منذ بداية ثورة 25 يناير أصبح هناك نوع جديد من الغناء. يعتمد على روح الثورة وإيقاعها.كل مطرب قدم مفهومه ورؤيته طبقا للحالة التى عاشها داخل الميدان. ورغم أن البعض لم يستوعب غناء هذا اللون وصفه بأنها تجارب لم تكتمل. لكن هذا الغناء استوقف آخرين وجمع حوله عددا كبيرا من الجماهير أدت إلى تحويل ما تم تقديمه إلى ألبومات صنعت لنفسها حيزا كبيرا وسط الشكل التقليدى للأغنية والذى يقدمة نجوم الغناء. المطرب محمد محسن الذى اشتهر فى الميدان بالغناء للشيخ سيد درويش يصدر له خلال أيام مينى البوم تحت عنوان «اللف فى شوارعك» ويضم 6 أغنيات وطنية وثورية قال:
إن نجوم الطرب هربوا من الساحة الغنائية مجبرين، لأنهم لا يصلحون لهذه المرحلة الثورية، فهم لم ينزلوا الميدان ولم يشاركوا فى الثورة، وبعيدين كل البعد عما يحدث فى الشارع، ويعرفون أنهم إذا قدموا أغانى وطنية لن تعبر عن نبض الشارع.
فهم لا يصلحون إلا للغناء الرومانسى أو العاطفى وهذا فى نظرى لا يتماشى مع ثورة مازالت مستمرة ولم تحقق أهدافها، وبنفس المنطق يرى محسن اهتمام الفضائيات بنجوم الميدان أمرا طبيعيا، حيث إن المادة الإعلامية التى تقدم على الشاشة ثورية جدا، ولأن الفضائيات تستعين فى تحليلها بالسياسيين والمثقفين، تكون مجبرة على إكمال رسالتها بتقديم فن الميدان لأنه أكثر ما يعبر عن حالته وحالة الثورة، وإلى أى مكان وصلت.
وأوضح محسن أن الموسم الغنائى الحالى كان مجبرا على التفرغ لمطربى الميدان لأن الشعب بالكامل يتابع الميدان والشارع وما يحدث فيهما، ولا يوجد ما يعبر عن هذه الحالة إلا هؤلاء المطربين الشباب.
قال محسن رغم ذلك عقلية الإنتاج لم تتغير، لأن المنتج دائما سيظل يبحث عن الفلوس بغض النظر عن شكل الفن الذى يقدمه، ولذلك كان القرار ألا يكون الألبوم الأول مع شركة إنتاج حتى لا تتدخل فى اختيار الكلمات والألحان كما تفعل مع كل المطربين تقريبا.
أما فيروز كراوية التى تصدر أول ألبوماتها «بره منى» بعد أيام ترى أن المطربين الذين ذاع صيتهم خلال الثورة جميعهم كان موجودا منذ عام 2005، ولكن الإعلام وشركات الإنتاج لم يهتما بهم.
وشددت على أن الكرة الآن ولأول مرة فى ملعب مطربى الميدان، ناصحة نفسها وجميع زملائها باستغلال الفرصة، وتقديم فن راق يليق بالمرحلة التى نعيشها ومستوى الفرصة التى حصلوا عليها.
وأضافت كراوية أنها على قناعة بأن الفرصة فى الفن مهمة لكنها لا تصنع النجم، لأن الغناء فى النهاية سوق وتجارة إلى جانب كونه فنا، ويجب على المطرب مراعاة الاثنين إذا أراد الاستمرار.
وأبدت كراوية خوفها من أن يكون تسليط الضوء من الفضائيات على أغانى مطربى الميدان مجرد مرحلة ونوع من الموجات الإعلامية التى تتغير بين ليلة وضحاها، وليست عن قناعة بموهبة هؤلاء المطربين، وأن شكل الغناء والإنتاج قد تغير بالفعل.
وأكدت المطربة الشابة أنها لم تلمس أى تغير فى العقلية التى تعمل بها شركات إنتاج الكاسيت، فما زال المنتجون لا يستوعبون أن الجمهور تغير، وهناك جيل جديد فى حاجة لمن يعبر عنهم.
والدليل أن معظم تجارب الميدان بدون أى دعم، وفتحت كراوية النار قائلة «جيلنا لا يتمتع بأى دعم لأن الجيل الأقدم لا يقدم لنا أى مساعدة، بل على العكس هم يحاربون الشباب حتى يستمروا فى مكانهم، ويظلوا مسيطرين على الساحة الغنائية، وكنت أتمنى أن يقدم كل نجم كبير مطربا شابا ويتبناه ويدعمه، أو على الأقل يقدمه للجمهور، لكن للأسف هذا لا يحدث فى الغناء ولا فى أى مهنة أخرى».
وحول ألبومها «بره منى» قالت كراوية إنه يضم 13 أغنية من أشعار عمر طاهر وكوثر مصطفى، وإسلام حامد، وهيثم دبور، ومحمد خير، وألحان شريف الوسيمى، وعمرو جاهين، وإيهاب عبدالواحد، وتوزيع أسامة الهندى.
وكشفت أن الألبوم يقدم شكلا جديدا للموسيقى والكلمات، ويتناول الحب والعلاقات العاطفية، بالإضافة إلى الوحدة والغربة، ولا يضم إلا أغنية وطنية وحيدة اسمها «منجم حب» للتأكيد على أن الإنسان لن يحب إلا إذا كان حرا، وبررت عدم ضم ما قامت بغنائه فى الميدان خلال العام الماضى بأنه كان لدعم الثورة ومتاحا للجميع أن يسمعه، فلماذا يكون داخل الألبوم.
ومن المطربين أيضا الذين تطرح لهم ألبومات حاليا رامى عصام حيث طرح البوم «منشورات» ويضم 20 أغنية، كما طرح عزيز الشافعى ألبومه تحت عنوان «راجع» ويضم 9 أغنيات، يضاف إلى ذلك طرح كثير من الأغانى بشكل فردى وتصويرها كليب ومنها «اثبت مكانك» لفريق كاريوكى.
ويعلق المنتج محسن جابر على ما سبق بتأكيده أن تجربتهم لم تكتمل، شأنها شأن الثورة، مؤكدا أن أكثر أغنيتين علقتا فى أذهان الجمهور خلال العام وحققا انتشار كبير هما «إزاى» لمحمد منير واعتبرها من أكثر الأعمال المفجرة للثورة، و«يا بلادى» لعزيز الشافعى ورامى جمال الذين تحمست لهما وتبنيت تجربتهما فنيا، أما باقى الأعمال التى تم تقديمها فهى مجرد اجتهادات لم ترتق إلى جمال الثورة، كما أن هذه الأغنيات تحمل ألفاظا انفعالية، وسيتم رفضها عندما تعرض على الرقابة، وقد توصلت إلى ذلك بحكم بعض الأعمال التى عرضت على لأقوم بتوزيعها أو عرضها على قناة مزيكا.
وفى حين أبدى جابر اندهاشه من عدم اهتمام كبار الشعراء والملحنين بتقديم أعمال تليق بالثورة، أكد أنه سيرحب بأى عمل يخرج من شباب الثورة، وسيكون أكثر المتحمسين له، إذا توافرت فيه العناصر الخاصة بأى أغنية، حيث الكلمة واللحن، ويستشعر فيه مخاطبته للوجدان كما كان يحدث فى الماضى.