مرت منذ أيام، ثمانية أشهر "28 يناير 2011 28 سبتمبر"، منذ اختطاف ثلاثة ضباط مصريين أثناء عملهم في تأمين الأكمنة الموجودة بين مدينتيّ "رفح" المصرية والفلسطينية في مهمة عمل كُلفوا بها لمدة 15 يوما، إبان يوم 22 يناير قبل الثورة بأيام، إنها قصة مجموعة الثلاثة "الرائد محمد الجوهري 32 سنة، والنقيبان شريف المعداوي 26 سنة، ومحمد حسين سعد - 25 سنة". "بابا في مأمورية عمل؛ ممنوع استخدام أي وسيلة اتصال فيها"، هكذا كان بداية حديث دعاء، حرم الرائد محمد الجوهري، ل"الشروق"، مؤكدة أن تلك كانت إجابتها علي أسئلة نجليهما المتكررة "بابا فين؟"، لكن مع استمرار أزمة اختطافه وزميليه، أصبحت الإجابة المتكررة لا معني لها.
تعود دعاء بالذاكرة للوراء، وتقول: "تزوجت من محمد منذ سبع سنوات، ورزقنا الله بطفلين رودينة - 4 أعوام، ومصطفى عامان، وهو رائد بإدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الدقهلية، وكان يمارس وظيفته بشكل طبيعي".
وتضيف دعاء: "مع بداية شهر يناير، بدت نفسية محمد متغيرة، فأصبح قلقا طول الوقت، وقال لي مرة "سيناء لم تعد ملكا لنا.. أنا قلق على مصير البلد"، ويبدو أنه كان يستشعر شيئا ما، ليتم تكليفه بمهمة عمل برفح المصرية، ولكن عقب قيام ثورة 25 يناير بدأ الوضع في الاضطراب برفح، وصولاً ليوم جمعة الغضب 28 يناير، حيث استشهد الضابط الذي كان مقررا أن يتسلم منه محمد وردية الكمين".
وتشير دعاء "حينها أصدرت المديرية قرارا بتوقف المأموريات والعودة للأكمنة لحين إشعار آخر، ليتوجه وقتها محمد للعريش بسيارته، و بصحبته النقيبان المختطفان "شريف المعداوي 26 سنة، متزوج، ولديه طفلان حبيبة 5 سنوات و يوسف سنتين، والنقيب محمد حسين إسماعيل 25 سنة وهو عريس جديد، حيث تزوج يوم 22 ديسمبر أي قبل الواقعة بشهر، و توجه الثلاثة للمبيت في فندق "بالما بلازا" وهو فندق تقوم المديرية بتأجيره للضباط المغتربين.
"محمد كان علي اتصال بنا عبر تليفون الفندق، نظراً لقطع المحمول أثناء الثورة و يوم 3 فبراير كان أخر اتصال"، وقال لي والكلام لدعاء أنه يشعر بأنه مُراقب من شخص ما، وهو ما أكده زملائه المختطفان، طلبت منه الرجوع فوراً، لكن الطرق كانت غير مؤمنة، لتنقطع أخباره عقب اتصاله بأخيه في نفس اليوم، موصياً إياه برعاية أهله وأطفاله.
وتضيف دعاء "بعد أيام علمت أن شهود عيان، شاهدوا سيارة الرائد محمد وبرفقته الضابطين المختطفين حيث استوقفهم بعض الملثمين بالسلاح الآلي في منطقة الضبعة، ليتم اقتيادهم واختطافهم بعد حرق السيارة التي وجدت عقب الحادث بأربعة أيام بعد 10 كيلو متر من موقع الفندق.
أما عن الإجراءات التي اتخذتها دعاء حتى الآن، فكانت بلاغ إلي مديرية أمن الدقهلية يوم 11 فبراير، ثم تشكيل فريق لمتابعة الأمر من أسر الثلاثة ضباط، توجهت مرة لمجلس الوزراء و المخابرات المصرية، لكن لم يسمحوا لهم بالدخول وطلبوا منهم كتابة المشكلة في ورقه لحين تلقي الرد منهم على حد قول دعاء.
توجهت بعد ذلك لوزير الداخلية اللواء منصور العيسوي يوم 17 مارس، والذي أمر بتشكيل فريق داخل شمال سيناء للبحث عنهم، ولكن ظل البحث لمدة شهر بلا أية نتيجة.
تضيف دعاء أنها علمت من خلال اتصال هاتفي تلقته من ضابط بمديرية أمن شماء سيناء أن الضباط تعرضوا لعملية اختطاف علي يد بدو سيناء علي حد قول دعاء لبيعهم لحركة جهاد الفلسطينية، خلال خطة للضغط على الجهات المسؤولة المصرية للإفراج عن 3 معتقلين من حركة جهاد المحكوم عليهم بالإعدام مقابل الإفراج عن الضباط المصريين المختطفين، والكلام غير معروف مدي صحته على حد قول دعاء.
لا تجد دعاء الآن سوي شعور بالآسي من تجاهل المجلس العسكري ووزارة الداخلية لحادث الثلاثة ضباط، واقتصار دور الوزارة فقط علي إرسال مرتب الرائد محمد، دون أية محاولات لكشف مصيرهم بعد كل تلك المدة، خاصة وأن والدته تعاني من حالة نفسية سيئة جعلتها تعجز عن النطق أو الكلام منذ اختطاف نجلها.
واختتمت دعاء حوارها ل"الشروق" قائلة: "حسبي الله ونعم الوكيل في من كان السبب، لقد حرموا أطفالي من أبيهم، وحرموني من زوج وحب العمر" مناشدة المجلس العسكري والداخلية بالتدخل مرة أخرى لفك ألغاز هذا الغياب الغير مبرر متسائلة، ماذا ينتظرون بعد غياب زوجي وزميليه 8 أشهر وهل جزاءهم حبهم لبلدهم وذهابهم لتأمين حدودها؟!