تغلق القوات الأمريكية مركزها الرئيسي في بغداد اليوم الخميس لتسدل بذلك الستار على 9 أعوام من حرب لم تتوقف منذ اجتياح البلاد عام 2003 لإسقاط نظام صدام حسين. ويمثل الاحتفال الذي سيقام لهذه المناسبة اليوم الفصل الأخير في قصة دامية بدأت باقتناع الولاياتالمتحدة بأن إسقاطها لنظام صدام حسين سيجعلها تفوز تلقائيا بقلوب وعقول العراقيين.
ولكن القصة اتخذت منحى مختلفا عندما قتل عشرات آلاف العراقيين وأكثر من أربعة آلاف جندي أمريكي بعدما عبدت القوات الأميركية الطريق أمام تمرد مسلح إثر حل الجيش خصوصا، وفشلت في منع حرب أهلية دامية بين السنة والشيعة.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما مساء الأربعاء، إن حرب العراق تمثل "نجاحا باهرا تطلب 9 سنوات"، مشيرا في الوقت ذاته إلى "العمل الشاق والتضحيات" التي رأى أنها كانت ضرورية لتحقيق ما تحقق.
وتابع "ندرك جيدا الثمن الباهظ لهذه الحرب؛ أكثر من 1.5 مليون أمريكي خدموا في العراق وأكثر من 300 ألف جرحوا"، وهناك الذين عانوا من اضطرابات نفسية لدى عودتهم إلى بلادهم.
وأعاد الأمريكيون بناء الجيش من الصفر وكذلك الشرطة ومؤسسات الدولة وأطلقوا من جديد الاقتصاد الذي يقوم على الاستهلاك وذلك من خلال استيراد السيارات والأجهزة المنزلية، مع الفشل في تأمين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه النظيفة.
وبعد عام 2007 وخصوصا في 2008، نجح الأمريكيون في تغيير مسار الحرب التي كانوا يخسرونها، من خلال إرسال 170 ألف جندي على الأرض بهدف شل تحركات المتمردين، والاستعانة بزعماء العشائر السنة الذين انقبلوا على تنظيم القاعدة.
ولخص وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا الذي سيشارك في احتفال اليوم في بغداد، سنوات الحرب التسع بالقول إن "مهمتنا تقترب من نهايتها بعد أن قدمنا تضحيات كبيرة والكثير من القتلى؛ فإننا نجحنا في هذه المهمة التي كانت تتركز على تأسيس عراق يستطيع أن يحكم بنفسه وأن يوفر الأمن لشعبه".
وأضاف بانيتا في تصريحات للصحفيين قبيل وصوله إلى بغداد أن "العراق يملك اليوم جيشا يستطيع مواجهة التهديدات، لن يكون من السهل أن تواجه البلاد تحديات مثل الإرهاب، والانقسامات الاقتصادية والاجتماعية، لكننا وفرنا لهم فرص النجاح".
ويغادر الجنود الأمريكيون العراق بحلول نهاية العام تاركين خلفهم 900 ألف رجل أمن عراقي يبدون جاهزين للتعامل مع التهديدات الداخلية، ولكنهم يعجزون عن حماية الحدود البرية والجوية والمائية، بحسب ما يقول مسؤولون عسكريون وسياسيون عراقيون وأمريكيون. وهناك مخاوف إضافية بأن العراق يمكن أن يتأثر بقوى إقليمية مثل إيران، عدوة واشنطن.
كما يخشى عدد من المراقبين الأمريكيين من عودة أعمال العنف الطائفية، ويشككون في قوة الهياكل السياسية في العراق، ويشعرون أن رئيس الوزراء نوري المالكي، وهو شيعي، يرسخ أقدامه في السلطة على حساب الأقليات الأخرى في العراق.