اجتماع القوى السياسية فى مقر حزب الوفد بالأمس القريب كانت الشقيقة الكبري، وصاحبة الريادة السياسية، لجميع الأحزاب والحركات الإسلامية، بعد الثورة، لكنها باتت بين ليلة وضحاها، وعلي وقع المصالح الانتخابية، عدوة، لا تلتزم بعهد، ولا ترعي إلا أهدافها الخاصة، حتي ولو كان ذلك علي جثث حلفائها. ذلك هو حال جماعة الإخوان المسلمين حالياً، تماماً مثلما هو حال، ذراعها السياسية، حزب الحرية والعدالة، من وجهة نظر معظم كيانات الإسلام السياسي، في مصر، بدءاً بالجماعة الإسلامية، مروراً بحزبي النور والأصالة السلفيين، وصولاً إلي حزب الوسط. انقلاب الأحزاب الإسلامية، علي الإخوان، بدأ من التحالف الديمقراطي من أجل مصر، الذي تقوده الجماعة ممثلة، في حزبها الحرية والعدالة، حيث توالت الانسحابات من التحالف في الفترة الماضية، من قبل أحزاب النور والأصالة والفضيلة، ذات التوجه السلفي، والوسط والعمل، والبناء والتنمية (حزب الجماعة الإسلامية)، ناهيك عن انسحاب بعض الأحزاب الليبرالية، مثل الوفد والناصري، احتجاجاً علي استحواذ الإخوان، علي رؤوس القوائم الانتخابية، وإصرارهم علي رفع نسب أعضائهم في تلك القوائم، إلي ما يقرب من 60٪ ما يعني ببساطة تضاؤل الفرصة أمام باقي الأحزاب للمنافسة، في الانتخابات البرلمانية المقبلة. لكن الدكتور وحيد عبد المجيد، رئيس لجنة التنسيق الانتخابي للتحالف الديمقراطي، حاول تبييض وجه الإخوان، بالإشارة إلي أن حزب (الحرية والعدالة) اعتلي رؤوس معظم قوائم التحالف، لكونه أكبر الأحزاب شعبية، ولأن مرشحي الإخوان، قادرون علي التنافس وجذب الناخبين للتصويت علي قائمة التحالف. وفي المقابل أرجع أسباب ارتفاع عدد مرشحي الحرية والعدالة، لأكثر من 60٪ لأن معظم المرشحين الذين قدمتهم أحزاب التحالف (فئات)، ما جعل لجنة التحالف، تدفع بعدد من مرشحي حزب الإخوان، لامتلاكه عدداً كبيراً من مرشحي العمال والفلاحين، إضافة إلي رفض أحزاب التحالف الدفع بمرشحيها علي المقاعد الفردية "ما جعلنا ندفع بمرشحي الحرية والعدالة حتي لا نتركها دون التنافس عليها"، بحسب رأيه. كانت الجماعة الإسلامية، آخر المنسحبين رسمياً من تحالف الإخوان، بعد أن دخل حزبها 'البناء والتنمية' في مفاوضات شاقة وقاسية، مع الإخوان، انتهت برفض وضع أسماء مرشحيه علي رأس القوائم، قبل أن يفاجأ بأن التحالف خصص لها 20 مرشحاً فقط، تم وضعهم جميعاً في ذيل القوائم، بحسب تأكيد محمد حسان سكرتير مجلس شوري الجماعة الإسلامية، الذي قال بحسم، إن 'انسحابنا يمثل خسارة للتحالف، لأننا كنا نمثل أكبر كتلة بعد خروج حزبي الوفد والنور"، علي حد قوله. فيما قال الدكتور صفوت عبد الغني، عضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية، أحد الذين قادوا التفاوض مع حزب الحرية والعدالة الإخواني، حول نسب مرشحي الأحزاب في القوائم الانتخابية للتحالف، قال: 'لم نشعر أثناء تفاوضنا مع حزب الحرية والعدالة، بأي حرية وأي عدالة". عبد الغني، شدد أيضاً علي ضرورة أن تتم التحالفات، علي أساس سليم، معتبرا أن التحالف الديمقراطي فشل بامتياز، فلم تكن هناك معايير واضحة تقوم علي المساواة بين التيارات، مضيفاً بأن الإخوان وحزبهم يطمعون في جميع المقاعد البرلمانية، ولن ينفذوا سياسة مشاركة لا مغالبة، لأنهم يريدون السيطرة علي جميع المقاعد، واصفا ذلك السلوك بأنه أقرب لسياسة الحزب الوطني المنحل وقياداته، خاصة أن الجماعة حددت معايير اختيار المرشحين، التي تنطبق علي قياداتها، ووضعت في مؤخرة القوائم، من يستطيعون منافستهم، إذا ما خاضوا المعركة في مواجهتهم. قيادي الجماعة الإسلامية، زاد بأن جماعة الإخوان تعاملت مع الأحزاب الأخري، وكأنها ديكور، وهمشتها وكانت تسعي للقضاء عليها، إذا ما قررت الاستمرار معها في التحالف الانتخابي، معتبراً اسلوبها في الاختيار، أقرب لترزية القوانين الذين يضعون معايير لا تنطبق إلا عليهم، ما رد عليه عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعادالة الإخواني، الدكتور أحمد أبو بركة، بأنهم يتفهمون أن الأزمة ترجع فقط لتطبيق معايير اختيار المرشحين بشكل صارم علي أحزاب التحالف الديمقراطي، بينما رفض المساواة بين الإخوان وبين الحزب الوطني بشدة. بينما أكد الدكتور طارق الزمر، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة الإسلامية: 'إن حزب البناء والتنمية، يسعي إلي تجاوز الأزمة، من خلال تحالف كبير يضم كل الأحزاب السلفية، بدءاً من حزبي النور والأصالة، وربما الفضيلة، ومعها حزبا العمل والوسط، لمنافسة التحالف الديمقراطي، الذي لم يتبق معه غير الأحزاب الكارتونية الصغيرة"، كاشفاً عن وجود اتصالات بين تلك الأحزاب "لإعلان تحالف إسلامي، يضمها جميعاً، ومعها البناء والتنمية'. يأتي هذا، بينما حدد عاصم عبد الماجد عضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية، خارطة تحالفات جماعته، في انتخابات مجلس الشعب المقبلة، مشيراً إلي أنها ستتحالف مع حزب النور السلفي في القاهرة،والوجه البحري، وبني سويف، والفيوم، والبحر الأحمر، والوادي الجديد، والعريش، ومطروح، علي أن تخوض الانتخابات منفردة في محافظات المنيا، وأسيوط، وسوهاج، والاقصر، وأسوان. انسحاب الجماعة الإسلامية، من التحالف الإخواني، كان قد سبقه انسحاب، لحزبي النور والأصالة السلفيين، اللذين اتفقا مؤخراً، علي خوض الانتخابات البرلمانية علي قائمة واحدة، هي قائمة حزب النور، تضم مختلف التيارات والأحزاب الإسلامية. الدكتور يسري حماد المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي، قال إن الحزب يقوم بهذا الدور من واقع إحساسه بالمسئولية الشديدة، تجاه أبناء التيار الإسلامي،معتبراً أن حزب النور بات "بمثابة القاطرة التي تقود التيار الإسلامي". في الاتجاه نفسه أكد اللواء عادل عفيفي رئيس حزب الأصالة، أن التحالف مع حزب النور، لأنه سيؤدي إلي توحيد صفوف التيار الإسلامي، وعدم تشتيت الأصوات. يشار إلي أن حزب الوسط، قد أعلن انسحابه من اجتماع التحالف الديمقراطي، إثر الخلاف الذي نشب بين الوسط والإخوان، بعد اللقاء الأخير الذي جمع الفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، مع عدد القوي السياسية، لتعديل قانون الانتخابات، فيما أكد المهندس طارق الملط، المتحدث باسم الوسط، أنهم لم يكونوا يوماً في تحالف انتخابي مع الإخوان، فيما تشير التوقعات إلي تحالف حزب الريادة، أحد الأحزاب المنشقة عن الإخوان، مع الوسط، من أجل مواجة النفوذ الإخواني المتصاعد، في الاستحقاق البرلماني المقبل.