قاربت إيطاليا خط النهاية في سباقها لخفض الإعانات ومعاشات التقاعد مع إقرار خطة (أكرر خطة) تقشف صارمة بقيمة 48 مليار يورو لمكافحة ازمة ديون منطقة اليورو التي تتهددها. ومن المتوقع أن يقر البرلمان الإيطالي في وقت لاحق اليوم الجمعة هذا الخفض الكبير في الموازنة، بينما ينشر الاتحاد الأوروبي نتائج تتعلق بأزمة الدين التي تواجه عددا من بلدانه. وكان مجلس الشيوخ أقر، أمس الخميس، خطة التقشف هذه في محاولة لوقف انتقال أزمة الديون التي تنقسم حيالها دول منطقة اليورو. وقد شهدت الأسواق المالية تقلبات واضحة خلال الأيام الأخيرة مع مخاوف من عدم تمكن عدد أكبر من البلدان الأوروبية المثقلة بالديون من الوفاء بمتطلباتها، وتخوف من وصول عدوى الأزمة إلى إيطاليا ثالث أكبر اقتصادات اليورو. ونقلت صحيفة لاريبوبليكا اليومية عن مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين قوله "ما زالت نقطة ضعف الاقتصاد الإيطالي هي الدين العام الهائل، خاصة في ظل أجواء عدم الاستقرار" التي تشهدها القارة حاليا. وأضاف رين: "تجري مفاوضات مكثفة للاتفاق على الإجراءات الواجب اتخاذها بشأن أزمة اليونان والحيلولة دون اتساع نطاق الأزمة"، مشيرا إلى قمة طارئة في بروكسل خلال الأيام المقبلة. وكان البرلمان الإيطالي قد اتخذ خطوات عاجلة لإقرار إجراءات تقشف في وقت قياسي بعد طرح الحكومة مسودة قرار قبل اسبوعين فحسب. وقالت صحيفة ايل سولي 24 اوري اليومية الاقتصادية "حينما تجد إيطاليا وسياسيوها أنفسهم وقد باتت ظهورهم إلى الحائط، فإنهم يعرفون كيف يتصرفون وما يتعين فعله، فهذه الموازنة تبعث بإشارة هامة للأسواق". وأضافت: "الان نحن بحاجة لمرحة ثانية من الإجراءات، إجراءات تدفع بالنمو، الذي بدونه لا يمكن تعزيز الوضع المالي ما يحمي إيطاليا لأمد أطول من أجواء عدم الاستقرار". يذكر أن الاقتصاد الإيطالي يعد ثامن أكبر اقتصاد في العالم، وهو مثقل بعبء دين عام كبير يناهز 120% من إجمال ناتجه الداخلي، رغم أن عجز الموازنة الإيطالي ظل معتدلا نسبيا مقارنة ببلدان أوروبية أخرى. وتهدف موازنة التقشف الجديدة لخفض العجز من 4.6% من إجمالي الناتج الداخلي العام الماضي إلى 0.2% بحلول 2014. وتشمل موازنة التقشف الغاء تسهيلات ضريبية ممنوحة للأسر وخفض الشريحة الأكبر من المعاشات وخفض الدعم المقدم للأقاليم والقيام بالمزيد من عمليات الخصخصة. وكان المحللون قد حذروا من الخطر الذي يمثله الاقتصاد الإيطالي الذي يكاد يكون راكدا فضلا عن التوترات داخل الائتلاف الحاكم برئاسة رئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكوني، لكنهم استبعدوا أن تطلب إيطاليا خطة مساعدات خارجية. وكانت أجواء عدم الاستقرار قد أضرت بالأسهم الإيطالية في الأيام الأخيرة وارتفعت معدلات أسعار الاقتراض طويل الأمد لمستويات قياسية الخميس. شهدت بورصة ميلانو انخفاضا قليلا بلغ 0.08% خلال التعاملات الصباحية على غرار الانخفاضات التي شهدتها بورصات أوروبية أخرى عند الافتتاح. ومن المتوقع أن يصوت البرلمان على الإجراءات التقشفية بعد ظهر الجمعة. وقد أبدت النقابات معارضتها لتلك الإجراءات، ونفذت كبرياتها، سي جي اي ال، تظاهرة رمزية خارج البرلمان قبل تصويته على خطة التقشف. وهتف المتظاهرون الذين ناهز عددهم 200 قائلين "الموازنة تضر بالأضعف"، و"ارحل ارحل برلوسكوني! آن أوان التغيير"! كما انتقدت ايما مارسيغاليا، رئيسة اتحاد كونفيندوستريا للعمال الخطة، قائلة إنها "تعتمد في الأساس على زيادة الضرائب" بينما لا تقلل الإسراف البيروقراطي بخلاف الوعود الحكومية بذلك. وفي تلك الأثناء يبذل زعماء بلدان منطقة اليورو، وعددها 17 بلدا، جهودا محمومة لتسوية الخلافات حول خطة إنقاذ جديدة لليونان والإعداد لقمة تتناول أزمة الديون، وهي القمة التي قال المسؤولون إنها قد تبدأ الاثنين المقبل. وتقول ألمانيا وفنلندا وهولندا إنه يتعين أن تشارك البنوك الخاصة في تحمل عبء مساعدة اليونان حتى في حالة تخلف اليونان عن سداد ديونها. غير أن البنك المركزي الأوروبي وعدة بلدان أخرى بمنطقة اليورو تعارض بشدة المخاطرة بتخلف اليونان عن دفع ديونها لما قد يتركه ذلك من تداعيات أعم. وقد صرح رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بن برنانكه في وقت سابق بأن المشكلات التي تعتري منطقة اليورو تسببت في "قلق في الأسواق"، في الوقت الذي تجري محادثات هامة تتعلق برفع سقف المديونية الأمريكية وتهديد هيئات مالية بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.