فى الوقت الذى وصل فيه مبعوث إسرائيلى إلى القاهرة لاحتواء أزمة استشهاد ثلاثة جنود مصريين برصاص إسرائيلى، نفى رئيس لجنة الشئون السياسية والأمنية فى وزارة الدفاع الاسرائيلية، عاموس جلعاد، مسئولية جنوده عن إطلاق النار على المصريين الثلاثة، وقال لراديو إسرائيل: ربما فعلها إرهابيون. وفيما تبدو محاولة لتهدئة حدة التوتر مع القاهرة، أعلنت إسرائيل، أمس، أنها تحقق «بشكل مهنى» فى مقتل الجنود المصريين، مؤكدة أن اتفاق السلام مع مصر «جوهرى»، وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، اجتماعا تشاوريا مع حكومته بشأن رد فعل محتمل تجاه الحادثة ومن ناحيته أعرب إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلى عن أسفه لمقتل رجال الأمن المصريين. على جانب آخر من إسرائيل ذاتها، اعتبرت زعيمة المعارضة الاسرائيلية، تسيبى ليفنى، أن الحدود مع مصر «لم تعد حدود سلام»، ودعا الرئيس السابق لجهاز الامن الداخلى «الشاباك» آفى ديختر، إلى تحميل القاهرة والرئيس الفلسطينى محمود عباس مسئولية هجمات إيلات. وعلى الجانب المصرى، تسببت «مخاوف أمنية» فى تأجيل النيابة العامة معاينتها المنطقة الحدودية للعلامة الدولية 79، وطالب المحامى العام فى شمال سيناء إدارة البحث الجنائى بسرعة إعداد تقرير مفصل عن الواقعة. وأعلنت وزارة الصحة رفع حالة الطوارئ بمستشفيات شمال سيناء، وقال مساعد وزير الصحة للشئون العلاجية د.عادل عدوى، إن 3 جنود مصابين فى مستشفيات العريش والسويس، أحدهم مصاب بطلق فى رأسه وإصابته خطيرة. واعتبر خبراء عسكريون، استطلعت «الشروق» آراءهم، الجريمة الإسرائيلية جزءا من مخطط يهدف لقياس مدى قوة رد الفعل، وأكدوا جميعا أن اسرائيل لا تسعى للمواجهة المباشرة مع مصر. وطالب ثلاثة مرشحين محتملين للرئاسة السلطات المصرية باتخاذ موقف قوى ضد إسرائيل، ودعا هشام البسطويسى لإعادة التفاوض حول اتفاقية كامب ديفيد لاستعادة السيادة المصرية الكاملة على سيناء، فيما قال الفريق مجدى حتاتة، إن «تار» الشهداء لن يضيع أبدا، وأنه فى رقبة المصريين جميعا. واعتبر عبدالمنعم أبوالفتوح أن مصر «تدفع الآن ثمن أخطاء» معاهدة كامب ديفيد، مطالبا ب«إعادة تقييمها بما يضمن حقوقنا». وشددت الحركات والأحزاب الشبابية على ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة ضد الجريمة الإسرائيلية على الحدود المصرية، واقترحوا طرد السفيرين الإسرائيلى، والأمريكى إذا استمرت دولته فى دعم الكيان العبرى، ومراجعة اتفاقية كامب ديفيد، وإعلان تحقيق رسمى فى استشهاد الجنود المصريين وتقديم قاتليهم لمحاكمة عاجلة. ودعت قوى سياسية بالمنيا إلى مليونية «الرد على العدوان الاسرائيلى» الجمعة القادمة. وأكد مدير المركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، اللواء عادل سليمان، وجود ضرورة ملحة لمراجعة اتفاقية كامب ديفيد بسبب «مستجدات قاهرة» تستلزم مراجعة تقييد انتشار القوات المصرية فى سيناء، وانتقد التعتيم الرسمى المصرى على ما جرى فى سيناء. وطالب أساتذة جامعات ب«بيان عسكرى وخطوات دبلوماسية سريعة وتقديم شكوى فى مجلس الأمن»، كما دعت 19 منظمة ومركز حقوقى إلى تحرك مصرى ردا على ما حدث، وقالت فى بيان لها إنه لم يعد مقبولا بعد الثورة أن تصمت مصر على حقوقها أو تتجاهل دماء أبنائها التى تسيل على يد الجنود الإسرائيلية. وخلال ليلة أمس، توافد الآلاف إلى مبنى السفارة الإسرائيلية بالجيزة، وأعلن المئات اعتصاما مفتوحا أمامها حتى طرد السفير، والثأر لشهداء الحدود، وتضامن معهم سكان عمارة السفارة، والذين شارك بعضهم فى التظاهرة، ورمى بعضهم زجاجات المياه للمعتصمين. وأحرق المعتصمون العلم الإسرائيلى عدة مرات، وحاولوا اقتحام المبنى، لكن جنودا من القوات المسلحة حالوا بينهم، وحاولت الشرطة العسكرية إقناع المعتصمين بالرحيل، ووعدتهم برد يرضى كل المصريين، إلا أنهم صمموا على الاعتصام.