بعثت إيران بإشارات متضاربة في النزاع مع الغرب بشأن طموحاتها النووية أمس الأحد فتعهدت بوقف الصادرات النفطية قريبا إلى "بعض" الدول وأرجأت في الوقت نفسه مناقشة برلمانية بشأن اقتراح بوقف بيع النفط الخام للاتحاد الأوروبي. وعبرت إيران عن تفاؤلها بشأن زيارة وفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي بدأت الأحد لكنها طالبت ايضا المفتشين بأن يقوموا بعملهم بطريقة "مهنية" وإلا قلصت تعاونها مع الوكالة في الشؤون النووية. واثار النواب احتمال قلب الطاولة على الاتحاد الاوروبي الذي سينفذ حظرا من جانبه على النفط الايراني ابتداء من يوليو مع تشديده العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي.
ولكن الهند رابع اكبر مستهلك للنفط في العالم قالت انها لن تتخذ خطوات لقطع واردات البترول من ايران على الرغم من العقوبات الامريكية والاوروبية ضد طهران. وسيسعى وفد الوكالة التابعة للامم المتحدة إلى تحقيق تقدم في جهود حل الخلاف مع إيران بشأن نشاطها النووي الذي تقول طهران انه مدني تماما ويشتبه الغرب في انه يهدف إلى صنع أسلحة نووية.
واشتد التوتر مع الغرب هذا الشهر عندما فرضت واشنطن والاتحاد الاوروبي أشد عقوبات حتى الآن في حملتهما لاجبار إيران على تقديم مزيد من المعلومات بشأن برنامجها النووي. وتستهدف العقوبات الجديدة بشكل مباشر قدرة إيران ثاني اكبر مصدر للنفط في اوبك على بيع نفطها الخام.
وفي تصريح يشير إلى ان إيران ستقابل العقوبات بعقوبات قال وزير النفط رستم قاسمي إنها ستوقف قريبا تصدير الخام إلى "بعض" الدول. ولم يحدد قاسمي اسماء هذه الدول لكن تصريحاته تأتي بعد اقل من اسبوع من موافقة الدول السبع والعشرين الاعضاء في الاتحاد الاوروبي على وقف استيراد النفط الخام من إيران ابتداء من أول يوليو.
ونقلت وكالة انباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن قاسمي قوله "سنوقف قريبا تصدير النفط إلى بعض الدول". واوضحت الهند وهي من الزبائن الرئيسيين للنفط الخام الايراني انها لن تنضم الى الجهود الدولية الاوسع للضغط على طهران من خلال خفض مشتريات النفط.
وقال وزير المالية الهندي براناب موكيرجي للصحفيين خلال زيارة للولايات المتحدة "ليس من المحتمل ان تتخذ الهند اي قرار لخفض الواردات من الهند بشكل كبير لان من بين الدول التي يمكنها توفير حاجة الاسواق الناشئة تعد ايران بلدا مهما فيما بينها".
وتريد الولاياتالمتحدة ان يخفض المشترين في اسيا التي تعد ثاني اكبر سوق للنفط الايراني وارداتهم للضغط بشكل اكبر على طهران. وكان من المقرر ان يناقش النواب الإيرانيون امس الأحد مشروع قانون يقطع امدادات النفط عن الاتحاد الاوروبي خلال أيام في خطوة يقصد بها الاضرار باقتصاديات اوروبية متعثرة قبل ان يتاح لها التكيف مع الحظر الاوروبي للنفط الإيراني بعد شهور.
لكن أعضاء البرلمان ارجأوا مناقشة مشروع القانون. وقال عماد حسيني المتحدث باسم لجنة الطاقة بالبرلمان لوكالة مهر الايرانية للانباء "لم يوضع بعد مشروع بمثل هذا القانون ولم يطرح شيء على البرلمان. ما يوجد الان هو فكرة طرحها النواب ويجرى متابعتها بجدية للوصول بها إلى نهاية حاسمة".
ويقول مسؤولون إيرانيون ان العقوبات ليس لها تأثير على البلاد. وقال قاسمي "النفط الإيراني له سوقه حتى إذا اوقفنا صادراتنا إلى اوروبا". ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للانباء عن نائب اخر قوله ان مشروع القانون سيلزم الحكومة بقطع امدادات النفط الايراني للاتحاد الاوروبي ما بين خمس الى 15 سنة.
ويأمل اعضاء البرلمان الإيراني من خلال مشروع القانون في حرمان الاتحاد الاوروبي من مهلة مدتها ستة أشهر كان يخطط لمنحها لأعضائه الأكثر اعتمادا على النفط الإيراني للتكيف مع الأوضاع الجديدة. وقال نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية هيرمان ناكيرتس قبل مغادرته مطار فيينا انه يأمل بأن تعالج إيران مخاول الوكالة "المتعلقة بالابعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني".
ونقلت وكالة مهر عن وزير الخارجية على أكبر صالحي قوله اثناء زيارة لاثيوبيا "نحن متفائلون للغاية بشأن نتيجة زيارة وفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران... ستتم الاجابة عن أسئلتهم خلال الزيارة". وأضاف "ليس لدينا ما نخفيه وإيران ليس لديها أنشطة (نووية) سرية".
لكن رئيس البرلمان علي لاريجاني حذر فريق الوكالة من أن عليه القيام بعمله بطريقة "منطقية ومهنية وفنية" أو تحمل العواقب. ونقل عنه الاعلام الرسمي قوله "تمثل هذه الزيارة اختبارا للوكالة الدولية للطاقة الذرية. سيكون الطريق مفتوحا امام مزيد من التعاون إذا نفذ الفريق مهمته بطريقة مهنية. "أما إذا تحولت الوكالة إلى أداة (للقوى الكبرى للضغط على إيران) فلا سبيل لإيران سوى البحث عن اطار جديد لعلاقتها مع الوكالة".
وسبق أن أقر البرلمان الإيراني مشروعات قوانين تلزم الحكومة بمراجعة مستوى التعاون مع الوكالة لكن كبار المسؤولين شددوا دوما على أهمية الحفاظ على العلاقات معها. وقال مدير شركة النفط الوطنية الإيرانية في ساعة متأخرة من مساء السبت إن حظر الصادرات سيؤثر بشدة على المصافي الاوروبية مثل ايني الايطالية التي لها مستحقات نفطية لدى إيران في اطار عقود اعادة شراء طويلة الاجل تأخذ بموجبها نفطا خاما مقابل مستحقاتها المالية عن مشروعات سابقة في حقول النفط.
وبلغ نصيب الاتحاد الأوروبي من مبيعات النفط الخام الإيراني 25 في المئة في الربع الثالث من عام 2011. لكن محللين يقولون ان سوق النفط العالمية لن تتعطل بشكل مفرط اذا وافق البرلمان الإيراني على مشروع القرار الذي سيوقف تصدير النفط لاوروبا. وربما يكون خطر تصاعد مواجهة إيران مع الغرب إلى صراع عسكري تهديدا أكبر لاستقرار سوق النفط العالمية والامن العالمي. وقالت إيران مرارا إنها قد تغلق مضيق هرمز الحيوي اذا نجحت العقوبات الغربية في منعها من تصدير النفط الخام وهي خطوة قالت واشنطن انها لن تتغاضى عن ذلك .