كيف تلتحق ببرنامج «سفراء الذكاء الاصطناعي» من «الاتصالات» ؟    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    الاحصاء :بمناسبة اليوم العالمي للأسرة 26.5 مليون أسرة في مصر    محافظ الوادي الجديد : الاستمرار في تقديم سبل الدعم والتيسيرات للمزارعين    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    التأمينات الاجتماعية تقدم بوكيه ورد للفنان عبدالرحمن أبو زهرة تقديرًا لمكانته الفنية والإنسانية    ترامب يزور جامع الشيخ زايد خلال وجوده بالإمارات    تركيا: هناك محرقة تحدث الآن أمام البشرية جمعاء في غزة    باكستان تعلن تمديد وقف إطلاق النار مع الهند    النيابة تحيل رئيسة اللجنة الطبية باتحاد الكاراتيه وعدد من المسؤولين للجنايات    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    حبس طالب وفرد أمن فى واقعة محاولة الامتحان بدلا من رمضان صبحى 4 أيام    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    بعد منعهما من الغناء.. «الموسيقيين» تعلن عن قرار جديد بشأن رضا البحراوي وحمو بيكا    طرح الإعلان التشويقي لفيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» قبل عرضه بمهرجان كان السينمائي    أمام يسرا.. ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة فيلم «الست لما»    بروتوكول تعاون لتدريب الصيادلة على معايير الجودة    لن تفقد الوزن بدونها- 9 أطعمة أساسية في الرجيم    محافظ الجيزة يكرم 280 عاملا متميزا بمختلف القطاعات    ضمن خطة تطوير الخط الأول للمترو.. تفاصيل وصول أول قطار مكيف من صفقة 55 قطارًا فرنسيًا    الاحتلال الإسرائيلى يواصل حصار قريتين فلسطينيتين بعد مقتل مُستوطنة فى الضفة    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    ماريسكا: جيمس جاهز لقمة اليونايتد وجاكسون أعترف بخطأه    وزير السياحة يبحث المنظومة الجديدة للحصول على التأشيرة الاضطرارية بمنافذ الوصول الجوية    جامعة حلوان تطلق ملتقى لتمكين طالبات علوم الرياضة وربطهن بسوق العمل    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    متحف شرم الشيخ يستقبل زواره الأحد المقبل مجانًا -صور    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    البدري: أشكر الرئيس السيسي ولم أفسخ عقدي مع أهلي طرابلس    محسن صالح يكشف لأول مرة تفاصيل الصدام بين حسام غالي وكولر    افتتاح جلسة "مستقبل المستشفيات الجامعية" ضمن فعاليات المؤتمر الدولي السنوي الثالث عشر لجامعة عين شمس    محافظ الإسكندرية يشهد ندوة توعوية موسعة حول الوقاية والعلاج بديوان المحافظة    "فشل في اغتصابها فقتلها".. تفاصيل قضية "فتاة البراجيل" ضحية ابن عمتها    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    عامل بمغسلة يهتك عرض طفلة داخل عقار سكني في بولاق الدكرور    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    تشكيل منتخب مصر تحت 16 سنة أمام بولندا فى دورة الاتحاد الأوروبى للتطوير    ترامب: الولايات المتحدة تجري مفاوضات جادة جدا مع إيران من أجل التوصل لسلام طويل الأمد    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    تعديل قرار تعيين عدداً من القضاة لمحاكم استئناف أسيوط وقنا    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    حظك اليوم الخميس 15 مايو وتوقعات الأبراج    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضيحة جنسية لقبطى ومسلمة تعيد أجواء الفتنة إلى مصر
الطرق وعرة وبلا إنارة ولا يوجد قسم شرطة أو تواجد أمنى المظاهر الدينية تغلب على القرية..
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 02 - 2012

تقصى حقيقة ما جرى فى قرية «شربات» بمنطقة النهضة بالعامرية غرب الإسكندرية لم يكن سهلا، فالأقاويل تتردد، والقصة باتت تُربة خصبة للكثير من الشائعات، والتى تسببت فى إثارة أجواء فتنة بين مسلمين ومسيحيين، رغم أن ملخص الأزمة يكمن فى علاقة جنسية فاضحة بين رجل وامرأة، ولكن دخل الدين كطرف دون داعٍ.

الروايات تؤكد أن الأزمة اشتعلت وأخذت حيزا كبيرا بسبب تورط شاب مسيحى فى علاقة غير شرعية مع سيدة مسلمة من القرية، وأن الشاب استطاع تصوير إحدى لقاءاته الحميمية مع السيدة على هاتفه المحمول، فانتهى الأمر إلى جلسات عرفية وتهجير أسر قبطية وإحراق عدد من المنازل وآلاف غاضبين وإصابة قريبة بأكملها بحالة ذعر.

إذا كنت من داخل مدينة الإسكندرية وتريد أن تصل إلى قرية شربات القابعة داخل قرى النهضة بالعامرية غرب المحافظة، فأنت على موعد مع المعاناة، فالطريق يدفعك إلى القلق ولاسيما إذا لم تكن من سكان المنطقة، شديد الوعورة وبلا إنارة ليلا، ويشبه إلى حد كبير المتاهة، ومن ثم فإن كل الاحتمالات السيئة واردة.

وصلت «الشروق» إلى قرية شربات بصعوبة بالغة، السيارة التى نستقلها كانت تشق طريقها إلى الداخل وسط ملاحقة عيون أهل القرية، أغلب المنشآت التى مررنا بها بسيطة، ولكن ما لفت انتباهنا هو حجم الكتابات الدينية والملصقات الدعائية الخاصة بحزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، وأغلب رجال القرية ملتحون ونساؤها إما منتقبات أو يلبسن الحجاب الفضفاض، وعلى أحد جدران البيوت وجدنا لافتة تحث أهل القرية للتبرع بأموالهم ل«بيت مال المسلمين».

كانت الأجواء هادئة تماما وحاولنا بقدر الإمكان عدم لفت الانتباه، ولاسيما حينما وجدنا آثار حريق بعدد من البيوت والمحال، توقفنا عند المنزل المحترق لاستقصاء طبيعة الأمر بهدوء، ولكن سرعان ما شهدنا حالة استنفار من الأهالى عقب ظهور عدسات كاميرا مصور «الشروق»، وسمعنا عبارة ترددت على لسان العشرات: «إنت بتصور إيه؟»، «حرام عليكم، الإعلام هو اللى خرب البلد»، فحاولنا استيعاب حالة الغضب المفاجئة، وتفسير سبب وجودنا للأهالى.

الغضب والانفعال بدا واضحا على من تحدثوا معنا على قارعة الطريق أمام المنزل المحترق، وجميعهم كان يردد عبارة: «إنتم مشوفتوش اللى حصل فينا»، فانصرفنا من أمام المنزل ونحن على اعتقاد بأن السبب فى حالة الغليان هو انتشار مقطع الفيديو بين أهالى القرية التى بدت للوهلة الأولى نموذجا مصغرا لمدينة قندهار الأفغانية.

ابتعدنا عن ضجيج الشارع فى محاولة منا لمعرفة الحقيقة على لسان أصحابها، سألنا فى البداية عن عائلة أبسخرون خليل سليمان، صاحب المنزل المحترق، خاصة أنه لم يكن له علاقة بالواقعة برمتها، وعلمنا أنه غادر القرية ويمكث لدى أصدقاء مسلمين له بإحدى القرى المجاورة.

أثناء تجولنا فى القرية، علمنا أن بيت الشاب المسيحى المفجر الرئيسى للأزمة موجود أيضا هناك، فقررنا أن نبدأ بسماع القصة على لسان أسرة مسيحية، وأخرى مسلمة للوقوف على طبيعة ما حدث.

ذهبنا إلى بيت العائلة المسلمة والتقينا هناك برمضان محمد إبراهيم منصور، 42 عاما، يعمل بالزراعة كباقى سكان القرية، وأول سؤال بدر إلى أذهاننا عن تلك المظاهر الإسلامية الموجودة داخل القرية؟

أوضح رمضان أن قرية شربات تعتبر ضمن قرى النهضة، ويتبعها أيضا 33 قرية و7 نجوع، وأن غالبية السكان يشتغلون بالزراعة بعد أن حصلوا على حق استغلال بزراعة الأراضى من الجيش منذ ما يقرب من 40 عاما.

وأشار إلى أن غالبية أهل القرى بالنهضة مسلمون، مقابل نحو 20% من الأقباط، والجميع يعيشون بسلام دون أى مشاكل، حيث طبيعة المجتمعات الريفية التى تجعل الجميع ضمن نسيج واحد، وأن قرية شربات لم تشهد أى أحداث طائفية، مفسرا ما رصدته «الشروق» من المظاهر الإسلامية المتعددة إلى طبيعة المجتمع الريفى المحافظ، والتى جعلته يرتكز على زراعة أرضه، والاهتمام بالدين والأخلاق والقيم.

وقال رمضان إن قرية النهضة قبل الثورة لم تكن تعرف الأحزاب الدينية أو الليبرالية، فلا تعرف إلا حزبا واحدا هو لقمة العيش، وأن الفلاحين وأغلبهم من العرب والصعايدة ظلوا بعيدين تماما عن السياسة خوفا من الملاحقة الأمنية والاعتقال، وأضاف: «بعد الثورة ظهر حزبا النور السلفى والحرية والعدالة، وبدأ الفلاحون يشاركون فى الحياة السياسية من أجل بناء مستقبل أفضل لهم».

سألت «الشروق»: هل يوجد قسم شرطة فى القرية؟ فضحكت عائلة رمضان وكأننا روينا لهم إحدى النكات، وأكدوا لنا أن قرى النهضة معزولة عن الدولة تماما، ولا يوجد بها وجود أمنى طيلة السنوات الماضية، وكان يتم الاحتكام عند أى مشكلة إلى الجلسات العرفية.

وأشارت العائلة إلى أنه حتى فى جرائم القتل كان يتم اللجوء إلى عقد الجلسات العرفية، وقالوا إن معظم أهالى قرى النهضة يحملون أسلحة فى بيوتهم بغرض الدفاع عن أنفسهم، بعد أن أسقطتهم الدولة من حساباتها فى ظل عصر مبارك.

حاولنا أن نعرف عبر شهادات لأسرة رمضان ونحن نجلس فى منزله وسط أسرته، طبيعة الأزمة الأخيرة وكيف تفجرت فجأة، قال رمضان: «المصادفة وحدها هى التى كشفت عن الأمر، فالمتهم الرئيسى ويدعى مراد سامى جرجس، يعمل ترزيا، وكان يحتفظ بمقطع فيديو إباحى على هاتفه المحمول مع سيدة مسلمة بالقرية»، وأكد أن محمود الحلاق صديق مراد شاهد مقطع الفيديو العام الماضى ويظهر فيه مراد دون أن يتمكن من التعرف وقتها على السيدة، أو الحصول على المقطع.

وتابع: «هذا العام استطاع الحلاق الحصول على مقطع الفيديو وتمكن من التعرف على السيدة صاحبة الفيديو، وأخبر مراد فى رسالة على هاتفه بأنه كشف العلاقة، وطالبه بدفع 50 ألف جنيه لعدم فضحه».

وأضاف: «مراد قام بإخبار صديقين مسلمين له للتوسط لدى محمود الحلاق دون أن يطلعهما على حقيقة مقطع الفيديو، وانتهت الوساطة إلى أن يدفع الترزى مبلغ 5 آلاف جنيه لإنهاء الأمر، ثم تراجع محمود الحلاق وأطلع أصدقاء الترزى على حقيقة الفيديو، وشاهدوه سويا، ومنذ هذه اللحظة بدأ الخبر عن العلاقة غير الشرعية ينتشر فى القرية بسرعة البرق».

ويروى رمضان أنه فى يوم الخميس 26 يناير الماضى، كانت القرية بكاملها قد علمت بالأمر ليلا، فقام كبار القرية بالذهاب إلى منزل أبسخرون خليل سليمان، وهو أحد كبار العائلات المسيحية بالقرية ويحظى باحترام الجميع بسبب أعماله الخيرية، وكانوا يلقبونه بأبوسليمان، إلا أنه رفض التدخل فى القضية، مشددا على ضرورة محاسبة كل من أخطأ ولكن دون أن يحاول إقحام نفسه».

يأخذ ربيع جابر، أحد جيران مراد الحلاق، أطراف الحديث ويكمل روايته ل«الشروق» قائلا: «توالت المفاجآت بعدها، حيث علمنا أن كبار عائلات القرية اتصلوا بمصدر أمنى بمديرية أمن الإسكندرية وأبلغوه بالواقعة، فقام بإرسال فريق من مباحث قسم العامرية التى طلبت من مراد وصديقه محمود تسليم أنفسهما لحمايتهما، وهو ما حدث بالفعل فضلا عن التحفظ على تليفوناتهما».

وأكد جابر أن مقطع الفيديو لم يره أحد من القرية حتى الآن سوى مراد ومحمود والوسيطين اللذين رفضا أن يتحدثا فى الأمر، بعد تدخلت مديرية أمن الإسكندرية ليغلق بذلك الباب نهائيا.

وأضاف: «بالرغم أن أهل القرية لم تر مقطع الفيديو إلا أن الأقاويل والشائعات أخذت تنتشر كالنار فى الهشيم، وأخذ الكثيرون يرددون أسماء متعددة لسيدات أخريات ليختلط بعدها الحق بالباطل».

ولمعرفة حقيقة ما دار يوم الجمعة 27 يناير حاولنا رصد كل ما ورد فى المحاضر الرسمية والشهادات، والتقرير الذى أعدته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لتقصى حقيقة ما جرى، ووفقا لما جاء بنص نتائج تحقيق المبادرة المصرية فقد تجمع عشرات من الشباب المسلم بالقرية أمام منزل سامى جرجس، والد مراد، وطلبوا منه وأسرته مغادرة القرية فورا ودون حمل أى متعلقات بحجة وجود مقطع فيديو لعلاقة جنسية تجمع بين ابنه وسيدة مسلمة بالقرية.

وفى صباح اليوم نفسه جرت اتصالات بين رؤساء العائلات المسيحية والمسلمة بالقرية فى محاولة للتهدئة والاحتكام للقانون مع اتخاذ قرار بتهجير أسرة المسيحى، إلا أن التجمعات أمام منزل سامى جرجس سرعان ما تزايدت لتصل لعدة آلاف من مسلمى القرية والقرى المجاورة وأخذوا يرددون هتافات دينية وهم يحملون حجارة وعصى وزجاجات مولوتوف وأسلحة بيضاء ونارية.

ووفقا لما جاء على لسان شهود عيان فقد قام أنصار من حزبى النور السلفى والحرية والعدالة بتشكيل دروع بشرية حول منزل سامى جرجس، وطلبوا منه إغلاق المنزل والصعود مع باقى أفراد أسرته للأدوار العليا، وحاولت الجموع الغاضبة من المسلمين تحطيم البوابة الحديدية للمنزل لكنها فشلت، فبدأت برشقه بالحجارة، ثم حطمت أبواب محلين تجاريين أسفل المنزل وقامت بحرق كل ما فيهما بالكامل، وهما مشغل تفصيل ملابس وبيع أقمشة مملوك لمراد سامى جرجس، والثانى محل لبيع أفلام فيديو ملك لشقيقه الأصغر وليد، بينما انتشرت شائعات عن حرق محل قطع غيار سيارات لشقيقهم الثالث، إلا أنه تبين عدم صحة ذلك لوجود محاله بالإسكندرية.

كان يمكن تفسير الهجوم على منزل المتهم الرئيسى مراد جرجس، ولكن الغامض كان سبب الهجوم وإحراق منزل أبسخرون رغم أن الجميع كان يكن له التقدير والاحترام، فضلا عن عدم علاقته بالأزمة ورفضه التدخل فيها، ووجدنا روايتين مختلفتين للأحداث.

الرواية الأولى جاءت على لسان مسلمين وأكدوا فيها أنهم أثناء وجودهم أمام منزل مراد، فوجئوا بقيام لويس أبسخرون بإطلاق عدة أعيرة نارية من سلاح يملكه، وهو ما اعتبروه وفقا لأعرافهم يمثل إهانة كبيرة لهم، وأشار شهود العيان إلى أن الجميع كان يعلم أن عائلة أبسخرون ليست طرفا فى المشكلة، ولكنهم اعتبروا أن الأعيرة النارية التى أطلقت تمثل تهديدا لهم، فبادلوه إطلاق النيران، وأشعل بعض الغاضبين النيران فى منزله ومحال أبسخرون.

الرواية الثانية جاءت على شقيقه عادل أبسخرون والذى نفى ل«الشروق» إطلاق سليمان أعيره نارية من أعلى منزلهم، وأنه عندما وصل الأمر إلى طريق مسدود بين الأهالى والمتهم فى العلاقة الجنسية، طلب منهم جيران المنطقة أن يقوموا بإغلاق محلاتهم وأبواب منازلهم وهو ما استجابوا له بالفعل.

وتساءل عادل: «كيف يُعقل أن يقوم شقيقى بإطلاق أعيرة نارية فى تلك الظروف؟»، مؤكدا أن سليمان أطلق النيران فقط عندما اقتحم عدد من المسلمين الغاضبين منزله، فحاول الدفاع عن نفسه ولاسيما أن ذلك منزل العائلة ويوجد فيه زوجاتهم وأطفالهم.

وأضاف: «ما حدث لنا كان أمر صعبا ولاسيما أن كل أهل القرية يعرفوننا جيدا ويعلمون أننا لسنا طرفا فى المشكلة، ويكفى أن من قام بإخراجنا من المنزل قبل أن نحترق بداخله هم جيراننا المسلمون، ومن نسكن عندهم الآن هم جيراننا المسلمين أيضا».

وأكد عادل أن هناك من يحاول إشعال الفتنة وأنه قد سمع عدد كبير من الأشخاص يقول إن المسلمين الذين أخرجوه وأسرته من القرية تلقوا أموالا لذلك، وهو أمر يكشف كيف يختلق هؤلاء القصص والشائعات.

ووفق ما رصدته «الشروق» فإن الأجهزة الأمنية والجيش كان لديها علم بالواقعة، فى الوقت الذى ترابض فيه وحدة خاصة لتأمين شركة البتروكيماويات القريبة من قرى النهضة، إلا أن الأمن والجيش ارتكبا خطأ مشتركا بعدم التأمين.

وأكد تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن أقباط القرية وعددا من القيادات الكنسية أجرت اتصالات مع المسئولين الأمنيين من الشرطة والجيش والقيادات التنفيذية والمطافئ لسرعة التدخل.

ووفقا لإفادات متنوعة، فإن قوات الأمن وصلت للقرية متأخرة ولم تتدخل إلا بعد التاسعة مساء اليوم نفسه، بعد أن أتت النيران على عدد من المنازل، بينما منع أهالى مسلمون قوات الدفاع المدنى من الدخول للمنازل المشتعلة لإطفاء الحرائق، ولم يسمح لها بالقيام بدورها إلا فى اليوم التالى للأحداث، بحسب تقرير المبادرة.

وفور انتهاء الاعتداءات شكّل عدد من المسلمين لجانا شعبية لحماية منازل جيرانهم المسيحيين سواء الذين تركوا منهم القرية أو الذين ظلوا داخل منازلهم خوفا من إحراقها، على حد قول عدد منهم.

ولتحديد حجم الخسائر أخبرنا القمص بقطر ناشد، راعى كنيسة مارى جرجس بالنهضة، أن النيران التهمت منزل أبسخرون خليل سليمان بالكامل، وكذلك منزل دهشور أندراوس وشقيقه السبع أندراوس، كما تعرضت منازل عدد من الأقباط مملوكة لجرجس رشاد وسمير رشاد وسامى جرجس للإتلاف نتيجة الرشق بالحجارة ومحاولات الاقتحام.

وكشف القمص أنه كان أحد أعضاء الجلسة العرفية التى طالبت برحيل مراد سامى جرجس من القرية عقابا له بعد إدانته بالفضيحة الجنسية، ولكن ما حدث مع عائلة أبسخرون وعائلات أخرى لم ترتكب أى ذنب وهو كان جوهر القضية.

وعقدت جلستان عرفيتان حضر خلالهما أسامة الفولى، محافظ الإسكندرية ومدير الأمن وعدد من أعضاء مجلس الشعب من حزبى الحرية والعدالة والنور للقرية، ومن أبرزهم عصام حسانين وأحمد عبدالحميد الشريف وممثلون عن الأقباط وهم نادر مرقص وكيل المجلس الملى، والقس بقطر ناشد، وتم الاتفاق فى الجلسة الأولى على محاكمة مراد سامى جرجس ورحيل عائلته التى تضم والده وأخاه رومانى وأسرتيهما، كما تم عقد جلسه أخرى انتهت إلى الاتفاق على رحيل أبسخرون خليل سليمان وأسرته وأبنائه الأربعة.

الجدير بالذكر أن محاولات جرت خلالهما الأيام التالية لإقناع الجانب المسلم ببقاء أبسخرون خليل وأولاده بالقرية، وتم التوصل فى النهاية إلى أن وجود أبسخرون سيترتب عليه وقوع فتنة بين مسلمى القرية المنقسمين بين فريقين، الأول يريد بقاءه والآخر يصر على تهجيره من القرية، وأن الأهالى لا يضمنون سلامته أو سلامة أفراد أسرته.

والتقت «الشروق» بعائلة سامى رزق خليل وهى عائلة مسيحية تعيش فى سلام مع جيرانها المسلمين طيلة 30 عاما، حيث قال أيمن سامى، 34 عاما، «الغلطان حاسبوه ولكن ما ذنب عائلتهم»، مشددا على ضرورة محاسبة مراد إذا كان قد ارتكب ذنبا.

وأوضح أيمن أن المجلس العرفى أكد أن الشرع والدين ليسا مع خروج عائلة أبسخرون، ولكنهم توصلوا إلى هذا الحل لأجل إرضاء آلاف من الغاضبين، وأبدى شعوره بالخوف جراء ما حدث وأنه من الوارد جدا أن يلاقى هو نفسه ذات مصير عائلة أبسخرون طالما أن صوت العقلاء لا يتم الاحتكام له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.