ارتفاع أسعار النفط نتيجة توقعات الأسواق بخفض الفائدة الأمريكية    رئيس الوزراء: العاصمة الإدارية رمز للرؤية المصرية الحديثة والقدرات الوطنية    صافرة فرنسية لقمة الريال ضد مان سيتي فى دوري أبطال أوروبا    منتخب مصر يرتدي الطاقم الأبيض فى مواجهة الأردن بكأس العرب غداً    الداخلية تضبط أكثر من 124 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    وزارة التعليم: إجراء تحديث على رابط تسجيل استمارة الشهادة الإعدادية    ماسك يهاجم الاتحاد الأوروبى بعد غرامة ال 140 مليون دولار على منصة X ويؤكد: اعتداءً مباشر على حرية التعبير    مشتريات الأجانب تصعد بمؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    مدير جهاز تنمية البحيرات: عودة طيور الفلامنجو لبحيرة قارون بعد تحسين أوضاعها    معلومات الوزراء يستعرض تقرير منظمة بروجيكت سينديكيت: الكهرباء ستحسم مصير سباق الذكاء الاصطناعى    غرفة عمليات الشعب الجمهوري تتابع تصويت المصريين بالخارج في الدوائر الملغاة    قوات الاحتلال تقتحم مقر «الأونروا» في حي الشيخ جراح بمدينة القدس    أسعار اليورانيوم تتفجر.. الطاقة النووية تشعل الأسواق العالمية    الجامعة العربية: ما تشهده غزة على مدار عامين انتهاكا صارخا للقانون الدولي    غارات جوية تايالاندية تستهدف منشآت عسكرية في كمبوديا    جيش الاحتلال يشن غارات جوية داخل مناطق انتشاره وراء الخط الأصفر في رفح الفلسطينية    بالأسماء، "المحامين" تعلن أسماء المستبعدين من انتخابات الفرعيات في المرحلة الثانية    خبير تحكيمي عن طرد ثنائي ريال مدريد: لم تؤثر على النتيجة.. ولكن    روني ينتقد صلاح: تصريحاته الأخيرة تضر بإرثه في ليفربول    كأس العرب - منتخب مصر بالزي الأبيض أمام الأردن    حسام أسامة: بيزيرا «بتاع لقطة».. وشيكو بانزا لم يُضِف للزمالك    أسعار الدواجن والبيض اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025    البورصة المصرية تستهل تعاملات اليوم الاثنين بارتفاع جماعي    الأرصاد تحذر: رياح نشطة واضطراب الملاحة البحرية وأمواج تصل إلى 3 أمتار اليوم    تفاصيل مشروع إحياء حديقتي الحيوان والأورمان    «بسبب عطل مفاجئ فى خط الطوارئ».. محافظ بني سويف يوجه فرع الإسعاف بإخطار المواطنين للحصول على الخدمة    تضيف بعدا لفهم المعتقدات الدينية، المتحف المصري بالتحرير يعرض مقصورة المعبودة "حتحور"    «ميدتيرم» يتصدر مؤشرات البحث بعد الحلقة الأولى    نيللي كريم تعلن انطلاق تصوير مسلسل "على قد الحب"    دار الإفتاء توضح حكم التماثيل في الإسلام: جائزة لغير العبادة    الصحة عن الوضع الوبائي: لا يوجد أي فيروس جديد أو مجهول في مصر    وزير الصحة يتابع مشروع النيل: أول مركز محاكاة طبي للتميز والتعلم في مصر    مشروبات وأدوات بسيطة تضمن الدفء.. كيف تنام بعمق في الشتاء؟    قبل انطلاقها في الداخل.. كيفي تستعلم عن لجنتك الانتخابية بالرقم القومي؟    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    محمد فراج يعلق على الانتقادات التي طالت دوره في فيلم الست: مش مطالب أبقى شبيه بنسبة 100%    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    مواعيد مباريات الإثنين 8 ديسمبر - المغرب ضد السعودية.. ومانشستر يونايتد يواجه ولفرهامبتون    تحريات أمن الجيزة تكشف لغز العثور على جثة سمسار بحدائق أكتوبر    مزاعم إسرائيلية: هجوم إقليمي محتمل يهدد الأمن القومي لإسرائيل    وزير الصحة ينفى انتشار فيروس ماربورج أو أى فيروسات تنفسية جديدة بمصر    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالأردن فى 30 دائرة بانتخابات النواب    التريلر الرسمي للموسم الأخير من مسلسل "The Boys"    جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل    الرئيس التشيكي: قد يضطر الناتو لإسقاط الطائرات والمسيرات الروسية    مي عمر تحسم الجدل: الاعتزال مش في قاموس محمد سامي    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    إصابة 18 شخصاً في حادثي سير بطريق القاهرة الفيوم الصحراوي    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تجديد حبس شاب لاتهامه بمعاشرة نجلة زوجته بحلوان    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرادعي في حوار مطول عن تقييمه للفترة الانتقالية (3-1): (مصر فوق فوهة البركان) (أخشى من ثورة ثانية قد لا تكون سلمية)
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 08 - 2011

عاد إلى مصر ليلقي حجراً في مياه راكدة بدعوته للتغيير، ليعود معه الجدل السياسي الصاخب بين دعاة التغيير وأعدائه.. لم تنكسر عزيمته أمام ما واجه من حملات تشويه ولم يتراجع عن هدفه أمام ما لقي من تضييق واضطهاد في معركته التي كان "التغيير" لها درع وسيف.. خاض معركته مراهناً على الشعب المصري عندما قال بثقة في 8 سبتمبر 2010 " إن 2011 سيكون عام الحسم والتغيير وسيتم دعوة الجماهير للنزول للشارع وهو النزول الأول والأخير"، وكأنه كان على موعد مع إرادة الشعب التي صرخت في وجه الطغيان يوم 25 يناير لتسقط نظام فاسد، نخر السوس أعمدته، عندما نزل أكثر من 15 مليون مصري إلى المياديين ليطيحوا برأس النظام ورموزه، مطالبين بأبسط ما يمكن أن يطلبه الإنسان لعيش كريم "عيش.. حرية.. عدالة إجتماعية".
وفي الثالث من أغسطس من العام الماضي، وجه رسالة قصيرة لمبارك ورموزه جاء فيها "على الباغي تدور الدوائر"، لتجري في نفس اليوم والشهر من العام التالي 2011 وقائع محاكمة الرئيس السابق بتهمة قتل المتظاهرين.
بعد 6 شهور من الثورة عاد ليؤكد مرة أخرى "رغم عدم وضوح الرؤية والانفلات الأمني وغياب القيادة"، أن مصر ستكون "شكل تاني" في 2012، محتفظا بسلاح "القوة الناعمة"، وما أفصح عنه في أحد لقاءاته الإعلامية بعبارة "قوتي في فكرتي".
إنه الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والذي يعتبره كثيرون الأب الروحي لثورة الشباب.
في منزله الكائن بمزرعة "جرانة" في طريق مصر إسكندرية الصحراوي، التقته "بوابة الشروق" في حوار أداره الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، مدير تحرير جريدة الشروق، مع محرري الجريدة والبوابة علي مدى أكثر من 3 ساعات في ليلة رمضانية، وضع خلالها الدكتور محمد البرادعي أحوال مصر خلال 6 شهور "الفترة الانتقالية" تحت مجهر الخبير السياسي معبراً عن مخاوفه من "سرقة الثورة".
مصر بعد 6 شهور من الثورة على "فوهة بركان"، صرخة أطلقها البرادعي حين انتقل الحديث للأوضاع الداخلية المصرية بعد 6 شهور من الثورة، دون أن يكتفي بإطلاق التحذيرات، وإعلان خشيته من "ثورة ثانية قد لا تكون سلمية هذه المرة"، بل سعى لتقديم حلول آنية وأخرى بعيدة المدى للخروج من "الطريق المسدود".
أحداث سيناء وغياب المعلومات
● نبدأ في حوارنا معكم من أحداث سيناء وتداعياتها على الوضع الداخلي، واستشهاد 3 جنود مصريين بنيران إسرائيلية على الحدود.. ،ما هو الرد العملي المناسب على تل أبيب؟
منذ اليوم الأول لوقوع الاشتباكات علي الحدود، طالبت المجلس العسكري أن يوافينا ببيان تفصيلي عن حقيقة ما حدث وما يجب أن يتخذ من إجراءات، وهو ما لم يتم حتى الآن.
وطبقا لما نشر في الصحف فإن الجنود والضباط المصريين الذين استشهدوا خلال تلك الأحداث نتيجة نيران طائرة إسرائيلية كانت تتعقب أشخاص قاموا بهجمات مسلحة علي مدينة "إيلات" الإسرائيلية، وطبقا أيضا لما نشر في الصحف فإن هناك العديد من العناصر المتطرفة المسلحة في سيناء الذين زاد عددهم بعد الثورة والتي تحاول السلطات المصرية تعقبهم؛ وبالطبع فإن استشهاد جنود وضباط مصريين في مثل هذه الظروف هو أمر غير مقبول تماما ويجب إدانته بكل وسيلة وهو ما عبر عنه الشعب المصري كله.
ولكن بجانب الإدانة، فالمطلوب فورا مراجعة الوضع في سيناء بالكامل بما يحفظ لمصر أمنها القومي، وأن تكون سيناء دائما جزءا لا يتجزأ من مصر. ويجب أن تكون البداية هي استعادة السيطرة الأمنية علي سيناء ولن يتحقق هذا إلا بالتعاون مع أهلها وبدء مشروع قومي لتنمية سيناء اقتصاديا واجتماعيا، بعد عقود من الإهمال الطويل، وبحيث يشعر أهلها أنهم شركاء في الوطن، وأن أمنهم من أمن مصر.
كما يجب بالتوازي إعادة تقييم لمدي كفاية وكفاءة قوات الشرطة المصرية الموجودة علي الحدود لمواجهة الواقع الأمني المتغير هناك، وإذا توصلنا إلي أن هناك حاجة إلي زيادة هذه القوات أو نوعية تسليحها، فيجب علي الفور أن نراجع هذا البند في اتفاقية السلام مع إسرائيل بحيث نضمن دائما حماية حدودنا في مواجهة أية مخاطر مستقبلية.
● وهل هناك إجراءات إضافية يمكن اتخاذها ضد إسرائيل؟
إذا كان يجب علي مصر أن تتخذ أية إجراءات أخري إضافية، فهذا يتوقف علي نتيجة التحقيق المصري - الإسرائيلي المشترك، وكذلك مدي ملاءمة أية إجراءات أخري للهدف الأكبر وهو المحافظة علي سلامة مصر وأمنها القومي في تلك المرحلة الحرجة، وبالقطع هناك الكثير من السياسات والممارسات الإسرائيلية المخالفة بشكل صارخ لكل قواعد القانون الدولي والقيم الإنسانية والتي أدينت من قبل المجتمع الدولي بشكل شبه دائم، ويجب أن يكون تعاملنا مع هذه الانتهاكات والممارسات من مركز قوة ومنطلق عقلاني، وفي رأيي إن بناء مصر وعالم عربي حر ديمقراطي مبني علي العلم والمعرفة هو الخطوة الضرورية لتحقيق توازن القوي الذي بدونه لم نتمكن من استرداد حقوقنا المهضومة.
● لا سقط النظام ولا تغير الأشخاص بعد 6 شهور من الثورة.. هل نسى القائمون على شئون البلاد تحرك الشعب بأكثر من 15 مليون لإسقاط للنظام، مع حديث البعض الآن عن محاولات للالتفاف على ثورة الشعب؟
- السؤال المطروح هل احنا بنغير نظام أم أشخاص؟ حتى لو بنغير أشخاص فالكثير من أشخاص النظام السابق لا زالت موجودة، والمصداقية بدأت تتآكل، فمن قاموا بالثورة يذهبون لمحاكمات عسكرية، حين أجد أسماء محفوظ ولؤي نجاتي وغيرهم (النشطاء السياسيين) يحالون للقضاء العسكري، دون أن نعرف بأي قانون، ونرى مبارك والعادلي (وزير الداخلية الأسبق) يحاكمون أمام محاكم مدنية، وحين تفض مظاهرات الشباب السلمية بالقوة، وكان المفروض عليك حمايتها كما حدث في أحداث العباسية حيث لم يستخدم الشباب العنف، حتى من يردد أن مواطنين هم من قاموا بالتصدي للمظاهرة فالمفروض أن تكون وظيفة الأمن والجيش الأولى والأخيرة حماية الناس. الشاب محمد محسن (شهيد العباسية (23 عاما) يتم ضربه ويموت، وفتاة تحال للنيابة العسكرية لأنها وضعت مشاركة على فيسبوك، في حين أن نظاما أفسد 30 عاما ويقتل وينهب ويهدر في حياتنا يذهب للقضاء المدني، هناك شئ غير سليم ومقلق.
ارتحت بعض الشئ عند صدور قرار المجلس العسكري بالعدول عن تقديم أسماء محفوظ ولؤي نجاتي للقضاء العسكري، وأمل أن تكون هذه بداية النهاية لتقديم المدنيين للقضاء العسكري باستثناء الحالات الخاصة بالبلطجة والاغتصاب والاعتداء علي رجال الأمن أثناء تأدية مهام وظائفهم، كما هو وارد في رسالة المجلس العسكري رقم 68.
إن استمرار اللجوء للقضاء العسكري فى غير تلك الحالات المحددة، معناه للأسف التعامل مع الشعب بنفس عقلية النظام السابق والتفاف على مطلب الثورة الأساسي فى استعادة حرية وكرامة الإنسان ورسالة محبطة للداخل والخارج، إن النظام فى مصر لم يتغير بعد بكل ما يحمله ذلك من تبعات.
كذلك رفض الرقابة الدولية على الانتخابات وهي من المطالب السبعة التي طالبنا بها قبل الثورة للانتقال الديمقراطي، بحجة مفهوم مغلوط هو التدخل في السيادة، ينتابني القلق بالنسبة لفهمنا للديمقراطية، فالرقابة الدولية تأكيد للسيادة والشفافية وليس العكس، أمريكا وروسيا والصين والمغرب وتركيا قبلت رقابة دولية كل الدول، واحنا كذلك بعتنا مراقبين لدول كثيرة.
● ومطلب تصويت "المصريين بالخارج".. البعض يرى فيه صعوبة؟
- المشكلة أنه حتى الآن لم يتم تأكيد تصويت المصريين في الخارج في الانتخابات المقبلة أم لا.. وجاء تعليق المسئولين عن الانتخابات بأنه قرار سياسي.. هذا ليس قرارا سياسيا، هناك اختلاف كذلك في فهم الديمقراطية، مفيش حاجة اسمها "نص ديمقراطية"، فهي هيكل متكامل مش هاخد جزء واترك جزء آخر، ومش هنضحك على الخارج، الديمقراطية ليس معناها انتخابات حرة ونزيهة فقط وأنها يجب أن تكون ممثلة للجميع.
فالسودانيون والنيجيريون صوتوا، والعراقيين أيضا، وإذا كانت السودان لديها التقنيات ونحن لا، إذن نحن أمام مشكلة كبيرة جدا.
علي الصعيد التقني والفني تحدثت مع الجميع، حازم عبد العظيم الذي كان مرشحا كوزير للاتصالات، ومع مهندسين كبار من شركة مايكروسوفت ومع فنيين آخرين وأكدوا على عدم وجود مشكلة فنية، إذن هذه ليست عملية فنية بل سياسية.. وأسأل نفسي ليه مش عاوز الناس تصوت؟!.
●هل الخوف من ترجيح كفة مرشح ضد آخر خاصة مع ترديد البعض أن كفة المصريين في الخارج تميل نحو البرادعي؟
- لا أريد الدخول في نظريات المؤامرة أيا كان المرشح، ولا يجب للسلطة الحالية أن تأخذ صف أحد، ولو لم أكن مرشحا للرئاسة سوف أستمر أطالب بنفس المطالب كما طالبت بها قبل الثورة لأن هذا حق. الديمقراطية ليس فقط حرية لكن بنفس الأهمية عدالة اجتماعية، 90 % ممن قاموا بالثورة ثار لأنه لا يعمل ومش لاقي ياكل وماعندوش سكن.
● وماذا تحقق في 6 شهور منذ تنحي الرئيس السابق؟
للأسف منذ 6 شهور لم يحدث شئ على الإطلاق بالنسبة لهذه المشاكل.. بل وتراجعنا والاقتصاد حالته سيئة، ونصرف من الاحتياطي، السياحة مش موجودة والاستثمارات لا تأتي وقد أدي هذا إلي أن يكره الشخص العادي الثورة لاعتقاده أنها السبب في الركود الاقتصادي وهذا ليس صحيحا علي الإطلاق، فغياب الأمن هو السبب الرئيسي في هذا.
● هل يعني ذلك سرقة الثورة؟
- تم اختزال الثورة إلى حد كبير بسوء أو حسن نية، فال15 مليون الذين نزلوا الشارع يشعرون الآن أن الثورة لم تفعل لهم شيئا، بل أرجعتهم للوراء، وأصبحنا نتحدث في هوية الدولة والإرادة الشعبية والدستور أولا ووثيقة فوق دستورية، لكن الحقيقة أن مطالب الشخص العادي أن يأكل ويشرب ويعالج، فالأسبوع قبل الماضي قتل شخص ثلاثة من بناته في بني سويف لأنه لا يجد قوت يومهم.
إحنا هنوصل لغاية إيه في عدم الإحساس بآدميتنا لكي نسير للأمام؟. الشباب الذين مات منهم ألف في مقتبل العمر ليسوا مسئولين عن توقف الاقتصاد، لكن السبب هو غياب الأمن.. والاقتصاد مش هيرجع إلا لما يرجع الأمن.
وبعد 6 شهور، لم يحدث تطهير، أو تغيير حقيقي في عقيدة الشرطي والضابط، وأسمع ان الأمن يعود تدريجيا وأنه عاد بنسبة 65%، لماذا لم يعد حتى الآن بشكل كامل، هذا لغز بالنسبة لي.
● هل من تفسير لهذا اللغز؟
- لا أحب نظريات المؤامرة، لكني أشعر أن هناك تدليل في التعامل مع جهاز الشرطة والداخلية، فوزير الداخلية قال: هناك 450 ضابطا من أمن الدولة ارتكبوا تجاوزات، وما قام به هو مجرد نقلهم لأماكن أخرى، وهؤلاء في رأيي جزء من الثورة المضادة، لأنهم كانوا يحصلون على امتيازات، واليوم وجدوا أنفسهم يحاسبون ويفقدون امتيازاتهم.
● والأسباب التي تتردد وتتعلق بنفسية ضباط الشرطة الصعبة وعدم قدرتهم على مواجهة المواطنين؟
- اللى نفسه مكسورة يقعد في بيته، وأقوم بتصعيد الشباب بدءا من مقدم وعقيد لتولي المناصب الكبيرة، أما كلمات على شاكلة نفسه مكسورة وخايف ينزل، فأقول له كتر خيرك، هذه ثورة، ونتيجة غياب جهاز الشرطة كما ذكرت، تراجع الاقتصاد، ثم صدرت فكرة أن الثورة هي المسئولة، هذه عملية خداع واضحة؛ لأن الثورة بريئة من كل هذا.. من قام بالثورة في حالة إحباط تام، والشباب في حالة إحباط تام، وشعر انه فتح بالثورة طريقه للمستقبل، لكنه وجد نفسه يعود للوراء، بل اتهمه الشخص العادي بأنه صاحب المشكلة.
كما أننا دخلنا في عشوائية منذ الاستفتاء حتى اليوم، لا يوجد شعب موحد، فأي دولة شعب وأرض وسيادة، لكننا أصبحنا قبائل غير متعارفة على عكس الآيات الكريمة التي تحضنا على التعارف، ومنها قوله تعالى "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا".
● وما الحل من وجهة نظرك لحالة الانفلات الأمني؟
- الحل في التدريب على تغيير العقيدة وليس الأشخاص فقط، بمعنى فهم الشرطي لدوره بأنه حامي للناس، وألا يعاملهم كأنهم عبيد، ففي أي بلد ديمقراطي حين يرى المواطن شرطيا فإن هذا يبعث على الطمأنينة.. وهنا أتساءل هل بدأت دراسات مكثفة للشرطة وأجهزتها من أجل تغيير العقيدة؟
-
إذن الحل في تغيير عقيدة الشرطي، وإعادة هيكلة جهاز الشرطة بالكامل وتطهيره.
● ومن يلزم الداخلية بالتغيير؟
- لدينا مجلس عسكري يحكم البلاد، لا يجب أن يخلط بين دوره كجيش، ودوره كحاكم حين تولي السلطة بناء على تكليف الشعب ليكون حاكما مؤقتا لا صله له بدوره كجيش. فالجيش نحترمه ويحمي الحدود، وكحاكم مسئول عن استتباب الأمن، فعليه سواء هو أو الحكومة إعادة هيكلة وزارة الداخلية بالكامل، كما جرى في جميع الدول التي وقعت بها ثورات سواء دول أمريكا اللاتينية أو دول شرق أوربا.
وأستطيع أن أقول أن المشكلة أن لدينا مجلسا عسكريا له صلاحيات ولا يمارس مسئولياته بأكملها، وحكومة عندها مسئوليات وليس لديها صلاحيات تتناسب مع مسئوليتها إلا مؤخرا بعض الشيء، وبين الحالتين الشرطة مازالت متقاعسة.
●في السياق.. هل هناك أمل في تغيير عقيدة رجل الأمن، ويصبح للشرطة دور فعال؟
إذا لم نطهر واستمر الاقتصاد علي وضعه الحالي سيعود الغضب الشعبي؛ لأن الثورة قامت لما الغضب زاد، إذا قامت ثورة ثانية فقد لا تكون سلمية.. إحساس الكثير من الناس أن الثورة تم سرقتها، ولا أدري هل هذا مفهوم للمجلس والحكومة أم لا، والشخص العادي يرى أن الثورة ما عملتلوش حاجة، والشعب انقسم، وهناك 85 مليون شخص في مصر يتكلمون ومفيش اتنين بيسمعوا بعض، والوضع الحالي يشبه حلة الضغط التي انفجرت وطلع بخار لم تحوله لطاقة.
● لكن في الوقت نفسه يتحدث البعض أن هذا أمر طبيعي بعد الثورات؟
نعم طبيعي، في الثورات يحدث هذا إنما كان لازم نستفيد من تجارب الآخرين، المنطقة العربية لحقت بالثورات التي قامت في العالم، وبدأت بتونس ومصر، كان الوضع العربي في غيبوبة.
أنا قلت من البداية أنك لا تستطيع أن تختزل المرحلة الانتقالية في 6 شهور بعد عقود كثيرة من غياب الديمقراطية، ولكن مع ذلك مفيش رجوع للوراء والناس عرفت سكتها والشباب عرفوا كمان.. لكن في الوقت نفسه فإن أي شرارة الآن ممكن تولع، لأننا في وضع ملتبس، والعالم يراقب بقلق شديد، هل مصر ستصبح أفغانستان أو تركيا، لابد من وضوح الرؤية ومشاركة مدنية عسكرية أكثر فعالية في حكم البلاد.
●إلى أين نحن ذاهبون.. دخلنا في وضع سيئ يتعلق بالمبادئ الحاكمة؟
كان عندنا عربية مرسيدس وسكة مسفلته، وبعدين دخلت ركبت "توك توك" ومشيت في زقاق مسدود، مشكلتي اطلع نفسي من الزقاق المسدود .. بس لو كنا مشينا صح من الأول وبدأنا بإعداد دستور، كان عندنا الأن دستور وكنت عرفت رأسك من رجليك وكنت عملت انتخابات برلمانية في سبتمبر. اليوم لا نعرف كيف سيكون قانون الانتخابات التي ستبدأ الشهر القادم.
●ومن يتحدث عن الإرادة الشعبية في الاستفتاء وضرورة احترامها؟
فين الإرادة الشعبية، فالاستفتاء حصل على 8 مواد، وخدنا 60 مادة بدون استفتاء على 52 مادة، كما أننا أخذنا 252 مادة من دستور مبارك بدون استفتاء.
الانتخابات المقبلة ستتم على أساس دستور مبارك بسلطات مطلقة لرئيس الجمهورية علي حساب السلطة التشريعية والقضائية بمجلس شعب 50% عمال وفلاحين برغم شبه الإجماع علي أن هذه الكوته والتي شوهت في التطبيق عفا عليها الزمن، ومجلس شورى بلا قيمة، وأغلبية في البرلمان ستنتخب لجنة صياغة الدستور.. اكتشفت انك في مأزق لازم تخرج منه.
الموضوع أصبح عشوائيا، وكل واحد في مصر أصبح خبيرا دستوريا، والإخوان المسلمين قالوا لا يمكن الدستور يتعمل بناء على لجنة تمثل أغلبية في البرلمان، بل لابد لجنة تمثل توافق شعبي وهذا ما قدرته فيهم، الدستور بيت لابد أن يسكنه السلفي والشيوعي واليساري وكل مصري.
●وما العمل؟
لابد أن نتفق على معايير استرشادية، تتعلق بكيفية تكوين لجنة إعداد الدستور حتي نضمن مشاركة الجميع فيها، ثم تطرحها علي الشعب.
كذلك من المهم في ضوء الواقع الحالي أن نضع وثيقة استرشادية تحظي بالرضا الشعبي تساعد في إعداد الدستور في عملها عن طريق النص علي الملامح الرئيسية للدستور، وكذلك الحقوق الأصلية لكل مصري غير القابلة للتعديل أو التغيير وهوية الدولة وشكل النظام السياسي ومجلس تشريعي واحد أو مجلسين، سلطات رئيس الجمهورية وضمانات استقلال السلطة القضائية والنظام الاقتصادي.. إلخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.