رغم الاندثار القسري الذي تواجهه السينما العراقية منذ سنوات، يشكل مهرجان بغداد الدولي السينمائي الثالث، الذي انطلقت أعماله أمس الاثنين ويستمر إلى السادس من أكتوبر، في بغداد فرصة لحماية ما تبقى، والحفاظ على إرث ناله التهميش، مع سعيه لاحتلال مكانة إقليمية. وتأتي إقامة هذا المهرجان الذي تنظمه جمعية "سينمائيون بلا حدود" التي تستمد دعما خارجيا من منظمات المجتمع المدني، في إطار السعي لإعادة الحياة إلى السينما العراقية والمحافظة على الوعي السينمائي.
ويأمل القائمون عليه أن تلفت دورته الحالية الأنظار لتحقيق ثقة حقيقية لدى الجهات الحكومية حول أهمية الفن السابع، ليشهد نموا متميزا في المستقبل ينعكس على الثقافة السينمائية العراقية وطبيعة الصناعة الراكدة والمتعطلة منذ تسعينيات القرن الماضي، إثر الحصار القاسي الذي واجهته البلاد وألقى بظلاله على كل ألوان الفنون.
ويقول عمار العرادي، رئيس "جمعية سينمائيون بلا حدود": إن "المهرجان يأمل أن يلفت الأنظار إلى الواقع السينمائي الذي تشهده البلاد، وربما يدفع بالجهات المعنية وخصوصا الحكومية، لإظهار الدعم لإعادة الحياة اإلى السينما العراقية".
ويسعى القائمون على الجمعية أن يأخذ المهرجان بعدا إقليميا وعربيا، خصوصا بعدما انتشرت أصداؤه خارج البلاد، واستوعب المهتمون بالشأن السينمائي أهدافه وخطواته.
وأوضح العرادي "نأمل أن تأخذ الدورة الجديدة للمهرجان مكانة إقليمية وعربية إلى جانب المهرجانات الاخرى التي تقام سنويا"، الا ان العرادي لم يخف حجم المشاكل التي يواجهها المهرجان قائلا "ليست لدينا ميزانية مالية ولا نتلقى اي دعم حكومي بل نعتمد على مساهمات خارجية لكنها محدودة".
واضاف "لكن التحدي للمضي في اهدافنا سيمنحنا الثقة للتغلب على تلك المصاعب" مشيرا الى انه "في النسختين الاولى والثانية، لم يكن هناك حضور متميز من المهتمين بالسينما من الخارج لكن الدورة الحالية ستشهد مشاركة لافتة وهذا بالطبع سيشكل نقلة نوعية" وتابع "لذا نتطلع ان يسهم بعودة السينما العراقية الى ماضيها وسابق عهدها تدريجيا".
ويفتتح المهرجان بعرض الفيلم الجزائري "رحلة الى الجزائر " للمخرج كريم البهلول.. كذلك تقام على هامش المهرجان ورشة نقاشية خاصة بالسينما الالمانية يعرض خلالها 14 فيلما المانيا متنوعا.
وسيشارك 80 فيلما من 30 دولة في المهرجان تعكس تجارب سينمائية لاجيال مختلفة والوان سينمائية متعددة، وخصصت مساحة كبيرة لافلام الشباب العراقيين والعرب.
ويمنح المهرجان جوائز لافضل فيلم روائي طويل وافضل فيلم قصير وافضل فيلم وثائقي وتضم لجنة التحكيم مخرجين وفنانين من مصر والمغرب والجزائر اضافة الى العراق.
وانطلق المهرجان للمرة الاولى العام 2005 واقيمت دورته الثانية العام 2007 وشهدت مشاركة محدودة نظرا للاوضاع الامنية التي كانت تشهدها البلاد انذاك... ويهدف المهرجان بحسب المنظمين الى اتاحة الفرص امام الكوادر السينمائية التي تعيش ركودا، واطلاعهم على التجارب السينمائية الاخرى.
وقد تأسست جمعية "سينمائيون بلا حدود" العام 2004 بمبادرة من الفنانين طاهر مسلم الذي يدير المهرجان وعمار هادي رئيسها، وتضم عددا من المهتمين بالصناعة السينمائية.
وعانت السينما في العراق خلال السنوات الماضية من اندثار حقيقي نتيجة غياب صالات العرض وانعدام الاهتمام في هذا الفن الذي عرفته البلاد منذ العام 1909. وقد فتحت اول دار عرض في بغداد العام 1911.
وانجبت السينما العراقية اجيالا من الفنانين الذين تركوا بصماتهم على الصناعة السينمائية في العراق وعلى ثقافة الفن السابع، قبل ان يبدأ التاريخ الحقيقي لانهيار السينما العراقية مع مطلع تسعينيات القرن الماضي بسبب تعرض البلاد لحظر دولي. وتواصل تدهور الوضع السينمائي في العراق بعد العام 2003