فيما يقترب حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، من حصد الأغلبية في البرلمان المصري، سارعت واشنطن إلى مد يدها إليه، بعدما كانت العلاقات بينهما، ولوقت طويل، تشوبها الريبة وعدم الثقة. وأعلن الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين، أن الرجل الثاني في وزارة الخارجية الأميركية وليام بيرنز، الذي يزور القاهرة، التقى قادة من حزب الحرية والعدالة. وهذا اللقاء هو الأول على هذا المستوى بين الإدارة الأميركية والحزب الإسلامي، الذي يتقدم في الانتخابات التشريعية في مصر، كما أكد ذلك أحمد سبيع، والذي أضاف أن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان التقى أيضا قادة في حزب الحرية والعدالة خلال زيارة قادته إلى القاهرة في الأيام الماضية.
وكان نائب وزيرة الخارجية الأميركية وليام بيرنز، وصل إلى مصر لإجراء مباحثات مع مسئولين حكوميين وقادة حزبيين وشخصيات من المجتمع المدني تتناول الوضع السياسي في البلاد، كما أعلنت وزارته.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة فيكتوريا نولاند، إن بيرنز سيبحث خلال زيارته "التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر" و"الدعم" الأمريكي لعملية الانتقال الديمقراطي في هذا البلد وإشراك المجتمع المدني فيها.
مرحلة جديدة بتعامل جديد وبدأت الولاياتالمتحدة حوارا مع جماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من القلق الذي يساورها من السياسة التي ستتبعها هذه الحركة الإسلامية ولاسيما إزاء ملفي حقوق المرأة والأقليات، وكذلك أيضا إزاء العلاقة مع إسرائيل.
ويقول نبيل ميخائيل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، في حوار مع دويتشه فيله، "إن الواقع السياسي تغير في مصر و هذا نتيجة عدة أمور من بينها ثورة يناير، ونتائج الانتخابات الحالية، إضافة إلى عدم الاستقرار الذي تمر به مصر".
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكدت عدم ارتياحها من عدة أمور تجري في هذا البلد من بينها الصدامات التي حدثت بين الجيش والحركات الجماهيرية، إضافة إلى الانتخابات ودور منظمات المجتمع المدني فيها.
ويتوجه حزب الحرية والعدالة إلى حصد حوالي 45% من مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات التشريعية التي تختتم الأربعاء (11 يناير 2012) مرحلتها الأخيرة، وتميزت هذه الانتخابات الأولى منذ إسقاط حسني مبارك في 11 فبراير الماضي بحصول الإسلاميين على أغلبية مقاعد مجلس الشعب الذين حصلوا مجتمعين على 70% من مقاعد المجلس، وفقا للنتائج التمهيدية غير الرسمية. وبعد هذه الانتخابات يتحول الإخوان من وضع الجماعة المحظورة الذي كان مفروضا عليها في عهد مبارك إلى القوة السياسية الأولى في البلاد.
أجندة الإخوان ومعاهدة كامب ديفيد ويرى نبيل ميخائيل، الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، أن لقاء المسئول الأمريكي بقادة حزب الحرية والعدالة "ليس مجرد تسجيل التقارب بين الطرفين، بل هو محاولة من جانب واشنطن لاستكشاف ما يحمله الإخوان من أجندة سياسية، فبين الطرفين نقاط توافق ونقاط خلاف، ومن بين نقاط الاختلاف معاهدة كامب ديفيد التي أعلن المجلس العسكري التزامه بها". ويقر ميخائيل أن كيفية التعامل مستقبلا مع الاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل سيكون له الأثر في تحديد سياسة واشنطن تجاه النظام الذي سيحكم مصر.
الإخوان أكثر وضوحا من السلفيين ومن المقرر أن يجتمع وليام بيرنز، الذي التقى صباح أمس الأربعاء، رئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوي، مسئولين من أحزاب سياسية أخرى ومن منظمات المجتمع المدني، وفقا لوزارة الخارجية الأميركية.
غير أنه لن يلتقي مسئولين من حزب النور السلفي الذي حقق المفاجأة الكبرى في هذه الانتخابات بحصوله على قرابة 25% من مقاعد مجلس الشعب، وفقا لمسئولين من هذا الحزب.
ويرجع نبيل مخائيل، في حديثه لدويتشه فيله، ذلك إلى أن واشنطن "لديها إحساس بأن حزب النور غامض في عدة مواقف.. فالولاياتالمتحدة لا تعرف الكثير عنه، فالتيار السلفي حديث الولادة في الساحة المصرية، حتى وإن كان له جذور تاريخية، فأمريكا تفضل أن تتحدث مع الإخوان المسلمين لأنها معروفة وعملت في الحياة السياسية لفترة طويلة وكانت تحارب من قبل الأنظمة السابقة".
كما يعتبر مخائيل أن "حوار واشنطن مع الإخوان لا يعني أن الولاياتالمتحدة تخلت عن دعمها للقوى اللبرالية في مصر، خاصة وان الأمر لا يتعلق فقط بالانتخابات الحالية، إنما يتعداه إلى مرحلة ما بعدة الفترة الانتقالية".
يذكر أن الأحزاب الليبرالية واليسارية نتائج ضعيفة في انتخابات مجلس الشعب وكذلك الحركات الشبابية المنبثقة عن الثورة المصرية.