دعا المشاركون في مؤتمر "تنمية سيناء من أجل مصر الحديثة" إلى إطلاق مبادرة وطنية لتنمية شبه جزيرة سيناء، تتأسس على مشاركة شعبية واسعة بين أبناء مصر كلها بإسهام حكومي، يكون عمودها الفقري أهل سيناء في المقام الأول، معتبرين أن إعمار سيناء ينطلق من توظيف واع لموقعها لتعظيم تنمية ثرواتها في سياق مشروع وطني كبير يساهم في إحداث طفرة في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي والديموجرافي مما يعزز فرص النهضة في مصر الثورة. وقال صلاح عرفة، أستاذ العلوم بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده المشرفون على المؤتمر في مقر نقابة الصحفيين الليلة الماضية، أن أبرز مساهمات المؤتمر أنه جمع للمرة الأولى حشدا من علماء مصر في الداخل والخارج، الذين بادروا إلى حوار حقيقي مع أهل سيناء أكدوا خلاله حرصهم على المشاركة الفعالة في كافة الجهود الهادفة إلى تنمية سيناء، مع تقنين تملك الأراضي في سيناء لأهلها وكافة المواطنين، شرط ألا يتم نقل ملكية هذه الأراضي إلى الأجانب.
وتحدث عرفة عن أهمية تضافر الإرادة الشعبية مع الإرادة السياسية لتنمية سيناء، باستلهام روح ثورة 25 يناير، مدللا على فرص نجاح ذلك بالتجربة الرائدة في إدخال الطاقة الشمسية في "البسايسة القديمة" التي قادت إلى مشروع تنموي نجح في استصلاح 15 ألف فدان في المنطقة، بالجهود الذاتية، من دون أي دعم حكومي أو خاص.
ونوه إلى وجود فرص واعدة عديدة في مجالات تصنيع النباتات الطبية وصناعة الزجاج من رمال سيناء، وتعزيز استثمارات السياحة عبر إحياء طرق سيناء القديمة التي يمكن أن تجذب أكثر من عشرة ملايين سائح سنوياً إلى شبه جزيرة سيناء.
من جانبه، أعلن الدكتور عفيفي عباس عفيفي، الخبير بمركز البحوث الزراعية، أن المؤتمر الدولي الثاني لتنمية سيناء سوف يعقد في إبريل القادم في سيناء ذاتها، خلال احتفالات الأعياد القومية في جنوب وشمال سيناء، داعياً إلى تبني حملة إعلامية واسعة تهدف إلى تغيير الصورة النمطية السائدة عن أهل سيناء وتعزيز اندماجهم مع أهل الدلتا والوادي، من خلال تفعيل المشروعات التنموية الكبرى التي يمكن أن تستوعب أكثر من 4 مليون مصري من الوادي والدلتا للعمل في سيناء في مختلف المجالات.
وأشار إلى أن المؤتمر الدولي الأول لتنمية سيناء الذي عقد في جامعة القاهرة خلال الفترة من 16 إلى 18 يناير الماضي، بمشاركة نخبة كبيرة من علماء مصر في الخارج والداخل بلغ نحو 189 باحثا وباحثة، مع مشاركة شيوخ سيناء من الشمال والوسط والجنوب.
وأوضح عرفة أن هذه المبادرة أطلقها عدد من أساتذة الجامعات المصرية بمشاركة ممثلين من علماء مصر في الخارج، منهم الدكتور محمد المصري، الأستاذ بجامعة ووترلو الكندية، مشيرا إلى أن هذه المبادرة لاقت ترحيبا من عدد كبير من الهيئات العلمية المصرية، منها مركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة، والهيئة القومية للاستثمار من البعد، وعلماء الفضاء بجامعة القاهرة والجامعة الأمريكيةبالقاهرة، ووزارات الري والسياحة، وعدد من بيوت وجمعيات الخبرة في مجالات التنمية الهندسية، وبعض منظمات المجتمع المصري من داخل سيناء ومن خارجها.
فضلا عن مشاركة بعض المؤسسات العلمية الخارجية في أعمال المؤتمر، مثل المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيائية بكندا وجامعة ووترلو الكندية.
وفي كلمته أكد الدكتور محمد المصري، مؤسس علم الشرائح الرقمية الرقيقة في عدد من الدول، ومؤسس المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية والثقافية (عصر مصر)، أن سيناء لا ينقصها مبادرات ومشروعات طموحة من أجل التنمية والإعمار لأن هناك عدداً كبيراً من المقترحات والمشاريع السابقة الطموحة التي لم يتم تنفيذها، والتي تتطلب تفعيل آليات تنفيذية وإجرائية للبدء في هذه المشروعات.
واقترح الدكتور المصري نموذجاً لتنمية سيناء يجمع بين دور الحكومة والقطاع الخاص، من خلال تأسيس شركة مساهمة مصرية قابضة لتنمية سيناء، تنبع عنها شركات متخصصة وفق مجالات التنمية والإعمار، وتشارك فيها الحكومة بالنصف من خلال الأراضي وحق الانتفاع، فيما تطرح النسبة الباقية للاكتتاب العام بين أهل سيناء أنفسهم، مع فتح إمكانية المشاركة لكافة المصريين، على أن توجه الحكومة عوائدها إلى إقامة جامعات ومستشفيات وإنشاء وتطوير موانئ جديدة في سيناء، فضلاً عن سائر الخدمات الأخرى.
ورأى الدكتور محمد المصري أنه من الضروري العمل جديا على سد الفجوة الموجودة بين أهالي سيناء وأهالي الوادي والدلتا، وكذلك الفجوة بينهم وبين بعض المؤسسات المصرية، مقترحاً أن يتم تقنين القانون العرفي الذي يعمل به مشايخ سيناء، وحصول أهل سيناء على بطاقات الهوية، وتقنين حقهم في تملك الأراضي، وفق تدابير صارمة لا تجيز حيازتها للأجانب تحت أي ظرف.
وأكد المشاركون في المؤتمر الصحفي على إعطاء أولوية قصوى لتنمية القطاع الأوسط في سيناء، عبر إنشاء محافظة جديدة في وسط سيناء تكون حلقة ربط بين شمالها وجنوبها، بما يهم في تكامل جهود تعمير سيناء كلها، خاصة مع توافر فرص إقامة خزانات مياه عملاقة في هذا القطاع تتجمع فيها مياه الأمطار والسيول من الشمال والجنوب، وهو ما يعزز عملية الزراعة بشكل واسع.
كما دعا المؤتمر إلى تأسيس مجلس علمي وتقني لتنمية سيناء وتفعيل مبادرات المغتربين المصريين من أجل المساهمة في المشروعات التنموية، مع توسيع المشاركة في اللجنة الشعبية لتنمية سيناء، والتي جاءت بمبادرة من عدد من علماء مصر، وتشجيع المشروعات الصغيرة والأنشطة المحلية ودعم المنظمات الأهلية لأهالي سيناء، وتطوير نمط السكن والإقامة، وتحسين مستوى الخدمات التعليمية والصحية.