انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    "التعليم": تنفيذ برامج تنمية مهارات القراءة والكتابة خلال الفترة الصيفية    إنتهاء أزمة البحارة العالقين المصريين قبالة الشارقة..الإمارات ترفض الحل لشهور: أين هيبة السيسى ؟    نشرة التوك شو| "التضامن" تطلق ..مشروع تمكين ب 10 مليارات جنيه وملاك الإيجار القديم: سنحصل على حقوقن    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 11 مايو 2025    انتهاء هدنة عيد النصر التي أعلنها الرئيس الروسي في أوكرانيا    إعلان اتفاق "وقف إطلاق النار" بين الهند وباكستان بوساطة أمريكية    في غياب عبد المنعم، نيس يسقط أمام ستاد رين بثنائية بالدوري الفرنسي    سامي قمصان: احتويت المشاكل في الأهلي.. وهذا اللاعب قصر بحق نفسه    التحفظ على صاحب مطعم شهير بمصر الجديدة (صور)    الأرصاد تكشف موعد انخفاض الموجة الحارة    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    إصابة شاب صدمه قطار فى أبو تشت بقنا    وزير التعليم: إجراءات مشددة لامتحانات الثانوية العامة.. وتعميم الوجبات المدرسية الساخنة    بضمان محل الإقامة، إخلاء سبيل بسطويسي عامل سيرك طنطا بعد زعمه التعرض لحادث سرقة    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    بعد الفيديو المثير للجدل، أحمد فهمي يوضح حقيقة عودته لطليقته هنا الزاهد    رئيس محكمة الأسرة الأسبق: بوسي شلبي تزوجت محمود عبد العزيز زواجا شرعيا    وزير الصحة: 215 مليار جنيه لتطوير 1255 مشروعًا بالقطاع الصحي في 8 سنوات    إجراء 12 عملية جراحة وجه وفكين والقضاء على قوائم الانتظار بمستشفيي قويسنا وبركة السبع    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    حكام مباريات الأحد في الجولة السادسة من المرحلة النهائية للدوري المصري    مصابون فلسطينيون في قصف للاحتلال استهدف منزلا شمال غزة    «التعاون الخليجي» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    المركز الليبي للاستشعار عن بعد: هزة أرضية بقوة 4.1 درجة بمنطقة البحر المتوسط    5 مصابين في انقلاب ميكروباص بالمنيا بسبب السرعة الزائدة    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    قفزة بسعر الفراخ الساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأحد 11 مايو 2025    رياضة ½ الليل| هزيمتان للفراعنة.. الزمالك يلجأ لأمريكا.. كلمات بيسيرو المؤثرة.. وشريف ومصطفى احتياطي    دلفي يواجه القزازين.. والأوليمبي يصطدم ب تلا في ترقي المحترفين    عددها انخفض من 3 ملايين إلى مليون واحد.. نقيب الفلاحين يكشف سر اختفاء 2 مليون حمار في مصر (فيديو)    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    في أهمية صناعة الناخب ومحاولة إنتاجه من أجل استقرار واستمرار الوطن    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 11 مايو 2025    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروعات التطوير بمارينا وكومبوند مزارين بالعلمين الجديدة    سورلوث يُبدع وأتلتيكو مدريد يكتسح ريال سوسيداد برباعية نظيفة في الليجا    نشوب حريق هائل في مطعم شهير بمنطقة مصر الجديدة    خالد الغندور: مباراة مودرن سبورت تحسم مصير تامر مصطفى مع الإسماعيلي    بعد أيام من رحيله.. سامي قمصان يتحدث عن صفقة انتقال زيزو إلى الأهلي    تفوق كاسح ل ليفربول على أرسنال قبل قمة اليوم.. أرقام مذهلة    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    حان وقت التخلص من بعض العلاقات.. حظ برج القوس اليوم 11 مايو    «عشان تناموا وضميركم مرتاح».. عمرو أديب يوجه رسالة إلى أبناء محمود عبدالعزيز    افتتاح النسخة الثالثة لمعرض البورتريه المعاصر بجاليري قرطبة.. الأربعاء    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    رئيس الوزراء الباكستاني: انتصرنا ب«لا إله إلا الله» ودعوات جنودنا في سجودهم    أبرزها الإجهاد والتوتر في بيئة العمل.. أسباب زيادة أمراض القلب والذبحة الصدرية عند الشباب    تبدأ قبلها بأسابيع وتجاهلها يقلل فرص نجاتك.. علامات مبكرة ل الأزمة القلبية (انتبه لها!)    منها «الشيكولاتة ومخلل الكرنب».. 6 أطعمة سيئة مفيدة للأمعاء    أخبار × 24 ساعة.. رفع معاش تكافل وكرامة ل900 جنيه يوليو المقبل    وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا يبحثان مستجدات الأوضاع    قلعة طابية الدراويش.. حصن مصري يحتضن حكاية اختطاف أعيان باريس    بوتين يعبر عن قلقه بشأن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : رسالة مفتوحة لمعالي وزير الأوقاف؟!    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يخدعنا الإعلام؟

الإعلام سلاح خطير بالذات فى المجتمعات التى ترتفع فيها نسبة الأمية. والحقيقة أن مصر فيها نسبة أمية مرتفعة. وهو خطير كذلك فى المجتمعات التى يكون مستوى المتعلمين فيها متواضعا، والحقيقة أن مستوى التعليم فى مصر متواضع. وهو كذلك حاسم فى المجتمعات التى تمر بحالة عدم استقرار. والحقيقة أن مصر تمر بحالة عدم استقرار بحكم الثورة وتداعياتها. وهو نافذ التأثير عند أولئك الذين تغلب عواطفُهم عقولهم. والحقيقة أن قطاعا لا بأس به من المصريين يميلون للعاطفة أكثر من العقل. والأهم من كل ما سبق، هو مدمر إذا كان بعض القائمين عليه غير مؤهلين بشكل كاف أو مستعدين لأن يتاجروا بما مكنهم الله فيه. والحقيقة أن مصر تعانى من هؤلاء.

هذه كانت مقدمة ربما غير ضرورية من الناحية المعلوماتية لكنها ضرورية للتحوط من خطورة ما يحدث فى الإعلام. وبما أنها صنعة، مثل أى صنعة، لها أدوات ومهارات، فقد يكون من المفيد أن نتعرف على بعض من هذه الأدوات وكيف يمكن أن يساء استخدامها بما يفضى إلى خداعنا. وسأكتفى لأغراض المساحة بثمانى أدوات، العلم بها مهم حتى يتجنبها من يكتبون ويقولون وكى يتحوط منها من يقرؤون ويشاهدون.

●●●

أولا تلطيف القبيح أو التهدأة (Euphemism) وهى الأداة التى يلجأ إليها الإنسان لتخيف وطأة خبر مزعج أو صفة ممقوتة، وهى مسألة شائعة فى الثقافات المختلفة مثل استخدامنا لعبارة «المرض الوحش» كإشارة لمرض السرطان أو «المثلية الجنسية» بدلا من «الشذوذ الجنسى»، أو ما اعتادته حكومات الحزب الوطنى من قبيل «تعويم الجنية» كإشارة ملطفة لتخفيض قيمة الجنيه فى مقابل العملات الأخرى (وهو بالمناسبة ليس أمرا معيبا من الناحية الاقتصادية، ولكنه كان غير مقبول شعبيا آنذاك). ونفس الكلام ينطبق على «تحريك الأسعار» بدلا من «زيادة الأسعار»، أو «الحياد الأمنى» أثناء انتخابات العهد السابق مع أن الأدق هو القول: «السماح للبلطجية بالتدخل من أجل إعاقة مشاركة الناخبين». ومن قبل ذلك استخدمت لفظة «النكسة» كبديل عن الهزيمة الهائلة التى منينا بها والدول العربية الأخرى وراح ضحيتها حوالى 20 ألف جندى وضابط مصرى فى مقابل 150 إسرائيليا. أوحين نقول إن فلانا «عبر عن موقفه بصراحة» فى حين أنها حقيقة استخدم لغة حادة تصل لحد التطاول.

إذن التلطيف أو التهدأة يمكن أن تكون محاولة بريئة لعدم إثارة الذعر (وهذا قد يكون محمودا) أو اجتهاد غير بريء من أجل تضليل الرأى العام.

ثانيا تهييج المشاعر (Sensationalism)، وهو العكس تماما من تلطيف القبيح. وهو ما يعنى استخدام لغة أو صور حادة حادة بهدف إثارة الرأى العام فى اتجاه معين. ومن أمثلة ذلك استخدام لفظة من قبيل «أولاد القردة والخنازير» للإشارة لأبناء ديانة معينة، أو استخدام لفظة من قبيل «المجتمع الجاهلى الكافر» لوصف المجتمع الذى لا يطبق الحدود، أو «القوى الظلامية» لوصف قوى تدعو للتمسك بالمرجعية الإسلامية، أو «الفاشية المصرية» لوصف مؤيدى المشروع الناصرى، أو «المارينز والعملاء» لوصف من يؤيد عملية التسوية مع إسرائيل على النمط الساداتى أو استخدام عبارة من قبيل: «أزمة طاحنة بين المحامين وتيار الاستقلال بسبب قانون الانتخابات الجديد» مع أن المسألة لا تصل لدرجة الأزمة وإنما هو اختلاف فى وجهات النظر وسيحل عبر آلياته.

ثالثا التأطير (Framing) أى وضع إطار معلوماتى يسمح بتفخيخ أو تخفيف الخبر أو المعلومة. بعبارة أخرى أى وضع مقدمات معينة تقودنا لاستنتاجات معينة دون التغيير فى نص الخبر نفسه.

فيمكن لنا أن نقدم خبرا ما لشخص ما فى ضوء عدد من المقدمات التى تجعلنا نتقبل الخبر أو المعلومة عكس ما كان يمكن أن يكون عليه الحال لو قدمت المعلومة فى سياق آخر.

مثلا، لو قلنا لشخص ما: «ماذا ستفعل لو ابتلاك الله فى ابنك؟» فيظن الرجل أن ابنه قد أصابه مكروه ثم ننتهى لنقول له إن ابنك رسب فى امتحانات الجامعة. لا شك أن الرجل قد ينتهى به الحال لأن يتقبل الخبر شاكرا لله لأنه قارن هذا الخبر غير المبهج بما كان قد توقعه من كارثة كبرى. عكس لو قيل لنفس الشخص الخبر من منظور أن كل زملاء ابنه نجح باستثناء ابنه، فهنا سيكون رد فعله قطعا مختلفا.

نفس الكلام ينطبق علينا حين نقرأ عبارة من قبيل: «فلان يرفض إدخال أى تعديل على المادة الثانية من الدستور» وهى عبارة محايدة فى صياغتها تلك، لكنها يمكن أن توضع فى إطار يجعلها تميل إلى تيار سياسى دون آخر مثل أن نقول: «فلان تحفظ على طرح الإسلاميين ورفض إدخال أى تعديل على المادة الثانية من الدستور.» وهنا يكون الإطار قد وضعنا فى سياق أنه رفض تعديل المادة حتى لا تكون أداة لوجود هيئة تراقب «إسلامية» القوانين مثلا.

رابعا الحذف المقصود (Deliberate Omission):
وهو حذف جزء من الخبر من أجل إعادة توجيه المعنى لخدمة غرض آخر، وهى حقيقة عدم أمانة فى النقل.

مثل خبر يقول: «فلان الفلانى: إسرائيل فيها وحدة وطنية أكثر من مصر». فى حين أن أصل الخبر أن هذا الشخص نقل عن نتنياهو ادعى أن إسرائيل فيها وحدة وطنية أكثر من مصر.

أو القول بأن شخصا ما يقول: «السلفيون حراس العقيدة» فى حين أن صحيح الرواية هو أن فى كل دين هناك مجموعة من أتباعه يعتبرون أنفسهم حراسا للعقيدة، وينظرون لقضايا المجتمع من منظور الكفر والإيمان هؤلاء يطلق عليهم فى اليهودية والمسيحية الأصولية أوالأورثوذوكسية وفى الإسلام يطلق عليهم الأصولية أوالسلفية.

خامسا النبذ بالصفات أو الألقاب (Name calling):
وهى أداة تستهدف لفت الانتباه عن مضمون الكلام بتركيز الانتباه على أمر سلبى ما فى قائله. مثلا خرجت صحيفة مؤخرا بخبر يقول: «زعيم الفلول: مصر ملك للجميع وقيادات الحزب الوطنى قطعا أخطأت فى حق مصر». الإشارة إلى أن الرجل «زعيم الفلول» نال من مصداقيته ومن ثم تراجعت قيمة الفكرة التى كان يقولها رغما عن صحتها. مثال آخر يأتى من إحدى الصحف العربية التى قال عنوانها: «الداعية فلان الفلانى يدعو الناس ل «التلذذ» بالصلاة والبعض يصفه بأنه معشوق النساء وآخرون يشبهونه بأنه مايكل جاكسون الدعاة». قطعا الاستخفاف بالداعية فى العنوان سيجعل أى كلام منسوب إليه غير مقبول عند البعض لأن الصورة الذهنية التى تكونت عنه فى العنوان أنه غير صادق فى ما يقول.

سادسا الإيحاء الضمنى Insinuation:
وهى محاولة لمخاطبة اللاوعى بشكل غير مباشر. مثلا إحدى الصحف العربية كتبت من فترة عنوانا وكأنه يطعن ضمنا فى تطبيق الشريعة الإسلامية حين قالت: «إقبال نساء كثيرات فى جنوب السودان على «أقدم مهنة فى التاريخ» بسبب بحثهن عن الحرية الجنسية التى صادرتها القوانين الإسلامية الصارمة التى يطبقها الشمال.» وكأن القضية مرتبطة بالشريعة الإسلامية رغما عن أنها حين نقرأ الخبر ليست مرتبط بالشريعة على الإطلاق. لكن الرسالة المسكوت عنها أن تطبيق الشريعة سيكون له مضار شديدة على النحو المفهوم ضمنا.

سابعا، حذف الفاعل (Omission of the Agent)
وهى أداة تستخدم إما لحماية الشخص المحذوف اسمه أو لتشويهه. مثلا تخرج صحيفة تقول: «مصرع فلسطينيين كانا يعدان قنبلة لعملة إرهابية» رغما عن أن متن الخبر يقول: «إسرائيل تقتل فلسطينيين اشتبهت فى أنهما يعدان لعملية فدائية.» الخبر فى نصه الأول يحمل المسئولية للفلسطينيين لكن متن الخبر يحمل إسرائيل المسئولية.

ثامنا، التمجيد المبالغ فيه (Glorification Mechanisms). والصحافة والإعلام المصريان حافلان بهذه الآليات من قبيل: «زعيمك خلاك زعيمة،» و«ريسنا ملاح ومعدينا» و«عاش.. عاش» و»اخترناه.. اخترناه..» و»جند الله هم الغالبون» لوصف فصيل إسلامى معين لنفسه.

●●●

كل ما سبق لا ينفى أن مصر عرفت وتعرف إعلاميين وصحافيين نبلاء جسدوا أفضل معانى المهنية وعلموها للمحيطين بهم. ولنعتبر هذا المقال تحية منا لهم، ورسالة منا لمن لم يحذوا حذوهم أن يعودوا إلى الأصل، حيث لا ينبغى أن يصح إلا الصحيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.