هاهو ضمير الكاتب والمثقف يتجلى فى كتاب ينشر بعد وفاته بنحو أربعة أعوام ليبوح ويليام وارتون بأسرار خطيرة عن جرائم قتل أرتكبها رفاقه من الجنود الأمريكيين فى الحرب العالمية الثانية ضد أسرى ألمان. كأن عنوان الكتاب او السيرة الذاتية "شظايا..حكايات لم ترو" أختاره الكاتب الراحل ويليام وارتون بعناية ليكون الكتاب مثل قنبلة تنفجر شظاياها وتدين هؤلاء الذين تورطوا فى جرائم حرب أسدلت عليها استار كثيفة من الكتمان.
وفى هذه السيرة الذاتية يروى الكاتب الشهير ويليام وارتون وقائع مخزية عندما قام جنود امريكيون فى وحدته العسكرية بقتل اسرى حرب ألمان، وكأنه يريد أن يريح ضميره حتى بكتاب لن يصدر الأ بعد رحيله عن الحياة الدنيا.
وفى سياق هذه الذكريات الأليمة التى تنشر لأول مرة بالانجليزية، يعترف ويليام وارتون بأنه لم يكن بمقدوره أن يتحدث عن هذه الوقائع حتى مع أبنائه الأربعة، كما يقر بأنه لايملك أن يعفى نفسه من مسؤولية التورط بصورة غير مباشرة فى قتل هؤلاء الأسرى الألمان، الذين كانوا فى عهدته وتحت مسؤوليته رغم أنه لم يشترك مباشرة فى هذه الجرائم .
وويليام وارتون هو صاحب قصة "هاجس الطيور"، التى كانت قصته الأولى وتحولت الى فيلم سينمائى بعنوان "بيردى" عن صديقين يعودان للوطن الأمريكى من حرب فيتنام، فيما يعانى احدهما من إضطرابات نفسية بعد أن تسلط عليه هاجس التحول الى طائر.
ويوضح وارتون أنه خاض صراعا داخليا عنيفا، وتمزقت نفسه طويلا بين كشف ماجرى من جرائم أمريكية فى الحرب العالمية الثانية أو حجبها خاصة وأنها حجبت طويلا مع السنين، غير أنه قرر فى نهاية المطاف أن يقول كلمته للتاريخ والأجيال ضمن سيرة ذاتية عن حياته تنشر بعد مماته.
وأعتبر نقاد أن الكتاب الجديد "شظايا..حكايات لم ترو" من أفضل كتب الذكريات عن الحروب، مشيرين بأن ويليام وارتون سجل فيما يبدو ضمن أوراقه الخاصة بكل دقة وقائع مشاركته فى الحرب العالمية الثانية، حيث كان ضمن قوات أمريكية حاربت على جبهة فرنسا كما أصيب بجراح بليغة.
وكتب وارتون قصته الأولى وهو فى الثالثة والخمسين من عمره، وكأن الأقدار قررت مكافأته على أبداعه الذى بقى طويلا حبيس السنين ليحظى الفيلم، الذى أعتمد على هذه القصة وأخرجه آلان باركر بشهرة كبيرة وجوائز سينمائية فيما كانت القصة ذاتها قد حققت مبيعات عالية للغاية.
ولم يكتف وارتون بمجد الكتابة، وأن يكون من بين معجبيه ككاتب الروائية البريطانية الحائزة على جائزة نوبل دوريس ليسينج، وأنما أتجه أيضا للرسم والتصوير ،ليصيب حظا لايقل عن حظوظه فى القصص والروايات حتى رحيله يوم الثلاثين من اكتوبر عام 2008.
ومع شهرته الطاغية فى الولاياتالمتحدة-فان حضوره الابداعى امتد بعيدا لدول فى اوروبا الشرقية مثل بولندا فيما تستعد بريطانيا لطبع اعماله الكاملة التى تشمل ثمانى قصص وروايات فضلا عن كتابين خارج نطاق الأعمال الابداعية .