أكد محافظ القاهرة الدكتور عبدالقوي خليفة أن غياب رؤية مستقبلية للقاهرة أدى إلى ظهور عشوائيات في الإسكان وكافة الخدمات المقدمة للمواطنين، مشيرا إلى ضرورة وضع رؤية مستقبلية لمواجهة المناطق العشوائية في القاهرة التي يبلغ عددها 111 منطقة، منها 24 منطقة غير آمنة وتمثل خطورة على حياة ساكنيها. جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها محافظة القاهرة تحت عنوان "مواجهة العشوائيات من خلال خطة بعيدة المدى"، بحضور الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، وعلي عبدالرحمن محافظ الجيزة، وعادل زايد محافظ القليوبية، ومصطفى مدبولي رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمراني، وعلى الفرماوي مدير صندوق تطوير العشوائيات، ونخبة من المتخصصين في العشوائيات والتخطيط العمراني، والفنان محمد صبحي، وأعضاء مجلس الشعب عن القاهرة.
وأكد محافظ القاهرة ان الندوة تأتي في إطار طرح رؤية جديدة لمواجهة العشوائيات عبر استراتيجية بعيدة المدى للتنمية الرشيدة، تطرحها المحافظة للمناقشة واستطلاع الرأي لكل من لديه القدرة على دعم ذلك التوجه، عقب انحسار تناول القضية على مدى عقود مضت في مبادرات محدودة الجدوى تحت شعار تطوير العشوائيات، لم تنجح في مواجهة القضية بحجمها الهائل وخطورتها الفائقة على المجتمع.
وأوضح خليفة أن القاهرة تتبع أربعة محاور لمواجهة العشوائيات، يتمثل الأول في التعامل مع مناطق الخطورة الداهمة التي تشكل خطورة على حياة المواطنين، ويتمثل الثاني في التعامل مع العشوائيات الآمنة التي تنقصها المرافق والخدمات، فيما يولي المحور الثالث أهمية لإعادة تأهيل المواطنين بالمناطق العشوائية وإيجاد فرص عمل مناسبة لهم، ويتمثل المحور الرابع في محاولة إغلاق باب الهجرة من المحافظات الأخرى إلى القاهرة، لمنع تزايد أعداد سكان العشوائيات.
وفى نفس الوقت أرجع الدكتور سامح العلايلي استاذ التخطيط العمراني -خلال مداخلته بالندوة- ظهور المناطق العشوائية إلى نقص موارد الرزق بالمحافظات الأخرى الأمر الذي دفع سكانها إلى الهجرة للمناطق الحضرية مثل القاهرة والإسكندرية، مشيرا إلى أن سكان العشوائيات لم يعد لديهم الرغبة في تطوير حياتهم.
واستعرض العلايلي ركائز الاستراتيجية المقترحة لمواجهة ظاهرة العشوائيات تقوم على خلق مراكز عمرانية انتاجية في مجالات الزراعة الحديثة والصناعات الصغيرة والمتوسطة والحرف اليدوية في مواقع أخرى خارج الوادي والدلتا لاستقطاب الأجيال الشابة من سكان العشوائيات، وتنفيذ برامج تدريب وتأهيل القاعدة البشرية في المناطق المهمشة والمحرومة للعمل في مشروعات التنمية في المجتمع الجديد، والهجرة العكسية في إتجاه مواقع التنمية المستهدفة وتمكينهم من إدارة هذه الأنوية العمرانية الناشئة ليشعروا بالإنتماء للأرض الجديدة.
وأكد د. علي جمعة مفتي الديار المصرية أن مشكلة العشوائيات قامت مع الثورة الصناعية في أوروبا لذا لابد من الإستفادة من تجارب الغير لمواجهة الظاهرة، مشيرا إلى أن المشكلة أكبر مما نتصور ويجب أن يقوم المجتمع المدني بدور واضح لحلها.
من جهته، أكد الدكتور علي عبدالرحمن محافظ الجيزة أن الهجرة من محافظات الصعيد إلى الجيزةوالقاهرة خلقت عشوائيات كثيرة بالمحافظتين نظرا لتعدد فرص العمل ومصادر الرزق بهما، ويتعين على كل مؤسسات الدولة أن تتضافر لحل هذه المشكلة المتفاقمة.
بينما أشار الدكتور عادل زايد محافظ القليوبية إلى أن عشوائية الفكر هي سبب رئيسي في ظهور المناطق العشوائية لأنها تؤدي إلى عشوائية الحلول لمواجهة العشوائيات.
من جانبه، طالب الفنان محمد صبحي البرلمان القادم بسن القوانين والتشريعات التي تعاقب كل من يتسبب في إقامة عشوائيات والتي انتشرت في الفترة الاخيرة بعد ثورة يناير، مشيرا إلى أننا لن تستطيع أن نصل إلى المجتمع الديمقراطي المنشود إلا من خلال ضمان حياة كريمة لساكني المناطق العشوائية.
وأشار صبحي إلى المبادرة التي يتبناها لجمع الأموال لتطوير المناطق العشوائية وإعداد الفرد وتجهيزه لكي يكون منتجا من خلال البدء في إقامة خمس مدن بمحافظات القاهرة والأسكندرية وبورسعيد والمنيا والجيزة لنقل سكان المناطق العشوائية إليها بعد أن يتم تأهيلهم في مصانع الزجاج والأخشاب والموبيليا وتدوير القمامة التي ستقيمها المبادرة بالقرب من اماكن سكنهم الجدبدة.
ومن جهته طالب الدكتور علي رأفت أستاذ العمارة بجامعة القاهرة بضرورة إيقاف بناء المباني العامة في القاهرةوالجيزة لأنها تزيد من تدفق المواطنين من المحافظات الأخرى عليها وبالتالي زيادة عدد المناطق العشوائية، وأشار إلى أن تخطيط المدن لابد أن يخدم كل طبقات المجتمع ولا يقتصر على طبقات بعينها.