تربع الشيخ عبدالهادى القصبى على عرش الطرق الصوفية بعد صدور القرار الجمهورى بتعيينه شيخا لمشايخ الطرق فى شهر أبريل 2010. جاء القرار الجمهورى حينها ليحسم الجدل والصراع الذى اشتعل على المنصب منذ رحيل الشيخ أحمد كامل ياسين فى نوفمبر 2008 بين كل من الشيخ عبدالهادى القصبى والشيخ علاء أبوالعزائم شيخ الطريقة العزمية الذى اعتبر نفسه الوريث الشرعى للمنصب بحكم كبر سنه، حيث تعارفت الطرق الصوفية على أن يخلف الشيخ الراحل أكبر مشايخ الطرق الصوفية سنا، لكن هذه الأزمة والخلافات التى نشبت داخل البيت الصوفى، حلقت فى ساحات القضاء، ثم حطت رحالها مرة أخرى فى المشيخة العامة للطرق الصوفية فى صورة اعتصام عدد من المشايخ، كل ذلك جاء مؤشرا على دخول المشايخ مرحلة جديدة من النزاع، وعلى الرغم من تلك الخلافات التى تعصف بالبيت الصوفى، إلا أن الشيخ عبدالهادى القصبى شيخ مشايخ الطرق الصوفية يبدو متفائلا، وواثقا من أن السمة الغالبة على الصوفية هى الهدوء والبعد عن الأزمات وأن الصوفية ليسوا أهل خصام وصدام بل إنهم أهل زهد وورع وهو فى كل الأحوال يرى ان الطرق الصوفية مستهدفة، وأن الأغلبية لن تخضع لرأى الأقلية من مشايخ الطرق الصوفية!! ●كيف ترى الوضع القائم فى المشيخة، وما هى سبل حل الأزمة وفض الاعتصام الذى دخل شهره الخامس؟ هذا الوضع يشكل إساءة بالغة لأهل الزهد والورع والتقوى، ولا يصح أن يفرض 8 مشايخ رأيهم على الأغلبية، هم يطالبون بحل المجلس الأعلى للطرق الصوفية الذى جاء بانتخابات حرة ونزيهة، ويطالبون بتشكيل لجنة لإدارة المشيخة واستبعاد جميع أعضاء المجلس الحالى من تلك اللجنة، ويرفضون التصالح أو الرضوخ لرأى أكثر من 60 شيخ طريقة أخرى يؤيدون المجلس وشيخ المشايخ، ورغم فشل كل محاولات الصلح بسبب تمسكهم بمطالبهم والاعتصام داخل مبنى الطرق الصوفية وتعطيل أعمال لجان الحج وتعطيل صرف رواتب المشايخ، إلا أننى أعلن تمسكى باحترام رأى القضاء، ولابد أن نحق الحق وأن نبطل الباطل ولابد أن نعلم أن مصر مازالت دولة يحكمها القيم والقانون وان مصر حتى هذه اللحظة لن تكون ساحة إلى الفوضى وستظل دولة لها كيانها ودولة مؤسسات وقانون وأن من يبنى فكره على أن مصر أصبحت دولة الصوت العالى فسوف يفشل وفى النهاية القانون سيكون له كلمته ومن يظن أن القانون قد غاب واختفى من الساحة المصرية فهو مخطئ، وعلى المشايخ أن يستوعبوا المصلحة العليا للبلاد فى هذه المرحلة وعلينا أن نسمو وان نترفع وان نكون فوق كل خلاف من اجل الصالح العام ويجب أن نلجأ للأساليب الشرعية وأن نغلب رأى الأغلبية وأن نغلب حكم الشرع والقانون. ● ولكن المشايخ أعضاء جبهة الإصلاح الصوفى يشككون فى شرعية الطريقة القصبية و13 طريقة صوفية أخرى، فضلا عن الادعاء بوجود اختلاسات مالية فى ميزانية المشيخة؟ هذا ادعاء باطل ولا أساس له، وأن ما تم الإعلان عنه له أهداف شخصية القصد منها تشويه سمعة القائمين على المشيخة لتحقيق أغراض شخصية وسبق لهم أن قاموا برفع مثل هذه القضايا، والحديث عن عام 2008 لم أكن على رأس هذه المؤسسة ولو أن هذه الفترة سبق لهم أن تقدموا بشكاوى إلى الأجهزة المعنية والجهات القضائية ولم يثبت وجود مخالفات، ومشيخة الطرق الصوفية مؤسسة دينية وكان مؤلما للنفس أن يتهم أحدا فى ذمته المالية والجهاز المركزى للمحاسبات يتابع لحظة بلحظة، وسبق أن أعلنت أنه إذا تبين وجود مخالفات مالية سأكون أول المتصدرين لها، وأقول لهؤلاء أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيبقى فى الأرض، نحن اليوم نأمل فى ظل الظروف التى تمر بها مصر أن نترفع عن المسائل الشخصية وأن ننشغل بالقضايا العامة التى تهم كل مواطن فى مصر والتى تحتاج إلى جهود الجميع، ولا داعى للخلاف والفرقة، هذا ليس وقت تحقيق المصالح الشخصية ولكنه وقت أصحاب الضمير والوطنية أن يؤدوا واجبهم بما يرضى الله ورسوله وأن يتحسسوا واقع مصر فى ظل الأزمات التى تحتاج إلى عطاء فعلى للمفكرين وأصحاب القيم والأخلاقيات عليهم مهمة أساسية ولا يصح أن يقوموا بأزمات مفتعلة. ● ما تأثير الوضع القائم فى مشيخة الطرق الصوفية على المنهج والفكر الصوفى، خاصة فى ظل بروز فتاوى متشددة تتهم الصوفية بالبدع والخرافات، ووقوع حوادث حرق لعدد من الأضرحة والمقامات الصوفية؟ الوضع القائم بعيد كل البعد عن المنهج الصوفى لأنه منهج قيم وأخلاقيات وحب وتسامح وما يحدث الآن يسىء إساءة بالغة إلى التصوف، لأن ما يحدث الآن أقلية تسعى لفرض رأيها على الأغلبية،وهذا يخالف كل القواعد الأخلاقية التى هى العمود الفقرى للتصوف، ويخالف المصلحة العامة لمصر فى وقت كان ينبغى على أهل التصوف ألا ينشغلوا بأى شىء سوى الصالح العام لمصر، وكان ينبغى أنه إذا كان هناك خلاف فعلى أن يتم تأجيله للصالح العام لأننا فى وقت نحن فى أمس الحاجة لعقل وقلب كل مسلم، علم الأزمات من المفترض يفجر الأخلاقيات المتميزة ، ولا يصح أن يفجر الأخلاقيات السلبية، المجتمع المصرى كان ينتظر منهم موقفا إيجابيا، وهذا أثره سلبى، وبدلا من الخصام كان ينبغى توجيه هذا الجهد إلى الصالح العام، ولكننى أقول للجميع إن التصوف فى مصر بخير، وهى غنية بعلمائها والقيم الصوفية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله، التصوف من المفترض أن يكون فى أحسن الأحوال لأن المجتمع الآن بحاجة للقيم الصوفية الحقيقية البناء والعطاء والصفو والتسامح والوسطية والمجتمع بحاجة للأخلاقيات الصوفية لتجاوز الأزمة، ولن ينال احد من التصوفى لأنه يشكل ضمير الشعب المصرى إن لم يكن انتماء صوفيا فعليا فهو انتماء إلى التصوف كسلوك أخلاق اعتاد عليه الشعب المصرى وهو التسامح وحب الآخر واحترام جميع الأديان وهذه طبيعة الشعب المصرى وفطرته بدون تدخلات سياسية وخارجية. وهذه الطبيعة الغالبة على الشعب المصرى وإن لم يكن انتماء تسجيليا فهو انتماء فطرى، واذا كان هناك بعض الأشخاص المعترضين على ما يسمونه البدع فأنا أول من اعترض على البدع والخرافات ولا أقبلها. ● لكن الموالد والاحتفالات الصوفية لا تخلو من ممارسات بعيدة كل البعد عن صحيح الإسلام؟ نحن ضد هذه البدع ونحاول جاهدين التخلص منها وهى ليست من أهل التصوف الحقيقى ولكن من المندسين بين أبناء الطرق الصوفية ونحن نسعى لإنهاء ذلك ونعارض أى خروج على الشرع وكم طالبنا ان تتحد كل الجهات المسئولة فى الدولة للتخلص من هذه البدع التى تسىء إلى الطرق الصوفية، والأمر بحاجة لتضافر جهود جميع المؤسسات، فالقانون لا يعطينا السلطة اللازمة للقضاء على هذه الخرافات والمصالح الاقتصادية والشخصية، التى تتم بالموالد نحن مسئولون عن أهل التصوف وإذا كان هناك البعض يشذ وأى واقعة من متصوف نتخذ معه الإجراء اللازمة بما يخوله القانون الصوفى. ● بعض المرشحين للرئاسة والأحزاب السياسية يترددون على مقار الطرق الصوفية فى محاولة منهم لحشد أصوات أهل التصوف، وهناك مبادرات لإنشاء أحزاب سياسية داخل عدد من الطرق الصوفية فى مختلف المحافظات، هل يعنى ذلك تحولا فى الفكر الصوفى الذى كان بعيدا عن العمل السياسى والحزبى منذ نشأته فى مصر؟ لجوء بعض مرشحى الرئاسة إلى الطرق الصوفية وضع طبيعى، لأن المجتمع الصوفى جزء لا يتجزأ من المجتمع المصرى، وكل مرشح يسعى للحصول على ثقة جميع طوائف الشعب، والوصول ببرنامجه إلى الناخبين من خلال المؤسسات والأفراد والهيئات، ولا بأس من ذلك، أما مسالة الأحزاب فسبق أن اعلن أهل التصوف فى التجمع المليونى فى ميدان الحسين والذى كان يطالب فيه جموع أبناء التصوف الشعب المصرى أن يدفع عجلة الإنتاج كان هذا التجمع فى حب مصر، وتم إعلان بيان فى هذا اللقاء ينص على أنه لن يتم الزج بالمؤسسة الدينية الصوفية فى العمل السياسى وستبقى مشيخة الطرق الصوفية مظلة يستظل بها جميع أبناء الشعب المصرى دون تحيز إلى طائفة دون طائفة، أما كون بعض أشخاص وبصفتهم الشخصية يكونون أحزابا أو ينتمون إلى أحزاب فهذا أيضا لا بأس منه فهذا حق دستورى للجميع وأى مواطن يجب عليه أن يمارس العمل الوطنى وأن يسارع بالعمل من أجل مصر وإلا يكون آثما. ● ولكن أحد المشايخ المعتصمين اتهمكم بعد أن دخل الاعتصام شهره الثانى بتحويل مقر المشيخة العامة للطرق الصوفية إلى غرفة عمليات للحزب الوطنى أدار منها «موقعة الجمل» فما مدى صحة ذلك؟ نحن ننأى بالمشيخة العامة للطرق الصوفية، التورط فى هذا الأمر، عضويتى بالحزب الوطنى كانت وقفا على عضويتى بمجلس الشورى عن دائرة طنطا فى انتخابات حرة ونزيهة لم يزور فيها صوت واحد وأتحدى من يثبت عكس ذلك، ولم يكن للسياسة والحزب الوطنى أى دخل بأمور المشيخة، ونحن ننأى بأنفسنا عن الاعتداءات ضد المتظاهرين بميدان التحرير يوم الثانى من فبراير المعروفة إعلاميا ب«موقعة الجمل»، ولم يسبق لى أن استقبلت أيا من أعضاء الحزب الوطنى بمقر المشيخة، وهذه الاتهامات محض كذب وافتراء ولا يوجد عليها أى دليل يؤكد صحتها، ولا تتعدى كونها كلاما هزليا وليس له أى سند من الحقيقة، وهذا يدفعنى للتساؤل هل الحزب الوطنى وقتها كانت تنقصه المقار ليأتى إلى المشيخة العامة للطرق الصوفية، وهى شقة لا تزيد على غرفة وصالة لتحويلها إلى مقر يدير منه معاركه ضد شباب الثورة.