شقت قوات الحكومة الليبية طريقها شارعا تلو الآخر لتدخل وسط سرت مسقط رأس معمر القذافي، أمس الأربعاء، بعد أن قال قادة ميدانيون، إن معركة السيطرة على المدينة دخلت ساعاتها الأخيرة. والسيطرة على سرت لها أهمية رمزية كبيرة للحكام الجدد في ليبيا، لأن ذلك سيعني السيطرة على أكبر جيب مقاومة موال للقذافي، وسيسمح للحكومة المؤقتة بإجراء عملية انتخابات ديمقراطية.
وكانت تكلفة المعركة للسيطرة على المدينة باهظة في صفوف المدنيين، فقد تقطعت بهم السبل بفعل القتال مع تضاؤل إمدادات الغذاء والمياه وعدم توفر منشآت طبية مناسبة لعلاج الجرحى، وخفت حدة نيران المدفعية الثقيلة والقذائف الصاروخية من جانب الموالين للقذافي ضد مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي عند أطراف المدينة، أمس الأربعاء، مما سمح للقوات الحكومية بالتقدم.
وقال عادل الحاسي، وهو قائد محلي لقوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي: "أكثر من نصف المدينة يخضع الآن لسيطرة الثوار. وخلال يومين ستكون سرت حرة بإذن الله".
وقال مسعفون في مستشفى ميداني خارج سرت: إن ثلاثة من مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي قتلوا و20 آخرين أصيبوا بجراح يوم الأربعاء.
وتحول وسط سرت إلى حرب شوارع، مع لجوء القوات الموالية للقذافي إلى استخدام الأسلحة الصغيرة، وتقدمت قوات المجلس الانتقالي إلى حي الحكومة في سرت الذي يضم مجموعة من الفنادق الفاخرة والفيلات ومراكز المؤتمرات، حيث اعتاد القذافي استضافة الزعماء الأجانب.
وتمركزت مجموعة من المقاتلين المناهضين للقذافي في فندق فاخر على ساحل البحر المتوسط، استخدمته ستارا لإطلاق النار على الموالين للزعيم المخلوع في منطقة سكنية تقع على بعد نحو 300 متر.
يأتي ذلك وسط تحذيرات من وكالات المساعدات الدولية من كارثة إنسانية تحدث داخل سرت، قائلين: إن "المصابين يموتون داخل المستشفى لعدم تلقيهم العلاج المناسب بينما يصاب السكان بالمرض نتيجة سوء التغذية وتلوث مياه الشرب".
وقال روبرت لانكناو، عامل إغاثة لدى منظمة أطباء بلا حدود: إنه "يعمل في مستشفى ميداني قرب سرت كان يعالج يوميا ما يصل إلى 100 مدني من الفارين من القصف".
وفي طرابلس قالت وحدة عسكرية متحالفة مع المجلس الوطني الانتقالي، يوم الأربعاء، إنها "عثرت على قبر جماعي في طرابلس يحوي جثث ما يزيد على 200 شخص توفوا في الفوضى التي أحاطت هجوم المعارضة الذي أطاح بمعمر القذافي".
ويقول المجلس الانتقالي، إنه "آخر تقدمه النهائي نحو سرت إلى أن يغادرها كل المدنيين الذين يريدون الخروج منها"، لكن سكان المدينة عبروا عن غضبهم واستيائهم من القوات المعارضة للقذافي، قائلين: إنها "كانت تقصف المدينة دون تمييز".