تولى فاروق العرش تحت إشراف مجلس الوصاية على العرش، وهو فتى فى السادسة عشرة من عمره، فقد ولد فاروق فى عام 1920، وتوفى والده الملك أحمد فؤاد فى أبريل عام 1936، فقطع دراسته فى إنجلترا وعاد ليتولى حكم البلاد، وقد دار صراع سياسى بعد عودته حول الموعد الذى يتسلم فيه حكم البلاد دون مجلس وصاية، حيث سعى الأمير محمد على توفيق إلى رفع السن القانونية إلى 25 عاما حتى يتمكن الملك الشاب من إكمال تعليمه، وفى حقيقة الأمر كان يسعى للاستمرار فى إدارة البلاد كوصى على العرش، بينما ظهر اتجاه آخر يرى أن تكون سن 21 هى السن القانونية لتولى العرش، لكن الأمور حسمت فى النهاية واستلم فاروق عرش أبيه عندما أكمل 18 عاما هجرية فى سنة 1937 مثل عمه عباس حلمى. كانت الظروف مهيأة ليفتتح فاروق صفحة جديدة فى حكم الأسرة العلوية، فقد أحبه الشعب فى البداية، كما استلم العرش بعد انتهاء الأزمة الدستورية التى استمرت من عام 30 إلى نهاية عام 35، كما كانت الأمة متوحدة والأحزاب مؤتلفة خلف قيادة الوفد من أجل الوصول إلى معاهدة مع بريطانيا العظمى، كل ما كان مطلوبا من الملك الشاب أن يحترم الدستور ويحترم إرادة الأمة، ويبتعد عن سياسة أبيه فى تدبير الانقلابات الدستورية المتوالية.
لكن الملك فاروق سرعان ما سار على درب أبيه، وناصب الوفد حزب الأغلبية العداء واصطدم بالحركة الوطنية المرة تلو المرة، وأساء إدارة أمور البلاد، وبدأت شعبيته تتراجع بقوة فى السنوات التى أعقبت الحرب العالمية الثانية، وازداد الملك فى لهوه فى حياته الخاصة ولهوه بدستور البلاد، مرددا مقولته المعبرة عن يأسه من استمرار ملكه: «لن يبقى فى العالم إلا خمسة ملوك، ملك إنجلترا وأربعة ملوك الكوتشينة».
ووصلت الأمور فى مصر إلى حالة غير مسبوقة من التردى والتأزم عقب حريق القاهرة فى 26 يناير 1952، الذى ما زال الفاعل فيه مجهولا إلى يومنا هذا بعد مرور ستين عاما على وقوعه، استغل فاروق الحريق ليطيح بوزارة الوفد ويعطل البرلمان، وتوالت على مصر عدة حكومات فى ستة أشهر، لم يستمر بعضها سوى ساعات قليلة.
وفى 23 يوليو 1952 قام الضباط الأحرار بانقلابهم العسكرى، وبعد ثلاثة أيام من الانقلاب وفى يوم 26 يوليو توجه القائد العام، وبصحبته البكباشى أنور السادات إلى المقر الصيفى للحكومة ببولكلى بالإسكندرية وقابلا على باشا ماهر رئيس الوزراء وسلماه إنذارا للملك فاروق موقعا من محمد نجيب جاء فيه: «إنه نظرا لما لاقته البلاد فى الفترة الأخيرة من فوضى شاملة عمت جميع المرافق نتيجة سوء تصرفكم وعبثكم بالدستور وامتهانكم لإرادة الشعب حتى أصبح كل فرد من أفراده لا يطمئن على حياته أو ماله أو كرامته..»، ويواصل الإنذار تعديد مثالب عصر فاروق لينتهى إلى: «لذلك قد فوضنى الجيش الممثل لقوة الشعب أن أطلب من جلالتكم التنازل عن العرش لسمو ولى عهدكم الأمير أحمد فؤاد على أن يتم ذلك فى موعد غايته الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم، ومغادرة البلاد قبل الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه، والجيش يحمل جلالتكم كل ما يترتب على عدم النزول على رغبة الشعب من نتائج». وقع فاروق وثيقة التنازل عن عرش مصر لابنه الرضيع أحمد فؤاد الثانى، غادر فاروق الأول ملك مصر والسودان البلاد منفيا إلى إيطاليا على ظهر اليخت المحروسة مثل جده إسماعيل، مفضلا أن يترك عرشه على أن يراق دم إنسان مصرى واحد من أجل التمسك بالسلطة، وعاش هناك إلى أن توفى فى مارس 1965 فى ظروف غامضة.