أكد المشاركون فى الندوة التى نظمتها مكتبة الإسكندرية ببيت السنارى الأثرى أن وثيقة الأزهر الأخيرة تعلى من قيمة الدولة الوطنية الديمقراطية، موضحين أنها عملت على استعادة المكانة التاريخية للأزهر الشريف، فضلا عما تحققه من استقلالية له، بعدما ظل خاضعا للنظام السابق على مدى ثلاثة عقود. وأعتبر الناقد صلاح فضل، أحد معدى الوثيقة، أنها تعتبر بمثابة تأكيد للقيم والمثل العليا، وإعلاء لقيم الثقافة، «خاصة أن الناس هم الذين منحوا الأزهر الشريف هذه الرمزية، باعتباره مؤسسة للعلم والثقافة، ومنارة للفكر والاستنارة». وعدّد فضل مآثر الأزهر بقوله إنه لا يمكن لأى جهة أن تقدم الإسلام بوسطيته وفهمه الصحيح، كما يفعل الأزهر الشريف، «ليقدمه إسلاما معتدلا ووسطيا»، واصفا الوثيقة بأنها تعلى من قيمة الأزهر، وتعمل على إعادته ليسترد وضعه التاريخى فى الحياة العامة، «لتصبح الوثيقة بمثابة مبادئ حاكمة، خاصة وأنه لم يحدث أن توافق أحد على وثيقة صدرت أخيرا، كما توافق كثيرون على وثيقة الأزهر، حتى أصبح التوافق عليها أشبه بالإجماع». وقال إن الوثيقة دعمت فكرة «مؤسسة» الأزهر، وأنها دعت إلى استقلاله، وإعادة جماعة كبار علماء الأزهر، «بما يعنى استقلاله، وعدم التدخل فى شئونه، وليصبح بعيدا عن أية محاولات للتدخل». معتبرا أن مشيخة الأزهر فى السابق كانت مخترقة، و«الوثيقة تعيد إليها استقلاليتها وتاريخها الطويل». الدكتور محمد كمال الدين إمام، أحد معدى الوثيقة، أعرب عن سعادته بما أبداه المثقفون من أصالة بحرصهم على الأزهر الشريف بأن يكون مرجعا إسلاميا لمصر، «انطلاقا من تاريخ تمتزج فيه الحضارة بثوابت الدين الإسلامى وأساساته، والاتفاق على أن الإسلام يمثل الرؤية الصحيحة للمجتمع، وأن العودة للأزهر ضرورة حياتية، ظللنا نبحث عنها لأكثر من 50 عاما». وقال إنه لكون الوثيقة غير فقهية، «لذلك لم تعرض على مجمع البحوث الإسلامية، فهى وثيقة فكرية وثقافية بالدرجة الأولى، وليست فقهية»، وذلك فى سياق رده على مطالبات البعض بعرضها على المجمع. فيما قال الكاتب حلمى النمنم، أحد معدى الوثيقة، إنها ليست ملزمة، وإنها تعبر عن آراء كتابها، أو من وقعوا عليها. فإنه أضاف أنه يمكن للحكومة المصرية أن تأخذ بها، «خاصة وأن هناك قيادة حزبية جديدة أكدت له رغبتها بأن تكون الوثيقة مرجعية لها، وأن 18 حزبا سيعلنون قريبا اعتمادهم عليها». مشددا على ضرورة تطبيق الدولة الديمقراطية. مفرقا فى ذلك بين دولة علمانية أو مدنية كان نموذجها فى العراق وسوريا وليبيا وغيرها، «إلا أنها كانت دولا دكتاتورية»، وبين دولة دينية فى سياق المقارنة ذاتها، «كما هو النموذج فى إيران، والتى تمارس قهرا ضد مواطنيها، على نحو ما وجدناه من سحل للمعارض حسين موسوى من سحل فى شوارع طهران». وخلص إلى أن الحل ليس فى دولة علمانية أو دينية، «ولكن الحل يكمن فى دولة ديمقراطية، ينبغى ألا تصنع دكتاتورا». لافتا إلى أن الوثيقة تعيد الدور التاريخى والنضالى للأزهر الشريف، الذى يتبنى الإسلام فى وسطيته واعتداله، «وهو ما يتجلى فى الشارع المصرى». وبدوره، وصف المفكر الدكتور صلاح الجوهرى، أحد معدى الوثيقة، الأزهر بأنه فى لحظة فارقة، وأصبح يستعيد دوره فى أن يكون وكيلا عن الأمة، وأن الوثيقة عملت على استنهاض هذا الدور التاريخى للأزهر الشريف الذى كان يعرف دوره الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يوم أن أراد مخاطبة المصريين، فلم يخاطبهم من خلال الاتحاد الاشتراكى أو خلافه، «ولكنه حرص على أن يخاطبهم عبر منبر الأزهر، إدراكا منه بقيمة الأزهر وتأثيره فى نفوس المصريين». وشدد على ضرورة تحرير المصطلحات التى بدت سارية فى المشهد المصرى اليوم مثل الحديث عن الدولة المدنية والعلمانية وغيرها من المصطلحات التى نشأت فى بيئتها وارتبطت بها، «ولا تناسب البيئة المصرية»، مؤكدا أن شيخ الأزهر ليس مناظرا للبابا، «فالإسلام لا يعرف بابا، كما أن الأزهر ليس مؤسسة دينية، بقدر ما هو مرجعية إسلامية». ومن جانبه، شدد سامح فوزى، نائب مدير منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية، والذى أدار الحوار، على ضرورة أن تعرض الوثيقة للحوار والنقاش العام، وفق ما طالب به شيخ الأزهر، داعيا إلى تشكيل لجنة من المثقفين وعلماء الأزهر للترويج لهذه الوثيقة، وتفسير نصوصها، «بحيث يمكن الخروج من خلالها بإجماع وطنى لصياغة الدستور القادم للبلاد». الدكتورة زينب الخضيرى أستاذة الفلسفة أكدت أهمية الدور الذى يقوم به الأزهر الشريف حاليا ، «بما يحقق له الاستقلالية، بعد أن كان تابعا للنظام السابق. وحذرت من خطورة أن يكون الأزهر تابعا للنظام السياسى، «ليكون مرشدا تتجلى فيه كل القيم الإنسانية، سواء كانت اجتماعية أو إنسانية أو سياسية».