من المعروف أن الكبد والكلى والقولون كل بطريقته يعمل مرشحا ذا كفأة عالية ومقدرة على تخليص الجسم من السموم التى تنتج من عمليات التمثيل الغذائى التى يلجأ إليها الجسم لتوفير الطاقة اللازمة لحركة الإنسان وأنشطته الأمر الذى يماثل العادم الناتج من احتراق البنزين اللازم لحركة السيارة. لا يقف الأمر عند هذا الحد فهناك أيضا السموم والملوثات التى يستقبلها الجسم مع طعامه. المبيدات والأسمدة المستخدمة فى الزراعة وعوامل تلوث البيئة مجتمعة تضيف عبئا آخر ثقيلا على مهام الكبد والكلى والقولون لكن توافر شروط صحية لسلامة الغذاء قد تحد من خطورة تلك الملوثات وتتيح بعضا من الراحة لتلك الأعضاء وتمكنها من إدخار بعض الجهد لمهام أخرى حيوية.
السموم إذا تراكمت فى أنسجة الجسم تمنح الأمراض بيئة ملائمة تماما للانتعاش فترى العديد منها خاصة أمراض الحساسية والتهابات المفاصل والجهاز الهضمى بل وارتفاع ضغط الدم وأمراض نقص المناعة بل وما نسميه ظاهرة الإجهاد المزمن.
حماية الجسم من الملوثات الخارجية يخفف العبء من على أعضاء الجسم المهمومة بتخليصه منها إلى جانب أنها تمنح الإنسان فرصة الحركة فى حيوية قد يفتقدها إذا ما تراكمت تلك السموم كالصدأ على جدران شرايينه.
تهتم البرامج الصحية فى بلاد العالم بوضع دليل صحى يتم تحديثه بانتظام فى خدمة مواطنيها لمعاونتهم على تفهم ما قد يغيب عن الأذهان من شروط صحية يجب مراعاتها لسلامة الغذاء. كذلك يصدر البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة (UNDP) دليلا إرشاديا يتضمن العديد من النصائح التى تدعم سلامة الغذاء وتؤدى لتخلصه من ملوثات البيئة يصدر بصورة دورية سنويا. من مصادر متعددة نختار بعض الملاحظات المهمة التى قد تفيد فى مقاومة مصادر تلوث الغذاء.
قواعد للنظافة عامة
غسل الأيدى بالماء والصابون قبل البدء فى تحضير الطعام والاهتمام بنظافة المكان الذى يعد فيه الطعام والأدوات المستخدمة خصوصا السكاكين. أيضا الأسطح التى يتم تجهيز الخضراوات واللحوم عليها.
استعمال فرشاة نظيفة دائما لتنظيف الخضراوات والفاكهة وتقشيرها كلما كان ذلك ممكنا خصوصا البطاطس أيضا الجزر والخيار والكوسة والتفاح والكنتالوب للتخلص من آثار الأسمدة والمبيدات.
مراعاة نظافة مصادر المياه المستخدمة فى الشرب وتحضير الطعام خصوصا إذا كانت تستمد من خزان. إضافة فلتر للصنبور قد يشكل حماية جزئية من المعادن الثقيلة وبعض الميكروبات. غلى مياه الشرب وتبريدها إذا لم يتوافر مصدر كامل النقاء للشرب.
سلامة اللبن ومنتجاته
يتوق البعض منا لما يطلق عليه «لبن بخيره» فيختار لبن المزارع أو اللبن الذى لا تتم عملية بسترته ويتم تحضيره بعد حلبه من الأبقار بغليه فقط.
الواقع أن عملية البسترة تحمى الإنسان من أمراض عديدة خطيرة أهمها الدرن الرئوى إذا كانت الأبقار مصابة به، الدفتريا، التيفود، التسمم الغذائى كلها انحسرت بعد تعميم عملية بسترة اللبن. مازالت خطورة تلوث اللبن بالبكتريا مثل السالمونيلا، إى كولاى، ليستيريا لذا يجب الحرص وتناول اللبن المبستر أما إذا كان تناول اللبن الخام اختيارا شخصيا فيجب أن يقلب جيدا عند بدء الغليان لفترة لا تقل عن عشر دقائق كاملة. مراجعة ما يكتب على منتجات الألبان خاصة الجبن يفيد فى معرفة ما إذا كانت قد تم إعدادها من لبن خام أو مبستر إذ إن الجبن عادة ما يصنع من اللبن الخام كالجبن القريش فى بلادنا ومعظم أنواع الجبن فى العالم (الجبن الأزرق والركفور والبرى والكامجير). من الأفضل تفادى الجبن المصنوع من اللبن الخام للحوامل والأطفال وذوى المناعة المنخفضة وأثناء الدورات الحادة من الأمراض.
سلامة زيوت الطعام
اختيار الزيت الملائم لنوع الطعام فالطهو بزيت الذرة والقلى بزيت عباد الشمس بينما زيت الزيتون يفضل استعماله على البارد فى السلطات أو إضافته لمنتجات الألبان. ولا يفضل خلط الزيوت ببعضها فلكل خواصه ودرجة احتراقه.
رفع درجة حرارة أى زيت لدرجة التدخين تحيله إلى مركب مختلف قد يحوى مركبات ضارة لذا يجب مراعاة استعماله قبل أن يصل لتلك المرحلة.
يفضل استخدام الزيت دائما بكميات قليلة أما حالات التحمير الغزير (تحمير البطاطس، قلى الطعمية) فيحسن استخدام الزيت لمرة واحدة أو اثنتين على الأكثر.
خضراوات وفواكه طازجة خالية من الملوثات
الخضراوات والفاكهة الطازجة ذاتها لا تحتوى البكتيريا لكنها بلا شك تصل إليك وقد أصابها نصيب وافر من ملوثات التربة والأسمدة والمبيدات إلى جانب أى مصدر آخر خلال تعبئتها ونقلها بل فى أثناء عرضها للبيع.
اختيار الطازج من الخضراوات والفاكهة هو الأصل فى سلامتها. الألوان الزاهية تعكس حضور مضادات الأكسدة ومركبات الفيتو والفيتامينات وتجنب شراء الخضراوات الورقية الذابلة أو التى تقاوم الاصفرار.
غسل الفاكهة والخضراوات تحت الماء الجارى هى أفضل وسيلة لسلامتها، نقعها فى الحوض بعد سده هو أسوأ ما نلجأ إليه حتى مع إضافة مطهرات أو خل.
استخدام الطريقة الصحيحة لتنظيف كل خضار على حدة. البطاطس على سبيل المثال يجب تنظيفها مع غسلها تحت الماء الجارى باستخدام فرشاة عريضة خشنة ولا نختار منها بالطبع المصابة بالبقع الخضراء أو البنية. أما عيش الغراب فيجب استخدام فرشاة صغيرة ناعمة لتنظيفه عند غسله ثم إضافة عصير الليمون إليه حتى لا يتحول لونه للأسود.
حفظ الخضراوات بعد تجهيزها وغسلها وتجفيفها فى الثلاجة (أو الفريزر) يضمن القضاء على الكثير من يرقات الحشرات الدقيقة العالقة بها الأمر الذى يسهم فى سلامتها.
سلق الخضروات داكنة الخضرة مثل السبانخ والخبيزة والبروكلى والكرنب مع التخلص من مياه السلق يساهم فى التخلص من بقية آثار الملوثات.
الأعشاب العطرية (البقدونس، الكسبرة، الشبت.... ) يجب تنظيفها بداية من الأوراق الصفراء وتقليمها ويمكن حفظها بدون غسلها فى الثلاجة لمدة قد تطول لخمسة أيام. الريحان هو العشب الوحيد الذى يجب الاحتفاظ به فى كل مكان متجدد الهواء خارج الثلاجة! إذ يتحول للون الأسود فيها. غسيل الأعشاب فى الماء الجارى أفضل من نقعها فى الماء.
الأسماك واللحوم
فساد الأسماك واللحوم يعلن عن نفسه بصورة لا تغيب عن عين من تعود قضاء متطلبات المنزل لكن الحرص أيضا واجب. شراء الأسماك واللحوم من مكان معروف ذى سمعة جيدة يحافظ على مواصفات النظافة العامة وقواعدها أمر واجب.
تتبيل اللحوم والأسماك بالثوم والبصل والملح والليمون وسائل إلى جانب إضافتها للنكهة المحببة فإنها وسائل للحفاظ على طزاجة اللحوم والأسماك وتخليصها من بقايا ما علق بها من ملوثات.
يراعى بعد التأكد من طزاجة الأسماك (لحم مرن عند الضغط عليها بالأصابع وخياشيم زاهية الحمرة) تنظيفها بالكامل والتخلص من كل الأحشاء حتى ما يتم شيه بالردة كما يفضل المصريون.
الأسماك غزيرة الهدون مثل الثعابين والقراميط تختزن المعادن الثقيلة وأهمها الزئبق لذا يجب تفاديها أو الإقلال منها.
الأعضاء الداخلية والأحشاء مثل الكبد والمخ والكلاوى قد يحسن أيضا الإقلال منها نظرا لاحتوائها على أكبر قدر ممكن من الكوليستيرول والدهون إلى جانب أن وظائف الكبد والكلى تجعلها كالمرشح الذى يحتوى آثار عمليات التخلص من السموم.
تجميد اللحوم والأسماك عمليات آمنة إذا ما توافرت فيها الشروط الصحية وكفاءة الثلاجة. إذا به الثلج يلزم بطهو العطام المجمد أما إعادة تجميده ففيه خطر وارد. فترة تجميد اللحوم والأسماك يجب ألا تتجاوز أربعة أشهر. انتقال العدوى أثناء تحضير نوعين مختلفين من الطعام أمر وارد بسهول لذا يجب الانتباه لغسل الأيدى بالماء والصابون بعد الانتهاء من تحضير نوع قبل الانتقال للآخر. لم يعد خافيا أن معظم أنواع اللحوم المصنعة (اللانشون، البولوبيف، البسطرمة) يحسن تجنبها.
طهى الطعام وحفظه
يجب مراعاة شروط الطهو الصحيحة فى كل أنواع الطعام على حدة وأهمها درجة الحرارة المناسبة لفترة كافية لإنضاج الطعام.
اللحم المفروم هو أخطر أنواع اللحوم إذا لم تتأكد سلامته. التسمم الغذائى وعدوى الإى كولاى أول الأخطار التى يجب تفاديها باختيار لحم طازج قطعة واحدة قبل فرمه ومراعاة عدم اختلاطه بأى لحم آخر أو دجاج على سطح مكان الإعداد.
طهو الهامبورجر فى درجة حرارة عالية (160 درجة مئوية) إذا ما قيست بأحد ترمومترات الطعام التى تسجل درجة حرارة الطعام الداخلية قد تقى من تداعيات مرض الهامبورجر.
طهى الطعام فى أوان فخارية جيدة الصنع أفضل أو زجاجية تحتمل الحرارة أيضا ستانيلس ستيل كذلك حفظها فى الثلاجة فى ذات الأوانى والبعد عن البلاستيك والألومنيوم قدر الإمكان.
حفظ المكسرات بعد تقشيرها والدقيق والردة وجنين القمح والبقسماط الناعم فى الثلاجة يحفظ عليها طزاجتها ويحميها من العفن والملوثات.
بقايا الطعام يمكن حفظها فى الثلاجة مع تغطيتها جيدا بفيلم من البلاستيلك الشفاف أو فى وعاء من الألمونيوم المقوى (فويل) ولا يستحسن الطهو فى أطبقا الفويل أو تخزين الطعام فيها إنما فقط لحفظ الطعام فى الثلاجة لمدة قصيرة.
إعادة استخدام الأكياس البلاستيكية لحفظ الطعام فيها يحمل خطورة انتقال العدوى لذا يجب اقتصاره على مرة واحدة. يجب تفادى الأكياس الداكنة تماما لاحتوائها على الكربون.
امتصاص الزيت من البطاطس أو الباذنجان عند القلى باستخدام أوراق الصحف المطبوعة بما فيها من أحبار عادة بالغة السوء يجب التوقف عنها.
حفظ الطعام بصورة جيدة يحافظ على قيمته الغذائية ويحميه من الفساد ويضمن له المذاق الطيب والصورة الطازجة التى تدفع للأكل بشهية.
شروط بسيطة صحية قد تتطلب بعضا من الجهد وشيئا من المراجعات فى أسلوب شراء الطعام وإعداده وحفظه لكنها فى النهاية تحفظ للطعام سلامته وللإنسان متعة المذاق والصحة.