تزايدت حدة الخلافات بين التيارات الإسلامية خلال معركة الجولة الأولى للانتخابات، وانسحبت هذه الصورة «الضبابية» على مصير التحالفات بينهم، فيما اعتبر خبير فى الإسلام السياسى أن الخلافات كانت جزءا من «تكتيكات سياسية» للوصول إلى البرلمان، وأنه سرعان ما تذوب الخلافات وتعود التحالفات إلى سابق عهدها. كانت الجولة الأولى قد شهدت خلافات بين الإخوان والسلفيين، وأخرى بين حزبى الوسط والحرية والعدالة، ووصف كل من الوسط والنور السلفى دعاية الإخوان ضد مرشحيهما ب«غير الأخلاقية»، وقال النور ردا على ذلك: «ما كان يجب أن تصدر تلك الدعاية من حزب ذى مرجعية إسلامية يفترض أن يكون نموذجا للأحزاب الأخرى».
وبالرغم من أن هذه الخلافات الانتخابية الأخيرة امتزجت بالخلافات الفكرية والتى لها مرجعية تاريخية بين هذه التيارات الإسلامية، إلا أن بعض المحللين رأوا أن الخلافات مجرد «تكتيك سياسى»، وأن الإخوان سيتحالفون مع السلفيين داخل البرلمان فى حال عدم حصولهم على الأغلبية.
ومن جانبه اتهم حزب الوسط ممارسات الإخوان المسلمين تجاه الأحزاب القوية فى سباق الانتخابات، بأنها كانت أشبه ب«ممارسات الحزب الوطنى المنحل»، وعلق المهندس طارق الملط، عضو المكتب السياسى للوسط، والمرشح على رأس قائمة الدائرة الأولى ببنى سويف، قائلا: «نرى أن هناك إعادة إنتاج للنظام القديم بنفس ممارساته، وإن كنت لا أستغرب صدور هذه الممارسات من الحزب الوطنى المنحل، إلا أننى أستغربها كثيرا من أحزاب يفترض أنها ذات مرجعية إسلامية».
واتهم الملط أعضاء الإخوان بارتكاب تجاوزات أخلاقية وشتائم، وأضاف: «أحد أعضاء الجماعة فى دمياط وجه سبابا لعصام سلطان، نائب رئيس الحزب، ونملك فيديوهات تؤكد هذا الكلام، وفى فترة الدعاية مزق بعض أنصار الإخوان عددا من لافتاتى فى بنى سويف، ولكننا لن ننزل إلى هذا المستوى من الانحدار الأخلاقى»، مطالبا الأحزاب الإسلامية بأن تلتزم بالمرجعية الأخلاقية وألا ترتكب أى مخالفة قانونية أو أخلاقية، واصفا ما حدث من حزب الحرية والعدالة بأنه كان «صادما».
وحول إمكانية الاشتراك مع الإخوان فى البرلمان لتشكيل تحالف إسلامى قال الملط: «هناك مشكلة تاريخية بيننا وبين الإخوان، وهناك تحدٍ شخصى لعصام سلطان وهو ما ظهر فى جولاته الانتخابية ومؤتمراته الجماهيرية، وأنا أجزم باستحالة وجود تحالف، ومن جانبنا لن نعمل إلا لمصلحة مصر داخل البرلمان».
أما حزب النور الذى شكا مما سماه ب«تشويه شبه متعمد من جانب حزب الحرية والعدالة لمرشحى حزب النور»، واتهمهم بممارسة البلطجة ضدهم، أكد الدكتور يسرى حماد، المتحدث باسم الحزب، بأنهم يدرسون الأسلوب الأمثل للحفاظ على حقوق حزبهم وضمان عدم تكرار هذه الممارسات فى المرحلتين القادمتين.
وأوضح أن الإخوان مارسوا البلطجة فى بعض المحافظات ومنها دائرة كرموز بالإسكندرية، واستخدموا أساليب دعائية من بينها التشكيك فى الحزب وما بين ادعاءات كاذبة بتنازل بعض مرشحى حزب النور السلفى لصالح حزب الحرية والعدالة.
وحول تشكيل تحالف إسلامى بالبرلمان قال: «دعويا جماعة الإخوان قريبة من دعوة حزب النور، ولكننا نرفض بعض الممارسات غير المنضبطة بالشرع التى ارتكبها المنتسبون لجماعة الإخوان، وسنتعاون مع الجميع وليس بالضرورة أن يكون تعاوننا مع الإخوان»، مشيرا إلى أنه من الضرورى أن تكون الأغلبية منضبطة فى نطاق الشرع وتبتعد عن الفائدة الشخصية والمصالح الضيقة.
من ناحيته نفى محمد سعد الكتاتنى، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، أن تصل المناوشات التى حدثت أثناء الانتخابات بين مرشحى الحزب وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين وبين المنتمين للتيارات السلفية إلى حد الخلافات الشديدة فى المرحلة المقبلة، قائلا: «كل الحوادث فردية ولا تعبر عن استهداف مدبر ومنظم من أحد ضد الآخر».
وحول إمكانية التحالف مع السلفيين إذا لم يحصلوا على الأغلبية لمواجهة التيارات الليبرالية داخل البرلمان قال: «لا نفكر الآن فى أى تحالفات مع أى من القوى الإسلامية الأخرى سواء مع السلفيين أو حزب الوسط، وملتزمون بالتحالف الديمقراطى».
وأكد أن الحديث عن أى تحالفات فى هذا التوقيت يعتبر أمرا سابقا لأوانه.
من جهته أكد الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدارسات والأبحاث، أن الصراع خلال الجولة الانتخابية الأولى بين الإخوان والسلفيين هو «صراع تكتيكى وليس استراتيجيا»، وأن الصراع الحقيقى والذى ربما يصل لدرجة التكفير، سيظهر مع التنافس على المناصب بعد وضع الدستور أو بعد صفقة مع المجلس العسكرى على تشكيل الحكومة، بحسب قوله، فى حال السماح للأغلبية البرلمانية بتشكيل الوزارة، وإذا استصغر أى حزب غنائمه من مشاركته فى البرلمان سيكون الصراع دمويا بينهم.
ورجح حدوث تحالف بين الحزبين إذا لم تحصل جماعة الإخوان المسلمين على الأغلبية فى البرلمان لمواجهة باقى التيارات الأخرى، مؤكدا أن الصراع سيكون «دنيويا» لأن تلك التيارات ليست مشاريع حقيقية للحكم الإسلامى الرشيد.