في مجموعة (ثورة امرأة) للشاعرة السعودية أروى عاشور سمتان بارزتان؛ ثورة امرأة كما يحمل العنوان وهي ثورة ترتدي أشكالا تعبيرية "سياسية" أحيانا، وأمر آخر قد لا يكون إيجابيا بقدر الأمر الأول، هذا الأمر الأخر هو سمة تجعل كثيرا من قصائد المجموعة تبدو أقرب الى النثر منها الى الشعر، بل إنها ليست حتى قريبة مما يعرف الان باسم "قصيدة النثر" أو ما يسكن بعض نماذجها الناجحة من شعرية دافئة. ورد الكتاب في 110 صفحات متوسطة القطع وبلوحة غلاف تشكيلية لأروى عاشور أيضا، وصدرت المجموعة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان. بعد الإهداء الذي وجهته الشاعرة الى أمها و أبيها وصديقاتها وأصدقائها ونساء عائلتها الرائدات. ننتقل الى قصيدة "مقدمة" المؤلفة من بيتين وهي حائرة بين ان تكون شعرا عموديا اذ ينقصها استقامة الوزن وبين شعر نثري منعت عنه هذه الصفة بفرضها عليه وزنا وقافية غير سليمين.
تقول "رسائل من الغرام اكتبها خبايا الارض تشقيها ورسائل غفران انت تكتبها دماء الارض لا تشفيها." في قصيدة "المقهى" ما قد يكون اقرب الى الشعرية من كثير غيره. تقول "بهذا الصوت العميق أعلن انطلاقي من هذا المقهى، بصوت الكرسي المزعج اعلن قيامي عن هذا المقعد رحيلي بعيدا وانطلاق الكلمات.
"منذ هذا الوقت بدأت اصارع في كتاباتي وابحث عن دفاتر الماضي واوراقي الضائعة عن كلماتي المبعثرة."القصيدة تختلف نسبيا عن غيرها من قصائد تفتقد الى التوتر الشعري الدافىء والى الايحاء، على رغم ان بعضها عوض عن التوتر بشيء من الصخب والضجيج وهما لا يشكلان توترا فنيا بالضرورة.
في قصيدة "الدمعة الرحيل" امتلاء بالاشارات السياسية والاحداث التي جرت في بلدان عربية في السنة الاخيرة بشكل خاص، إلا أنها لم تفد من هذه الاحداث لتحولها الى تجربة عميقة، بل اكتفت بالحديث عنها بما يشبه الحديث النثري غير الفني في الغالب. تقول "مع ثورة الياسمين مع ثورة اللوتس وثورة 25 يناير كانت اولى الثورات في قلبي وكان اعلان التحدي على كل سنوات الصمت والقهر. سنوات السبات لا ندري باي مخدر كنا نحيا في اعماق الصمت."
وتنتقل من قضية حب خاصة الى موضوع سياسي عام فتقول مستخدمة الفاظا سياسية واخرى تتعلق بالحكم والدولة واسماء اماكن غدت شهيرة وباسلوب يذكر بنزار قباني في بعض قصائده "ايا ظالم الغرام وطاغية العشق والاحلام ايا صدام".
وأضافت "ساقف ثائرة في ميدان التحرير حتى اسقط نظام حبك للابد ساكون شهيدة كل المجازر لان روح الشهيد لا تموت لأقصف بكل المدافع لأقتل بكل البنادق حتى اكون رمزا لقضية حق وكرامة امرأة أني أريد أن أدخل التاريخ دفاعا عن أرض حبي وساحة المعركة."
في قصيدة "لا وجود للكلمات" قد يشعر القارىء بانه لا يفهم ماذا يقال ولربما كان عليه ان يخترع معنى لما يقال أو أن يتكهن بمعنى يبقى مع ذلك غير قريب. تقول بهذا الشكل حرفيا "معاناة امرأة لقد اضربت الطعام والنوم والهيام لقد نقلتني من قمة السعادة الى قمة الشقاء لماذا لا تستمر السعادة.. لماذا لا تتحقق الاحلام ولماذا يسيطر شبح الذكريات وراءنا؟".
وفي قصيدة "ساحة المعركة" نعود الى السياسة و نعود الى البحث عن الايحاء الشعري وسط كلام عادي. تقول "لقد سقط حبي كما سقطت القسطنطينية كما جثث القتلى وجثث ودماء تبعثرت كما تبعثرت أوراق القلب وتبعثرت معها أوراقي وتلطخت بداء الموتى لا تقرأ من دونها السطور لقد سقط الحب وايما سقوط".