يرتفع صوت الدى جى «كلكوا عارفين رقم 21»، بجانب طابور طويل من الناخبين يمتد إلى عدة أمتار يقف فيه، على حسن، سمكرى سيارات، بمنطقة منشأة ناصر. يرى حسن أن «سكان المنطقة كلهم معدمون، وعايزين نائب يمثلنا ويخدمنا، هنا لا مياه ولا نور، ولا حد بيحس بينا».
حسن الذى ارتدى ملابس الشغل، وجاء ليقف فى هذا الطابور أمام مدرسة العروبة الابتدائية، اختار قائمة السلفيين، «لأنهم الأصلح، وحاسس كده إن الإخوان هيتعبونا فبلاها إخوان المرة دى».
من أجل الحرية، جاء حسن، الذى يبلغ من العمر 51 عاما، ليدلى بصوته «علشان أشارك فى حرية بلدى، وخلاص بقى أحنا بقينا أحرار، ولينا صوت بعد ما كنا معدمين».
بجانب حسن، وقفت أم منعم، تحكى لجاراتها إنها اختارت «الحزب الوطنى، رمز الميزان»، فردت عليها إحدى الجارات «دول الإخوان بتوع ربنا»، «أه معلش هما قالولى انتخبى الميزان والميكروفون، وأنا معرفش دول مين».
لم تنتبه أم منعم إلى من اختارت ليمثلها فى البرلمان «مش بيقولوا حزب الحرية والعدالة، يبقى أكيد هيخلى العدل فى كل مكان»، وتضيف «واللهى لولا الغرامة بتاعت 500 جنيه ما كنت خرجت ولا شوفت اللجنة».
لا تريد أم منعم أى شىء من النائب الذى سيفوز سوى أن «يعمل لنا كوبرى فى أول منشية ناصر، بدل الكوبرى اللى كل شوية يقع».
على عكس أما منعم جاءت مارثا فوزى، وهى تحدد من ستنتخب «انتخبت تيسير فهمى، ومريم، دول كويسين وبيلفوا علينا وبيعرفوا طلبتنا من أول يوم نزلوا فيه».
بالنسبة لمارتا النائب هو «اللى هيجبلى مستشفى ومدرسة يتعلم فيها ولادى بدل الدروس الخصوصية اللى أحنا بندفع فيها كل فلوسنا».
رؤية مارثا عن الانتخابات البرلمانية الحالية، مثل بقية أهالى منطقة منشأة ناصر، «دى جت بعد الثورة، وأحنا عايزين حرية»، لكن صفو هذه الحرية لم يعكرها «إلا الناس اللى ماتوا فى ميدان التحرير، هما دول مش منا واللا إيه».
الأمر لا يبدو مختلفا فى منطقة مثل مقابر البساتين، فالكل يريد أن «نعيش زى البنى آدمين»، مثلما يقول عم جابر.
يسكن عم جابر فى المقابر منذ أن ولد ولم يخض تجربة الانتخاب من قبل، «لكن هذه المرة قررت انتخب علشان البلد تكون أحسن»، يحلم عم جابر، «بمعاش من 200 إلى 300 جنيه، يوفره له النائب الجديد».
لم يحدد بعد عم جابر، الذى يعمل مساعد تربى، من سينتخب «اللى هيقولولى عليه هنتخبه، المهم يكون واحد ابن حلال»، يقول عم جابر الذى يبدو عليه معالم البؤس والفقر.
مثل عم جابر، تكسن أم خميس، إحدى مقابر البساتين، لكنها قررت أن «تنتخب الإسلام»، لأنه وبحسب قولها «جربت الحزب الوطنى قبل كده وسرقونا وسرقوا البلد وودونا فى 60 داهية، لكن نائب الإسلام هيكون منه لربنا هو اللى يحاسبه بقى».
لأول مرة فى عمرها خرجت أم خميس، التى تبلغ 50 عاما، من مقبرتها لتنتخب، «مش عايزه أى حاجة من النائب، عايزه بس يجيب خير لينا وللبلد».
أمام لجنة مدرسة رابعة العدوية الإعدادية والتى تقع وسط مقابر البساتين، وقفت أم خميس تدعو الناخبات إلى اختيار الدين، «أيوه عايزين نلبس طويل وبناتنا تقعد فى البيوت»، هكذا تلخص رأيها لبعض الناخبات التى اعترضت على انتخابها للإسلام.