نشر هذا المقال بتاريخ : أول يونيو 2009 : يتوزع الانتاج الحالى للنفط العراقى والذى بقدر بنحو 2.5 مليون برميل يوميا (ب/ى) بين 3 شركات وطنية بنسبة 70% لشركة نفط الجنوب South Oil Company (SOC)، و23% لشركة نفط الشمال North Oil Company (NOC) و7% لشركة ميسان Misan Oil Company (MOC)، ويتوقع ان يكون الجانب الأكبر من نمو الانتاج مستقبلا من نصيب شركة الجنوب. وقد قامت وزارة النفط فى يوليو 2008 بطرح دورة أولى فى لندن دعت اليها الشركات الأجنبية التى تأهلت لتقديم عطاءات لتنمية حقول النفط والغاز وعددها 35 شركة. وتستهدف تلك الدورة تأهيل بنية النفط لوقف انخفاض الانتاج فى 6 حقول عملاقة، ثم رفع انتاجها من 2.5 مليون ب/ى الى 4 مليون، اضافة الى بناء خطوط انابيب لنقل جانب من النفط الى معامل التكرير فى ايران وسوريا وفقا لاتفاقيات تبرم مع الدولتين. وتغطى الدورة من الاحتياطيات المؤكدة نحو 44 مليار برميل نفط و22 تريليون قدم مكعبة غاز. وفى 13/10/2008 عقد فى لندن اجتماع ضم ممثلى وزارة النفط مع مندوبى الشركات المؤهلة لتعريفهم بالمشروعات المطروحة، كما تم تسليمهم نموذج أولى للعقد الذى سيتم على أساسه تنفيذ المشروعات. وقد اختارت الوزارة ان يكون التعاقد لمدة 20 عاما على اساس عقد خدمة Service contract. ويتسم هذا العقد باحتفاظ الدولة بملكية النفط وفقا للدستور العراقى، بينما تتقاضى الشركة (نقدا او عينا) مكافأة Fee محددة عن كل برميل ينتج وفقا لثلاثة معايير وهى: (1) تثبيت القدرة الانتاجية الحالية ووقف انخفاضها Stabilizing current field capacity، (2) رفع هذه القدرة خلال مدة معينة Incremental production (3) بلوغ هدف معين كذروة للقدرة الانتاجية Plateau باستخدام وسائل الاستخلاص المتقدمة Enhanced oil recovery. واذ يتوقع ان يبدأ الانتاج فى الانخفاض خلال فترة التعاقد، فان الوزارة تقبل الانخفاض فى حدود 5% سنويا وبشرط ان لا يبدأ الانخفاض قبل بلوغ الذروة المنشودة. ونظرا لاختلاف موازين المعايير المذكورة فقد أرجئ تحديد أوزانها الى مرحلة تالية من المفاوضات. وقد صنفت الشركات المؤهلة للتعاقد الى اربعة مستويات: شركات انتاجها 500 الف ب/ى او أكثر وهذه يمكنها التقدم بعطاءات لتنمية حقلى الرميلة وكركوك باعتبارهما اكبر الحقول المطروحة، وشركات انتاجها 250-500 الف ب/ى ويمكنها التقدم بعطاءات لتنمية باقى الحقول، أما الشركات التى يقل انتاجها عن ذلك فيمكنها المشاركة بحصة فرعية Minority ضمن مجموعة من المستثمرين. ولكى لا تكتسب شركة واحدة مركزا مسيطرا، لا يسمح لمن يحصل على عقد فى منطقة بالاشتراك فى منطقة أخرى الا باعتباره شريكا فرعيا Minority. ومتى تساوت معايير المنافسة فان الوزارة تفضل التعاقد مع مجموعة من الشركات Consortium بدلا من التعاقد مع شركة واحدة. وترفض الوزارة الاحتجاج بالظروف القاهرة Force Majeure اذ تشترط بدء تنفيذ العقد قبل مضى 6 شهور من توقيعه والا الغى. وتعتبر الوزارة ظروف العراق الحالية ظروفا عادية لا يحتج بها، ولكنها تقبل كظروف قاهرة ما يحدث فى الخليج ويحول دون دخول الشركة العراق او الوصول لموقع العمل. كذلك تقبل الوزارة قيام الشركة بالتعاقد مع شركات خاصة للأمن اذا وجدت ان ظروف الأمن القائمة غير كافية، مع اضافة نفقات الأمن للتكاليف التى تستردها الشركة. كذلك تشترط الوزارة عدم استرداد الشركات لنفقاتها ومكافآتها الا من حصيلة الايرادات التى تتحقق نتيجة لجهودها وذلك على اقساط لا تتجاوز 50% من صافى الايراد بعد سداد الضرائب الفدرالية بمعدل 35%. وقد اعترضت الشركات على هذا الشرط لأنه يؤخر انتفاعها بمستحقاتها سنوات عديدة. كذلك اعترضت الشركات على غياب الشرط الذى يضمن اعادة التوازن الى العقد فى حالة صدور تشريعات عراقية تخل بهذا التوازن. ويدخل فى عوامل قلق الشركات عدم التصديق على قانون النفط العراقى بما يتضمنه من تحديد السلطات التى تتولى اعتماد العقود التى يقوم مجلس الوزراء باعتمادها فى الوقت الحاضر. كما يدخل فى اسباب قلق الشركات خفض الانتاج نتيجة لقرارات اوبك (اذ لا يخضع العراق حاليا لنظام الحصص فى أوبك ولكن يتوقع ان يخضع لها مستقبلا)، وذلك بالاضافة الى عقبات بيروقراطية عديدة. وبصفة عامة ترى الشركات ان العقود وان كانت تبدو مشجعة عند طرحها فى ظل ارتفاع اسعار النفط (يوليو 2008) الا انها لم تعد كذلك بعد انخفاض الأسعار من 140 دولارا الى نحو 50 دولارا ، اضافة الى شروط الوزارة المتشددة. على خلفية التدهور فى اسعار النفط، وازاء اعتراض الشركات المؤهلة للدورة الأولى، عقدت الوزارة فى نهاية فبراير 2009 حلقة نقاش فى اسطنبول دعت اليها الشركات حيث أبدت الوزارة استعدادها لادخال تعديلات حوهرية على الشروط التى سبق طرحها. ومن ذلك رفع نسبة المشاركة الأجنبية من 49% الى 75% مقابل تحمل الشركة بنصيب الجانب الوطنى من النفقات (25%). كذلك استبدل هدف تثبيت الانتاج بهدف انتاجى محسنImproved Production Target يتحقق خلال 18 شهرا من تاريخ التعاقد متضمنا هدف التثبيت، وسمح للشركات بان تتقدم بمقترحات لهدف الذروة المنشود بدلا من انفراد الوزارة بتحديده. وبالنسبة لحقول الغاز تشترط الوزارة تسليم المتكثفات المنتجة مع الغاز لشركات القطاع العام لخلطها بالزيت الخام رفعا لقيمته (أى خفض درجة اللزوجة)، كما قبلت الوزارة شرط خذ او ادفع Take-or-pay بالنسبة للمشتريات المحلية من الغاز المنتج، وهو ما يصب فى صالح الشركة الأجنبية. وتقدر احتياطيات العراق من الغاز بنحو 112 تريليون قدم مكعبة يقع 70% منها فى محافظة البصرة التى يهدر فيها من الغاز المصاحب لانتاج النفط نحو 700 مليون قدم مكعبة يوميا (تقريبا 7 مليار متر مكعب bcm سنويا) تقدر قيمتها بنحو 10 ملايين دولار يوميا. ولذلك سارع مجلس الوزراء خلال سبتمبر 2008 باعتماد اتفاق أولى Heads of Agreement مع شركة شل لاستثمار الغاز المصاحب فى محافظة البصرة بانشاء شركة مشتركة بنسبة 51/49 لصالح الجانب الوطنى، وان كان الاتفاق النهائى لم يوقع بعد. وقد دافعت الوزارة عن اختيارها لشركة شل دون طرح المشروع فى مزايدة عالمية على اساس عدم توفر معايير طرح المزايدة Biddable parameters، وان اختيار شل تم لقدراتها الفنية والمالية المتفوقة فى مجال الغاز. ويتوقع ان يستخدم هذا الغاز فى توليد الكهرباء التى يعانى المجتمع العراقى من عجز كبير فيها ويخطط لتوسيع قدرتها المركبة من نحو 7 جيجاوات الى 10 جيجاوات بتكلفة 7 مليارات دولار. كذلك يمكن الانتفاع بالغاز محليا باعتباره وقودا رخيصا ونظيفا، مع الاستئناس بالنموذج السعودى الذى يستهلك الغاز فى صناعات محلية أهمها الصناعات البتروكيماوية. وقد قام العراق فى 31 ديسمبر 2008 بطرح دورة ثانية لتقديم عطاءات تغطى 9 حقول نفط تقدر احتياطياتها بنحو 50 مليار برميل بالاضافة لحقلين صغيرين للغاز، وكلها حقول مكتشفة ولكنها غير منتجة ولم نطور ويقدر انتاجها عند اكتمال تنميتها بنحو 1.2 مليون ب/ى، كما يتوقع ابرام عقودها بنهاية 2009. كذلك يوجد العديد من القطاعات التى لم تخضع للاستكشاف ويمكن ان يطرح بعضها فى دورة ثالثة.