عربيا إسلاميا، كما تحاول كثير من القوى - في الغرب خصوصا- الترويج له والتأكيد عليه، إنما هو جين أصيل في الجنس البشري على مر الأزمان. ويضيف رئيس تحرير "العربي": "إذا كنا ندعو الى دولة غير دينية - بمعنى عدم استخدام الدين في السياسة - فعلينا أن نعترف بأن الديمقراطية أكثر من مجرد مسوغ للاحتفاء بالاختلاف، لأن الديمقراطية نظام سياسي يشتمل على الثقة المتبادلة والالتزامات الأخلاقية في المجتمع دون تمييز" .
ويختتم العسكري مقاله بدعوة الثقافة لتكون وطنا حاميا للتعدد والاختلاف، مشددا على أن تكون الدولة الحرة المدنية الديمقراطية حاضنة للهويات المختلفة، "فالوحدة في التنوع، واحترام التعدد الثقافي يمثل وطنا أكبر يحمي هذا التنوع".
وقريبا من نفس الموضوع، تنشر العربي مقالين في محور بعنوان "الثقافة والإنسان"؛ أولهما بعنوان "الإنسان كائن ثقافي بالطبع" لمحمود الذوادي، بينما يكتب الموضوع الثاني الدكتور عبدالله الجسمي بعنوان "الثقافات التقليدية عائق أمام نهوض ثقافي عربي"، يفند فيه معوقات النهضة من عناصر الثقافات التقليدية عربيا، طارحا البدائل باعتبار أن عملية النهوض أساسها ثقافي؛ "فالثقافة السائدة في مجتمع ما تعكس طبيعة قيم المجتمع وتخلق البيئة التي تحتضن عملية التغيير واذا لم نستطع تجاوز الثقافات التقليدية وما تحتويه من قيم تعيق النهوض الثقافي فلن يكون هناك تغيير حقيقي في مجتمعاتنا".
ويكتب أحمد بيضون في العدد الجديد من مجلة "العربي" مقالا لافتا عن الاقتصاد الحديث في عصر العولمة بعنوان "الاقتصاد والعولمة بين المتاجر الكبرى والطوائف".
يتضمن العدد في باب الاستطلاعات الشهري تحقيقا مصورا من مدينة طنجة المغربية كتبه إبراهيم فرغلي وصوره رضا القلاف، يرصد المدينة على حافة مرحلة تغير مهمة بعد تدشين مينائها الجديد "ميناء طنجة المتوسط" الذي ينافس موانيء أوربا، خصوصا إسبانيا، من حيث عمقه ومساحته الشاسعة وأرصفته المتعددة، والذي تسبب في خلق فرص عمل هائلة جديدة لأهل المنطقة ولسكان المغرب بشكل عام، حيث يلتقي المحرر مدير الميناء المهندس حسن عبقار ويتعرف منه على كافة التفاصيل الخاصة بتشغيل الميناء الذي يعد جسرا مهما بين إفريقيا وأوربا .
كما يتضمن التحقيق جولة واسعة في مدينة طنجة وأهم معالمها الثقافية والحضارية، إضافة إلى لقاء مع الكاتب المغربي الطاهر بن جلون الذي صادف وجوده في طنجة أثناء وجود فريق "العربي" هناك. في باب "وجها لوجه" يلتقي الدكتور محمد مراد الدكتور مسعود ضاهر؛ المؤرخ والأكاديمي اللبناني؛ ويجري معه حوارا موسعا حول رؤى ضاهر لتاريخ لبنان السياسي والاجتماعي بما يتضمنه ذلك من علاقة بالطائفية وجذورها، ملقيا الضوء في الوقت نفسه حول أهم المدارس الأكاديمية في دراسة تاريخ لبنان .
ويلقي الضوء على مشروعات النهضة العربية في القرن الماضي وآفاقها .ويكتب عمار السواد مقالا حول مؤسسوا الحركة الفلسفية في العصر العربي الحديث، ويرصد فيه بذور نشأة الفلسفة الغربية مقارنا بينها وبين تاخر هذه النشأة كما وكيفا في الثقافة العربية.
وتخصص مجلة "العربي" في عددها الجديد ملفا موسعا عن فارس الصحافة الكويتية الراحل محمد مساعد الصالح، ويضم كلمة للدكتور سليمان العسكري بعنوان "فارس الكلمة المباشرة"، ويكتب عبدالوهاب بدرخان "بين عروبيته وكويتيته"، كما يشارك في الملف كل من خليل حيدر بمقال بعنوان "أبو طلال وزاوية الله بالخير".
ويكتب حمزة العليان شهادة عن الصالح مهنيا وإنسانيا بعنوان "ابن المهنة وأشياء أخرى". في زاوية "مرفأ الذاكرة" يكتب الكاتب اليمني علي هاشم علي موضوعا بعنوان "تعز هاشم علي، خصوصية الاختيار"، مركزا على علاقة الفنان هاشم علي عبدالله - بوصفه مؤسس الفن التشكيلي الحديث في اليمن - بمدينة تعز، والتي منحت للمدينة فرقا كبيرا على حد قوله .
وفي رثاء الراحل الكاتب الروائي المصري خيري شلبي تنشر "العربي" مقالا للدكتور علاء عبد المنعم إبراهيم حول أثر الثقافة الشعبية في إبداع خيري شلبي .
وفي الفن التشكيلي يكتب أشرف ابو اليزيد موضوعا بعنوان "رسامو اللحظات الهاربة"؛ وفيه يلقي الضوء على عدد من أبرز تجارب الفنانين الذين تجدهم يقتنصون لحظة من لحظات الحياة الهاربة في اسكتشات سريعة لنقلها فنا وتوثيقها، في عدد من دول العالم ممن خبرهم وتعرف إليهم كاتب المقال في عدد من رحلاته.
وتختار الأكاديمية اللبنانية المختصة في المسرح الدكتورة وطفاء حمادي، موضوع التحولات السياسية الجديدة في العالم العربي، الذي يشهد ثورات وانتفاضات هائلة من شرقه إلى غربه عبر نظرة نقدية لإنتاج المسرح العربي الشاب في السنوات الأخيرة كمعبر فني مهم عن هذه التحولات الفكرية .
ويكتب محمود قاسم عن سينما العرب الناطقة بالفرنسية بين الغربة والإبداع، عبر رصد لعدد من التجارب الناجحة في المهجر العربي في أوروبا. وتختار القصص الفائزة لهذا العدد في "قصص على الهواء" بالاشتراك مع البي بي سي الكاتبة سلوى بكر .ومع العدد ملحق "البيت العربي" الذي يضم عددا من الموضوعات المهمة في الأزياء والفنون والطب والتربية والفنون والعمارة.