فى أول حوار له من موقعه الجديد، يكشف المستشار أحمد شمس الدين خفاجى، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع وعضو اللجنة العليا للانتخابات، عن السماح لأول مرة لمنظمات المجتمع المدنى الأجنبية والمصرية على حد سواء بمراقبة الانتخابات بشرط واحد فقط، كما يكشف خفاجى عن الاتفاق على إلغاء العديد من الرموز الانتخابية التقليدية مثل الجمل أسوة بالهلال، ويؤكد رفضه لإصدار وثيقة المبادئ فوق الدستورية، ويدافع عن تعيين أبناء القضاة بالهيئات القضائية وإجراء مقابلات شخصية لأوائل الكليات قبل تعيينهم لمنع تعيين قاض «حافظ مش فاهم». وإلى نص الحوار: ● باعتباركم رئيسا للجنة إصدار تصاريح مراقبة الانتخابات، ما هى الشروط التى ستحددونها لمنح هذه التصاريح للجمعيات الأهلية؟ أوشكنا على الانتهاء من وضع القواعد الخاصة بإشراف هذه المنظمات والجمعيات على الانتخابات المقبلة، واتفقنا على منح تصريح المتابعة والمراقبة للمنظمات الأهلية المحلية والأجنبية، بشرط أن يكون النظام الأساسى للجمعية المتقدمة للحصول على التصريح يتضمن أنشطة وأهدافا ذات طابع سياسى، كمراقبة الانتخابات أو تنمية الديمقراطية أو رعاية الحريات، وبالتالى فلن نمنح التصاريح لأى جمعية أهلية لا ينص نظامها الأساسى على عملها فى الحقل السياسى، وسوف تصدر القواعد التفصيلية لعمل الجمعيات الأهلية فى قرارات للمستشار عبدالمعز إبراهيم، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، بعد الاتفاق عليها كاملة. ● وماذا قررت اللجنة العليا بشأن الرموز الانتخابية؟ ستتم إعادة صياغة هذه الرموز بفلسفة جديدة تقتضى استبعاد أى رمز له طابع طائفى أو حزبى أو ثبت ارتباطه بحزب أو جماعة معينة، فتم الاتفاق على إلغاء رمز الجمل أيضا وليس الهلال فقط، باعتباره كان رمزا تقليديا لمرشح العمال للحزب الوطنى المنحل على مدار سنوات طويلة وسيذكر الناخب لأول وهلة بالنظام السابق. كما سيتم إلغاء جميع رموز أدوات الحرب ذات الطابع العنيف أو العدوانى مثل السيف والخنجر والبندقية والمدفع والدبابة، كما سيتم إلغاء أى رمز متفرع من شعار حزب أو جماعة سياسية، وكذلك استبعاد الرموز الدينية كالمسجد والمئذنة والمصحف. ● ما رأيك القانونى فيما يسمى بوثيقة المبادئ فوق الدستورية؟ المبادئ فوق الدستورية ليست دستورية أصلا، لأن كل ما يمكن أن يوضع فى نصوص ينبغى أن يتضمنه الدستور، وهذه قاعدة دستورية عامة، فالمبادئ يجب أن تبقى خالدة فى صدور القضاة والفقهاء والمحامين، يلجأون إليها إذا خلا الدستور من نصوص منظمة لحالات معينة، فلا يجوز بأى حال كتابة هذه المبادئ فى وثيقة. ● هل فتاوى مجلس الدولة ملزمة؟ عدم الالتزام بالفتوى إهدار جسيم للقانون، والجهاز المركزى للمحاسبات يراقب مدى تنفيذ فتاوى الجمعية العمومية ويعتبر أن الخروج عنها خصوصا فى النواحى المالية إهدار للمال العام وخروج عن الشرعية. ● أنت مستشار قانونى لمجلس الشعب، فكيف كانت علاقتك برئيس المجلس المنحل؟ لم يكن فتحى سرور يستشيرنى فى أى أمر له علاقة بالتشريع أو العمل النيابى أو شئون أعضاء المجلس، فقد كانت مهمتى مقصورة على مراقبة الأوضاع القانونية للعاملين بالمجلس، وكان يستشير لجانا خاصة من أعضاء مجلس الشعب، كانت تخلو دائما من أى قاض. ● ما شهادتك على فترة رئاستك لقسم التشريع العام الماضى؟ الوزارات فى عهد النظام السابق كانت تهمل قسم التشريع بنسبة 90% بمعنى أنها كانت تعرض علينا بعض اللوائح التنفيذية للقوانين، ولا تعرض علينا القوانين ذاتها، وتكتفى بتمريرها من خلال مجلس الشعب مباشرة دون العرض على قسم التشريع بالمخالفة لقانون مجلس الدولة، وفى العام الماضى عرضت علينا 10 مشروعات للوائح تنفيذية، ولم يعرض علينا أى مشروع قانون! ● هل تجاهل القسم يؤدى لبطلان القوانين؟ عدم مراجعة القوانين فى مجلس الدولة لا يؤدى إلى بطلانها مباشرة، لكنه يعرضها لخطر البطلان والحكم بعدم دستوريتها فيما بعد إذا عرضت على المحكمة الدستورية العليا، لأن قسم التشريع يحاول دائما تنقية التشريعات من أوجه القصور والبطلان. وحدث من قبل أن عرضت الحكومة على قسم التشريع مشروع قانون الجمعيات الأهلية، فأبدى القسم عليه ملاحظات عديدة لم تلتزم بها الحكومة، وأصدرته من خلال مجلس الشعب مباشرة، وعندما طعن فيه أمام المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكمها بإلغائه لذات الأسباب التى ذكرها قسم التشريع فى ملاحظاته. ● الحديث يتصاعد حاليا عن ضعف مستوى القضاة، فهل هناك فارق بين مستوى دفعتك 1963 ومستوى الدفعات الحالية؟ الفارق شاسع بين مستوى خريج الحقوق أيامنا والخريجين الجدد، ليس فقط على مستوى دراسة القانون وفروعه بل أيضا اللغة العربية التى هى من أهم أسلحة القاضى، فمثلا طلبت مؤخرا من «أبنائى الشباب بإدارات الفتوى» إطلاعى على التقارير التى يكتبونها فى المسائل المختلفة، وفوجئت بكم هائل من الأخطاء اللغوية والإملائية. وفى المقابل، أذكر واقعة تكشف قدر اهتمام أساتذتنا شيوخ القضاة باللغة قديما.. كنت أصغر عضو بالدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار عزيز بشاى، وقام بإعداد مسودة لحكم وطلب منى أن أقرأها قبل التوقيع عليها، فاكتشفت فيها ثغرة لغوية بسيطة وأبلغته بها، فقال لى غاضبا «أنا أستاهل ضرب الرصاص». ● بعض الخريجين تظلموا من اختيارات المجلس الخاص فى تعيينات الدفعة الماضية من مندوبى مجلس الدولة، فكيف تعاملتم مع الموقف باعتباركم عضوا فى المجلس الخاص صاحب الكلمة الأخيرة فى التعيينات؟ المجلس الخاص أرسل للمجلس العسكرى مؤكدا أن التقاليد القضائية جرت على أن التعيينات شأن خاص من شئون إدارة المجلس، وأن المجلس الخاص يختار الأكفأ بمراعاة أولوية ترتيب النجاح فى الكليات ونتيجة المقابلة الشخصية، فى ضوء حكم دائرة توحيد المبادئ القاضى بأن المعيار فى الاختيار يكون أولا للجنة المقابلة الشخصية، لأن هناك أمورا لا تحسمها درجات الكلية، لأن الطالب المتفوق دراسيا هذه الأيام قد يكون «مهتزا عصبيا أو متلعثما» أو «حافظ مش فاهم» وهى صفات لا يجب أن توجد فى قاض. ● وماذا عن تعيين أبناء القضاة فى ظل الترحيب الشعبى الواسع بانهيار مشروع توريث الرئاسة؟ العائلة القضائية من عناصر اختيار الأعضاء الجدد بشرط تفوقهم، لأن المناخ القضائى الذى ينشأ فيه الطالب يكون عنصرا إيجابيا، ولكننا لا نضع هذا العنصر قبل التفوق العلمى، وعدد أبناء القضاة الذين نعينهم سنويا لا يتجاوز أصابع اليدين. ● فى أوائل التسعينيات قرر المستشار محمد حامد الجمل، رئيس المجلس الأسبق، تعيين الأعضاء الجدد بترتيب الأوائل المجرد، لكنه لم يتكرر، فهل كان هذا القرار جيدا؟ كان مستوى الطلاب أيامها أفضل من الآن، وهو من القرارات الإيجابية للمستشار الجمل الذى أعتز به كأستاذ تعلمت منه فى القضاء الإدارى وعالم من علماء مجلس الدولة له فكر مميز، أما من الناحية الإدارية فقد اختلفت معه عندما اختارنى لمنصب الأمين العام للمجلس عام 1991. ● ما تفاصيل هذا الخلاف؟ تولى الجمل رئاسة المجلس والمستشار يحيى عبدالمجيد، محافظ الشرقية الأسبق، أمينا عاما، فرأى أن عبدالمجيد يستحوذ على اختصاصات أوسع من اختصاصه الطبيعى، فأبعده عن منصبه وتولى بنفسه اختصاصات الأمين العام، ثم أمر بندبى أمينا عاما، وقد كنت فى ذلك الوقت عضوا معه بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، لكننى لم أحصل على اختصاصاتى كاملة وظل الجمل يباشر الجانب الأهم منها، فطلبت إنهاء ندبى فرفض، فتركت العمل من طرف واحد وظل يحاول إقناعى بالاستمرار ثم استجاب. ● لكن العديد من قضاة المجلس يعارضون استمرار الأمين العام فى منصبه فترة طويلة على غرار عبدالمجيد؟ الحقيقة أن هناك بشرا خلقوا لممارسة العمل الإدارى يتقنونه أكثر من أى عمل آخر، لكن استمرار الشخص فى موقع عمل واحد لفترة طويلة له سلبيات كثيرة وجدنا أن تجديد الدماء هو الإجراء المثالى وحددنا فى اللائحة الجديدة 3 سنوات كحد أقصى لاستمرار القاضى فى موقعه أو دائرته. ● هل هناك سلبيات لقصر فترة بقاء القاضى فى موقعه؟ الأمر مختلف هنا فى مجلس الدولة لأن القاضى يعمل اليوم فى دائرة العقود وغدا فى دائرة التعويضات وهكذا، وفترة الثلاث سنوات هى فترة جيدة تكسب القاضى خبرة فى مجال وتمكنه من الانتقال بسهولة لمجالات أخرى. ● ما أهم حكم أصدرته على مدار مشوارك القضائى؟ أفخر بأننى أول من أصدرت حكما يلغى قاعدة «الإلغاء خير تعويض» وأكدت فى الأحكام أن «الإلغاء يجب أن يقرن بالتعويض عن الأضرار» إرساء لاتجاه جديد فى أحكام مجلس الدولة. ● أصدرت حكما تاريخيا ضد الكنيسة بمنح تصريح الزواج الثانى لطليق الفنانة هالة صدقى، فلماذا تصر الكنيسة على عدم تنفيذه؟ حل مسألة الزواج الثانى فى صدور قانون جديد ينظم زواج الأقباط وطلاقهم، ترضى عنه الكنيسة ولا تعارضه.