وزير العمل: غرامة تصل إلى 200 ألف جنيه للأجنبي الذي يعمل بدون تصريح بدءا من سبتمبر    خالد الجندي: أعدت شقة إيجار قديم ب3 جنيهات ونصف لصاحبها تطبيقا للقرآن الكريم    وزير العمل: سأعاقب صاحب العمل الذي لا يبرم عقدا مع العامل بتحويل العقد إلى دائم    طيران الاحتلال يشن سلسلة غارات وسط مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة    زيلينسكي ل الأوكرانيين: يجب تحديد مسار السلام في أوكرانيا معًا    مصادر طبية بغزة: استشهاد أكثر من 50 فلسطينيًا 40 منهم من منتظري المساعدات    عبد المنعم سعيد: إسرائيل خدعت العالم بعدم امتلاكها قنبلة نووية.. وتطبق الكتاب النازي في غزة    "هدف وحصد جائزة".. ماذا قدم ياسين مرعي في مباراته الرسمية الأولى مع الأهلي؟    حكيمي: أستحق حصد الكرة الذهبية.. وتحقيق الإحصائيات كمدافع أصعب كثيرا    مؤتمر ريبيرو: التعادل أفضل من الخسارة رغم أنه ليس طموحنا.. وهذه رسالتي للإعلام    «مش عايز تتعودوا على كدة».. تفاصيل غضب ريبيرو المفاجئ في المؤتمر الصحفي    مترو الأنفاق: عودة تشغيل محطة شبرا الخيمة وانتظام حركة القطارات بالخط الثاني للمترو    "الحبل التف حول رقبته".. مصرع طفل أثناء لهوه داخل منزله في بني سويف    القبض على بلوجر في دمياط بتهمة التعدي على قيم المجتمع    وسط حضور جماهيري كامل العدد.. حمزة نمرة يتألق في مهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية    أشرف زكي خلال لقاءه بشعبة الإخراج: المهنة فقدت هيبتها.. كنا نقف احترامًا لجلال الشرقاوي    مراد مكرم: تربيت على أن مناداة المرأة باسمها في مكان عام عيب.. والهجوم عليَ كان مقصودا    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    الصحة: إجراء 1350 تدخلا قلبيا دقيقا مجانا بمستشفى الشيخ زايد التخصصي في 6 أشهر    ياسين مرعي رجل مباراة الأهلي ومودرن سبورت    ريبييرو: أداء الأهلي تحسن في الشوط الثاني أمام مودرن.. وهدفنا التركيز بالمباريات القادمة    محافظ الإسماعيلية يشيد بمشاركة الشباب والمتطوعين بمهرجان المانجو    ترامب يعين «تامي بروس» نائبة لممثل أمريكا في الأمم المتحدة    محافظ كفر الشيخ يؤدي واجب العزاء في والدة حرم مدير أمن البحيرة    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    بلاغ للنائب العام ضد البلوجر «مانجو» بتهمة نشر محتوى غير أخلاقي    بسبب خلافات الجيرة.. مصرع سائق بطلق ناري في مشاجرة بالقليوبية    ارتفاع وفيات «الكوليرا» في السودان إلى 225 حالة    محافظ الإسماعيلية: نصدر 81 ألف طن مانجو و مُصنعات    هل هناك مد لتسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية؟.. مكتب التنسيق يجيب    سهام فودة تكتب: أسواق النميمة الرقمية.. فراغ يحرق الأرواح    محمود سعد يطمئن مجددًا محبي أنغام على صحتها.. «بخير وبتتعافى»    أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    رئيس مياه الغربية: استمرار تنفيذ مشروعات المياه بكفر الزيات وبسيون بلا توقف    هل يفاجئه ترامب بلقاء بوتين؟، البيت الأبيض يدرس دعوة زيلينسكي إلى ألاسكا    "حب من طرف واحد ".. زوجة النني الثانية توجه له رسالة لهذا السبب    السيطرة على حريق التهم محلات قرب محطة مترو شبرا الخيمة -صور    منها محل كشري شهير.. تفاصيل حريق بمحيط المؤسسة فى شبرا الخيمة -صور    حدث بالفن | سبب نقل أنغام لغرفة عزل وبيان من هدى الإتربي عن نادي الزمالك    نرمين الفقي بفستان أنيق وكارولين عزمي على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    تكريم 12 شخصية.. تفاصيل الدورة 33 من مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    يسري جبر: "الباء" ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    ما حكم قراءة القرآن والتسبيح دون حجاب؟.. أمين الفتوي يجيب    مفيش مشروب اسمه الخمر.. أحمد كريمة: يعلق على فتوى الحشيش    بعد تعادل الأهلي.. جدول ترتيب الدوري المصري الممتاز موسم 2026/2025    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    الكليات المتاحة وفق مؤشرات التنسيق ل دبلوم صنايع 3 سنوات 2025    اليوم، موقع تنسيق الجامعات يختتم تسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية    آخر تحديث لأسعار السيارات في مصر 2025.. تخفيضات حتى 350 ألف جنيه    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    الدكتور محمد ضياء زين العابدين يكتب: معرض «أخبار اليوم للتعليم العالي».. منصة حيوية تربط الطلاب بالجماعات الرائدة    فضل صلاة قيام الليل.. تعرف عليه    الصحة: إحلال وتجديد 185 ماكينة غسيل كلوي    محافظ الإسماعيلية يستقبل سفير الهند ويتفقدان مصنعا بالمنطقة الحرة الاستثمارية    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بالشكاوى المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة    24 أغسطس.. فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سجن وحشى
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 08 - 2011

دخل أكثر من 1700 سجين فى كاليفورنيا، يقبع كثير منهم فى زنازين منعزلة، إضرابا عن الطعام. وبدأ احتجاج سجناء وحدة سكن الأمن فى سجن ولاية بليكان باى. ولا يعرف أحد على وجه اليقين، كيف تمكنوا من التواصل مع بعضهم البعض، ولكن احتجاجهم أثار قلق الجميع. فقد وضع العديد من هؤلاء السجناء فى عزلة تامة تقريبا وعجز قسرى عن ارتكاب أى جريمة، حتى لو كانت مخالفة مزعومة للوائح السجن.
وقد تحول الحبس الانفرادى من أداة لفرض الانضباط حسب مقتضى الحال، إلى شكل واسع النطاق من أشكال الاحتجاز الوقائى. وكانت المحكمة العليا خلال العقدين الماضيين، قلصت باطراد حقوق السجناء إلى حد بعيد، وأوكلت فعليا إلى جميع مديرى السجون السلطة الكاملة على كل من يضمهم «العزل الإدارى».
وفى 1995، أقر القاضى الفيدرالى ثيلتون هندرسون، بأن ما يسمى بالاحتجاز المشدد «يمكن اعتباره أقصى ما يمكن احتماله إنسانيا». على الرغم من أنه رأى أنه يظل مقبولا بالنسبة لمعظم السجناء. غير أن ستيوارت جاريسون، أستاذ الطب النفسى بجامعة هارفارد، وجد أن البيئة «مسمومة بشكل لافت للنظر»، مما ينتج عنها الهلاوس، وجنون العظمة، والأوهام. وفى مقابلة مع برنامج «60 دقيقة»، وصف ذلك بأنه «فظاعة تزيد كثيرا» على عقوبة الإعدام.
ويدعى مسئولون فى بليكان باى بكاليفورنيا الشمالية، أن هؤلاء المحتجزين فى وحدة السكن الأمنية، هم « الأسوأ». غير أنهم فى كثير من الأحيان يكونون هم الأضعف، خاصة المرضى عقليا، من غير الأكثر عنفا، الذين ينتهى بهم الحال إلى عزلة إلى أجل غير مسمى. ويتم بصورة اعتباطية وتعسفية تحديد من يوضعون قيد العزل، عبر التركيز على أولئك الذين يعتقد أنهم مشاغبون، أو مكروهون ببساطة من ضباط السجن، والأهم من ذلك المتهمون بأنهم أعضاء عصابة. وغالبا ما لا تستند هذه القرارات على أدلة. وقبل إنهاء العزلة الوحشية المفروضة على النزلاء 22 ساعة يوميا، وتحويلهم إلى ظروف السجن العادية (التى هى نفسها مخزية) ينتظر منهم غالبا «تقديم معلومات» أو الوشاية ببقية أفراد العصابة. حيث يمكن خروج أولئك المحتجزين إذا ما أفشوا أسماء، ولكنهم لو فعلوا ذلك، من المحتمل أن يتعرضوا للقتل عندما يعودون إلى السجن العادى. ويعنى «إفشاء معلومات» أن يصبح النزيل مستهدفا من قبل أفراد العصابة بالقتل؛ ومن ثم ينقل السجين إلى «الحبس الوقائى» وهو شكل آخر من أشكال الحبس الانفرادى.
ويعتبر الإضراب عن الطعام، السلاح الوحيد الذى لم يستخدمه هؤلاء المساجين. فالسبل القانونية مغلقة، والتواصل مع العالم الخارجى مقيد حتى أنه صار بلا معنى، حتى مع أفراد العائلة. حيث ينتزع ما بحوذة السجين الورقة والقلم، وأدوات الاطلاع، وصور أفراد الأسرة، بل حتى الرسومات باليد فربما تحتوى رسائل مشفرة بين أفراد العصابة، مثلما قيل لنا، كما أن فقدانها قد يقنع السجناء بالوشاية، عندما تفشل كل وسائل الحرمان الأخرى.
ويتجلى فقر نظريات علم الإجرام لدينا فى الرد الرسمى على الإضراب عن الطعام. حيث يعتبر رفض تناول الطعام الآن تهديدا أيضا. وتدرس السلطات الإجبار على التغذية.. ومن المرجح أنهم سينفذون ذلك، مثلما حدث من قبل وقد يكون مستمرا حتى الآن فى جوانتانامو (فيما قد يكون انتهاكا للقانون الدولى).
وفى صيف 1996، زرت اثنين من «الوحدات الإدارية الخاصة» فى مجمع سجون ولاية أريزونا فى فلورنسا. وتفاخر سجان بأن إحدى الوحدتين كانت النموذج الذى أنشئ عليه بليكان باى. وقادنى عبر الممرات إلى طوابق نظيفة تماما، ولا يوجد طلاء على الجدران. وعلى الرغم من أن الممرات كانت مفتوحة، فإن الزنازين بلا نوافذ. وتحتوى كل زنزانة على سرير أسمنتى مصبوب، ومرآة من الصلب، وحوض للوجه ومرحاض فحسب. ولم يكن مسموح للنزلاء بأى تواصل إنسانى إلا وهم مكبلون بالقيد الحديدى أو الغلال ليغادروا الزنازين أو أثناء إخلاء الزنازين الوحشية غالبا.
كتب لى نزيل معترفا بعار صار ملموسا وحقيقيا: «إذا كانوا لا يلمسونك إلا عندما تكون فى طرف السلسلة، فهم لن يعتبروك إلا كلبا. الآن أستطيع أن أرى وجهى فى المرآة. لقد فقدت وزنى، ولا أستطيع أن أشعر باتزان».
فهل نرسخ أخلاقنا بأن نجبر السجناء على العيش فيما وصفه القاضى هندرسون بأنه «معاناة لا معنى لها» و«بؤس رهيب» وربما يتعين أن يتضمن رد فعلنا على الإضرابات عن الطعام على قدر من التأمل الذاتى.
وربما تكون الوسيلة الوحيدة للرد على السجناء الذين كان رد فعلهم الوحيد على المعاملة الوحشية هو تجويع أنفسهم حتى الموت، أن نفعل ما لا يمكن تصوره نعاملهم كما يعامل البشر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.