فى أعقاب أحداث «غلبت عليها الصفة الطائفية»، أنهت جلستان عرفيتان، «أزمة المنيا» التى سقط خلالها قتيل و6 مصابين، فى مشاجرة بين قريتى نزلة فرج الله وقرية الحوارتة التابعتين لمركز المنيا، وذلك فى الوقت الذى قررت فيه نيابة المنيا حبس 6 من الطرفين، وضبط وإحضار 8 آخرين، نسبت إليهم شهادات أنهم «تسببوا فى إثارة الفتنة»، وقررت النيابة كذلك سماع باقى الشهود وإجراء معاينة تصويرية لمكان الحادث. كانت اشتباكات بين أهالى القريتين اندلعت، أمس الأول، أسفرت عن مصرع أحد سكان قرية نزلة فرج الله، وإصابة 6 مواطنين من قرية الحوارتة، وهى الاشتباكات التى هددت باندلاع فتنة طائفية فى المحافظة، بعد أن وصلت الاشتباكات إلى الاعتداء على دور عبادة إسلامية وقبطية، علاوة على استهداف منازل وممتلكات خاصة. وأسفرت جلستان عرفيتان رعاهما رجال دين مسلمين وأقباط فى نزع فتيل الأزمة، وذلك برعاية من القوات المسلحة والشرطة. حضر الجلسة الأولى الآلاف من اهالى القريتين والقرى المجاورة، واللواء ممدوح مقلد مدير امن المنيا، وقيادات المديرية، وبعض قيادات القوات المسلحة، وأقيمت فى منزل خلف محمد محمود، عمدة قرية الحوارتة، وذلك فى حضور 5 من كبار العائلات المسلمة بالقرية، ومثلهم من كبار عائلات نزله فرج الله ممثلين عن الجانب المسيحى. وتم الاتفاق أيضا على عدم تضمين الصلح لأى شرط جزائى، حيث كان من المتوقع ان يتراوح مبلغ الشرط الجزائى ما بين 500 ألف إلى مليون جنيه، إلا أن الطرفين اتفقا على التراضى والالتزام بما تم الاتفاق عليه، وأعلنا عن تسامحهما تجاه بعضهما البعض فى الأحداث التى وقعت على مدار اليومين السابقين. وانتقل الجميع لعقد الجلسة العرفية الثانية بقرية نزله فرج الله بعد إصرار أقباط القرية على استضافة المجلس العرفى. وألقى خلال الجلسة عدد من رجال الدين المسيحى والإسلامى كلمات تؤكد على قيم التسامح والترابط بين عنصرى الأمة. وفى كلمته أكد اللواء ممدوح مقلد، مدير أمن المنيا، أن هذا الصلح «جاء ليحقن الدماء بين أشقاء وليس بين مسلمين ومسيحيين، فكلا العقيدتين ينبذان هذه التصرفات ولا توجد ديانة واحدة تدعو للاعتداء على الآخر والتحريض على قتله»، مؤكدا ان ما حدث «من صغائر لا يصدر إلا من إنسان غير مسئول، ونحن هنا لنحمى المسيحيين قبل المسلمين». «الشروق» أجرت جولة فى القريتين، للوقوف على آخر تطورات الأوضاع وأجرت عددا من اللقاءات من المواطنين من الجانبين. ففى قرية فرج الله، التزم الأهالى الحذر فى أحاديثهم، حيث قال الشاب مشترطا عدم ذكر اسمه إن ما حدث «يقف وراءه بعض الأشخاص الذين يريدون إشعال الفتنة بين القريتين، ولا نعرف هدفهم من ورائه، خاصة أن الجميع منذ قديم الأزل يعيشون فى سلام وحب». إحدى السيدات قالت: «ما شهدته القرية أمر غريب علينا، فلا توجد خلافات بيننا وبين أشقائنا المسلمين الذين تتجاور أراضيهم الزراعية مع أراضينا، وكلانا يساعد الآخر». وقال زوجها: «ماكينات الرى التى تم حرقها خلال الأزمة، ساعدنا فى رفعها مسلمو الحوارتة الذين أكدوا لنا أنهم سيمدوننا بماكيناتهم لرى أراضينا بدلا من التى احترقت». وفى قرية الحوارتة التى يسكنها اغلبية من المسلمين قال أحد شهود العيان ويدعى رمضان سيد دسوقى (27 عاما): كنا ذاهبين لنزله فرج الله لتهنئة زوجة الحاج محمود عبدالحكيم ( 56 عاما) منشئ مسجد الرحمن الذى وقعت أمامه المشكلة، لذهابها لأداء فريضة الحج، وكان ذلك وقت صلاة العشاء وكان عدد المصلين لا يزيد على 30 مصليا، وفوجئنا حينها بسيارة حمراء نصف نقل تقف بشكل مفاجئ وأحدثت صوتا ملحوظا وعندما خرجنا لرؤية ما حدث وجدنا أحد الأشخاص يقول لنا: انتوا إيه اللى جايبكوا هنا، فرددت عليه إنت هتمنع الصلاة فى بيت الله، فرجع يحذرنا قائلا إياكم أن تأتوا إلى هنا مرة ثانية، فحاولت إبعاده عن المسجد فسقط على الأرض لنفاجأ بإطلاق النيران علينا، ما دفعنا للإسراع بدخول المسجد للاحتماء به واتصلنا بأهالينا بقرية الحوارتة، والذين أتوا لنجدتنا بعد إصابة 6 من بيننا». وكانت نيابة مركز المنيا فى التحقيقات التى أجراها عمر الخشاب مدير النيابة تحت إشراف المستشار مصطفى عبدالكريم المحامى العام الأول لنيابات جنوبالمنيا قررت حبس كل من: شنودة ابسخرون غبريال، وشقيقه موسى (وشهرته روبى) والذى عثر بحوزته على فرد خرطوش و3 طلقات، وإسحاق ثابت إسحاق، (وشهرته هدرا 31 عاما)، تاجر ماشية، وفاروق عبدالوهاب حسين، وعصام خلف باشا صالح، وعز فاروق عبدالوهاب (وشهرته عزمى). ووجهت النيابة للمتهمين اتهامات ب«الشروع فى القتل، وإحداث تلفيات بالمسجد وإصابة 6 مواطنين»، وقررت ضبط واحضار 8 من المشتبه بهم وهم: عادل عزيز طوسة، وعزت سعد ذكى خلف، وبسخرون غبريال، وعجايبى ساويرس سوس، وشنودة بسخرون غبريال، وجرجس شفيق حبشى، وارثانيوس بسخرون غبريال، وروبى بسخرون غبريال، وغبريال بسخرون غبريال. ومازالت أعداد كبيرة وتشكيلات من فرق الأمن المركزى والشرطة والجيش تتواجد بكثافة داخل القريتين والطرق المؤدية إليهما، حرصا على إنجاح الصلح.