يستعيد السوريون "مجزرة حماة" التي تمر ذكراها الثلاثون خلال هذه الأيام، تلك الحملة العسكرية التي شنها النظام السوري ضد المعارضة في 1982 وأودت بعشرات الآلاف، ناج من المجزرة يروي لنا بعض صورها. للمرة الأولى منذ ثلاثين عاما يحيي سوريو "الثورة" ذكرى أحداث "مجزرة حماة"، حيث دعت المعارضة للإضراب والتظاهر، في حين صبغ بعض الناشطين نواعير مدينة حماة وقناطرها باللون الأحمر إشارة إلى الدم الذي سال.
وأصدرت بعض تشكيلات المعارضة بيانا دعت فيه إلى التظاهر تحت شعار "عذرا حماة.. سامحينا"
القصة بدأت في 2 فبراير 1982
بدأت القصة في الثاني من فبراير 1982 واستمرت على مدى 27 يوما، طوق الجيش مدينة حماة، التي تبعد 210 كم عن العاصمة دمشق، بوحدات عسكرية تمهيدا لقصفها للقضاء على عشرات المسلحين التابعين لجماعة" الإخوان المسلمين" المتواجدة داخل المدينة حسب ما أعلنت السلطات السورية آنذاك. وتشير بعض التقديرات إلى سقوط أكثر من عشرين ألف قتيل وفقدان نحو 15 ألفا آخرين و100 ألف مشرد.
ثلاثون عاما بعد المجزرة يتملك "م.ع" الإحساس ذاته مع ما يحدث بمدينته حماة من قتل وتدمير، رغم تطمينات والدته عبر الهاتف التي تكرر له مرارا "لا تخف الأمور ما زالت بخير لما كان عليه الوضع عام 1982".
وقال محدثنا في اتصال لفرانس24 "ما تعرضنا له من قتل وتعذيب وسحل لا تستوعبه كلمات مقال إنه تاريخ مدينة، بعض الصور تقبض القلب كلما عبرت في الذاكرة، كجولات العسكر التفتيشية التي كانت تتكرر مرارا في اليوم نفسه، غير أن جولة تظل الأصعب بالنسبة لي، أجبرنا خلالها - نحن الرجال والأطفال الذكور- كما جرت العادة على الخروج من المنزل لتفتيشه، ليدخل العسكر بعدها ليعثوا بمحتويات البيت، كانت أمي وأختي في الداخل، بدأت أختي تصرخ حين حاول أحدهم مضايقتها وسمعت أمي تقول "ابتعد يا كلب"، ما زال صراخها ملازما لي إلى الآن، كنا عاجزين عن فعل أي شيء تحت توجيه الأسلحة إلينا وسيل الشتائم والإهانات، فأي حركة كان الموت أقرب لنا منها، كنا نجبر على الانبطاح على الأرض ويدوسون علينا ويرغموننا أحيانا على التظاهر والهتاف بحياة القائد".
"كان الألم كبيرا على الجميع"
ويعود "م.ع" ليقول "لم تتعرض حارتنا (باب القبلي) لخسائر بشرية كبيرة عكس أحياء ك"الكيلانية" التي دمرت بالكامل على رؤوس أصحابها، فرائحة الموت كانت منتشرة في كل مكان بها، ما زلت أذكر صورة "بلدوزر محمل بالجثث والأشلاء" ينقلها ليجد لها مكانا في مقبرة "العشر" التي كانت خلف مدرستي، والآن لا أثر للمقبرة حيث بنيت فوقها مراكز صحية "العيادات الشاملة".
ويختم بالقول: "كان الألم كبيرا على الجميع، مأساة حماة لن تتكرر، لن أسكت كما فعل جدي وأبي، الآن ليس كما قبل 30 عاما، الثورة مستمرة ولن نسمح للنظام بالنجاح في غايته".