توجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي صباح اليوم الاحد الى واشنطن، للمرة الاولى بصفته رئيس وزراء دولة "لا قوات اجنبية فيها"، لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين عشية انتهاء الانسحاب الاميركي من العراق. وتاتي زيارة المالكي التي ستستمر ليومين ويلتقي خلالها الرئيس الاميركي باراك اوباما، قبل اقل من شهر على اكتمال الانسحاب الاميركي من البلاد بعد ثماني سنوات من الوجود العسكري فيه اثر اسقاط نظام صدام حسين عام 2003.
وقال المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي علي الموسوي لوكالة فرانس برس "ستكون هذه زيارته الاولى وهو زعيم دولة لا قوات اجنبية فيها وتستطيع الاتكال على نفسها بشكل كامل". واضاف "سنناقش كل اوجه التعاون ونفتح افقا جديدا للعلاقات بين بغداد وواشنطن، بعدما كانت تحكمها المسائل العسكرية".
ويرافق المالكي في زيارته هذه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ورئيس هيئة المستشارين ثامر الغضبان، ومستشار الامن القومي فلاح الفياض. كما يرافقه وزير النقل هادي فرحان العامري ووزير التجارة خير الله بابكر ووزير الثقافة والدفاع بالوكالة سعدون الدليمي ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار سامي رؤوف الاعرجي.
ومن المقرر ان يجري رئيس الوزراء العراقي محادثات مع اوباما ونائب الرئيس الاميركي جوزف بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، اضافة الى اعضاء في الكونغرس ورجال اعمال اميركيين، حيث ستتطرق المحادثات الى مسائل عدة تشمل الامن والطاقة والتربية والعدل.
وقال الاعرجي ان "مؤتمرا اقتصاديا كبيرا سيعقد في اليوم الثاني من الزيارة بمشاركة رجال اعمال عراقيين واكثر من 250 شركة اميركية (...) وذلك بالتعاون مع غرفة التجارة العراقية الاميركية وبقية الوزارات من الجانبين". واضاف ان العراق "سيطرح الفرص الاستثمارية الموجودة على الشركات في جميع المجالات خصوصا في البنى التحتية وقطاعات اقتصادية مختلفة"، موضحا ان "المؤتمر سيناقش التعاون في مجال القطاع الخاص، العراقي الاميركي وسبل تعزيزه وتطويره".
وفيما اذا كان العراق سيدعو الشركات الاميركية للعمل في العراق، اشار الاعرجي الى ان "الدعوة قائمة للشركات الاستثمارية الاميركية، والسوق مفتوح لها، لكن هذه الزيارة ستسلط الضوء على الفرص الاقتصادية المتوفرة سواء عبارة عن استثمار او عمل او تجارة، وسيكون كل شيء مطروحا".
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان المالكي واوباما "سيناقشان مغادرة القوات الاميركية للعراق، وجهودنا لفتح صفحة جديدة في اطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدة والعراق". واضاف ان "الرئيس يحيي تضحيات كل الذين خدموا في العراق والشعب العراقي للوصول الى تحقيق الوعد الذي قطعناه بترسيخ صداقة اميركية عراقية في وقت ننهي الحرب في العراق".
ومن المرجح ان تتغير العلاقة بين واشنطن وبغداد اذ يفترض ان يتركز عمل الولاياتالمتحدة في العراق على بعثتها الدبلوماسية المؤلفة من 16 الف شخص بعد ان كان التركيز ينصب على التدخل العسكري. وكان نائب الرئيس الاميركي جوزف بايدن قال في بغداد في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ان العلاقة الاميركية العراقية "لطالما حكمتها النواحي الامنية، لكنها تفتح اليوم الطريق امام شراكة جديدة بين دولتين ذات سيادة تعملان على بناء مستقبل مشترك معا".
وهناك اقل من ستة آلاف جندي اميركي حاليا في العراق يتمركزون في اربع قواعد عسكرية، بعدما بلغ عددهم حوالى 170 الفا في 505 قواعد في عامي 2007 و2008، علما انه من المفترض ان يكتمل الانسحاب بحلول نهاية العام الحالي. وتغادر القوات الاميركية تاركة خلفها حوالى 900 الف رجل امن عراقي يؤكد المسؤولون الاميركيون والعراقيون انهم قادرون على تولي زمام الامور داخليا، الا انهم قد يعجزون عن حماية حدود البلاد واجوائها ومياهها. وسيبقى في العراق حوالى 157 جنديا و763 مقاولا من اجل تدريب القوات العراقية، بحيث يخضع هؤلاء الى سلطة السفارة الاميركية في بغداد.
ويشكل الانسحاب الاميركي من العراق الذي نصت عليه الاتفاقية الامنية الموقعة عام 2008، آخر مراحل الدور الاميركي المتغير في العراق الذي حكمه المسؤولون الاميركيون مباشرة في 2003 و2004، وحتى انتهاء تفويض الاممالمتحدة عام 2009 ثم اخيرا انهاء القوات الاميركية لمهامتها القتالية صيف العام 2011. وهذه ثالث زيارة لنوري المالكي الى الولاياتالمتحدة كرئيس للوزراء.
وكانت الزيارة الاولى للمالكي الى واشنطن جرت في تموز/يوليو 2006 بينما كانت البلاد غارقة باعمال عنف طائفية دامية قتل فيها عشرات الآلاف، تلتها زيارة في تموز/يوليو 2009 بعد انسحاب القوات الاميركية من مراكز المدن. وتراجع العنف بشكل كبير منذ بلوغه ذورته عامي 2006 و2007 خلال المواجهات الطائفية، الا ان الانفجارات والاغتيالات لا تزال مستمرة في العراق حيث شن المتمردون منذ بداية شهر كانون الاول/ ديسمبر هجمات عدة راح ضحيتها العشرات.