تعددت الانتقادات التى يواجهها قانون تنظيم الإسكان الاجتماعى الجديد، والذى أصدر المجلس العسكرى مرسوما به قبل أيام، وتضمن بعض القواعد التنظيمية لبرامج الإسكان الاجتماعى، وتأسيس صندوق لتمويل هذه البرامج. تفاءل الخبير الاستشارى صلاح حجاب بالقانون الجديدة كخطوة ايجابية نحو تحمل الدولة مسئولية أكبر اتجاه محدودى الدخل، وقال إن أهم إنجاز حققه القانون هو انشاء صندوق التمويل الإسكان الاجتماعى، والنص على أن له موارد ثابتة ودائمة من داخل موازنة الدولة ومن خارجها، لضمان استمرارية مشروعات الإسكان الاجتماعى، ويضمن هذا القانون وضع النوايا الحسنه للحكومة فى شكل قانون. وأشار حجاب إلى أن هذا القانون خطوة باتجاه إعادة نظام الايجار فى السكن، وترك نظام التمليك الذى يثقل كاهل المواطن، لأن مصر لم تعرف التمليك فى المدن إلا فى السبعينيات، كانت جميع المدن فى مصر تسكن بالايجار، والقرى يقوم فيها كل مواطن بالبناء لنفسه ولاسرته، لأنه الأنسب ونحن نحتاج ذلك الآن بشدة. وتابع حجاب: نحتاج إلى صناديق استثمار ذات فوائد بنكية أطول، بحيث تسمح للمواطن بدفع إيجار لا يتجاوز ال200 جنيه لو اعتبرنا أن الحد الأدنى للأجور هو ال700 جنيه، بحيث لا تجور نفقات السكن على باقى نفقات الاسرة المصرية، وكذلك على المواطن أن يبحث عن الشقة المناسبة بالحجم المناسب، وليس شقة العمر التى لا تناسب الجميع، ويجب أن تكون هذه الصناديق مشجعة للمستثمريين من خلال فوائد أكبر من البنك معتمدة على الإقراض الصغير طويل الأمد. على الجانب الآخر، يرى حسين متولى مدير مركز شفافية للدراسات المجتمعية أن قانون تنظيم الإسكان الاجتماعى، بعيد كل البعد عن المشكلات الحقيقية التى تواجه الإسكان الاجتماعى، ودلل على ذلك بأن القانون لم يتطرق إلى المشكلات التى واجهت برنامج الإسكان الاجتماعى السابق والذى استهدف نصف مليون وحدة فى 5 سنوات، ولم تستطع الحكومة الالتزام بتنفيذهم حتى الآن، إلى جانب دخول المستثمرين فى الإسكان الاجتماعى ليزيد أعباءه، فالوحدة السكنية ال63 زاد ثمنها من 50 ألف جنيه إلى 143 ألف جنيه، مشيرا إلى أن وزارة الاسكان فى ال8 سنوات السابقة على مشروع الإسكان الاجتماعى السابق، لم تنفذ سوى 18 ألف وحدة سكنية إسكان متوسط، وهو معدل ضعيف جدا، ولم يحقق هذا المشروع البعد الاجتماعى المستهدف منها، فرغم إعلان الحكومة زيادة نشاط قطاع المقاولات إلا أن هذا القطاع طبقا لتقديرات المركزى للمحاسبات، لم تستوعب أكثر 10% من فرص العمل. كذلك انتقد محمد عبدالعظيم مدير مركز الإصلاح التشريعى صدور قانون بشكل مفاجئ، خاصة أن هذا القانون يخص مصالح الغالبية العظمى من المواطنين، فالقانون صدر دون أى مشاورات أو نقاش حوله، ولا نعرف حتى ما هى الضروروة الملحة لإصدار هذا القانون الآن، ورغم أننا كنا نعيب على النظام السابق أنه لا يستشير إلا فئات معينة عند إصداره قوانين، فالحكومة الآن لا تستشير أحد على الإطلاق، وعلى العكس من حكومة النظام السابق التى كانت تتخلى عن دورها فى الإسكان الاجتماعى تدريجبا، تأتى هذه الحكومة لتبدى أنها تعود للتدخل مرة أخرى لتوفير الإسكان الاجتماعى، إلا أنه تدخل ضعيف وليس هو المطلوب لحل الأزمة فعليا. ووصف القانون بالغامض لأنه لم يحدد سمات الشرائح التى تستحق الدعم والاستفادة من برامج الإسكان الاجتماعى، كى لا نجد الحكومة تعمل على بناء وحدات فاخرة وتدعى أنها إسكان اجتماعى، إلى جانب أن القانون يعتبر استكمالا لحالة العبث التشريعى التى تحدث فى مصر منذ سنوات. وطالب الدكتور أحمد أسامة هارون باحث دراسات عمرانية بجامعة بكين، بوضع خريطة واضحة للدعم فى مصر، تحدد كيفية ما هو الدعم وكيف ستقدمه ومن المستحق له، قبل إصدار قانون مثل ذلك، لأنه على سبيل المثال مشروع ابنى بيتك لم يكن مدعوما بأكثر من 15 ألف جنيه فقط، فى حين حصلت الدولة ضرائب على مواد البناء التى اشتروها أكثر من هذا المبلغ بكثير، وفعليا حصل الشباب على سعر المتر ب70 جنيها هى تكلفة دخول المرافق مضاف اليها فوائد، لان تكلفة المرافق منذ 4 سنوات كانت 50 جنيها فقط، لذلك يجب أن تمتلك الدولة خريطة واضحة وشفافة للدعم خصوصا فى الإسكان الاجتماعى، ولا يجوز أن تحمل الدولة المواطن تكلفة المرافق ثم تقول له «أنا دعمتك»، لأن من مهام الدولة توفير المرافق، على الحكومة الحالية أن تبدء أولا، بتشغيل المشروعات المتوقفة والمعطلة بسبب دخول المرافق، لأنها وحدات جديدة ستدخل سوق العقارات، وهذا القانون يدل على أن الحكومة لاتزال تنظر للتنمية العمرانية على أنها توفير مسكن فقط، وليس بناء مجتمع يشمل فرصة عمل ومسكن ومرافق وحياة متكاملة.