رأى محلل سياسي إسرائيلي اليوم الثلاثاء أنه رغم نزوح آلاف السوريين من بلادهم إلى تركيا ورغم انتشار مقاطع فيديو على الإنترنت، وهي تظهر اندلاع مظاهرات حاشدة، ورغم صدور الإدانات الغاضبة وإقرار عقوبات دولية بحق شخصيات سورية بارزة، لن تؤدي كافة هذه العوامل إلى انهيار وشيك لنظام بشار الأسد. وذكر رون بن يشاي محلل الشئون الأمنية والعسكرية لدى صحيفة "يديعوت آحرونوت" الإسرائيلية أن كافة القيادات والجماعات المنضوية في إطار المعارضة العلمانية والليبرالية، إضافة إلى الإخوان المسلمين غير متواجدة في سوريا ومع ذلك نجحت بشكل كبير في اثارة التعاطف مع المتظاهرين، كما أدت إلى تآكل شرعية الأسد على الساحتين الوطنية والدولية، إلا أنها ضعيفة للغاية في تقديم بديل للنظام أو قيادة. يقول بن يشاي إنه لم يشهد في أي مكان بسوريا وجودا لتجمعات حاشدة لمحتجين تحركهم دوافع يمكن أن تطيح بالنظام "العنيف" في البلاد على غرار ما حدث في مصر وتونس، وجزئيا في ليبيا. وأضاف أنه بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على اندلاع الاضطرابات في سوريا، فإن كافة الميزان تميل لصالح نظام الأسد. وأرجع المحلل الاسرائيلي ذلك إلى عدة أسباب أولها، أن عائلة الأسد وقيادة حزب البعث تظهران اصرارا شديدا على التمسك بالحكم، حيث يستخدمان كل الوسائل تقريبا، بما في ذلك إراقة الدماء، وتجاوز كل الحدود في ذلك، من أجل دحر "التمرد". ينبع هذا التصميم ليس فقط من الرغبة العارمة في التشبث بالسلطة، بل أيضا من المخاوف الكبيرة التي تكتنف مصير الطائفة العلوية الحاكمة ونشطاء نظام البعث. واعتبر أن العنصر الرئيسي الذي يهدد العلويين والنظام السوري يتمثل في انتشار السنة بالمناطق الريفية والمدن الواقعة أطراف البلاد حيث تتمتع جماعة الإخوان السلمين بنفوذ كبير هناك. وأشار إلى العلويين والبعثيين شاركوا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي في مليشيات شكلتها عائلة الأسد بهدف إخماد تمرد سابق ضدها، ويشارك الكثيرون منهم اليوم ضمن قوات الأمن السورية ويوجهون فوهات بنادقهم ضد محتجين عزل ويشتبكون معهم. ويتمثل العامل الثاني في بقاء النظام السوري حتى الآن في أن الأسد ضمن ولاء وطاعة مصادر طاقته الرئيسية المتجسدة في الجيش والاجهزة الامنية والعلويين ومجتمع المال والأعمال. ويبدو العامل الثالث في نجاة نظام الأسد عدم تدخل المجتمع الدولي بأي طريقة فعالة لإنهاء أعمال القمع الوحشية التي يتعرض لها المتظاهرون السوريون. ويرى محلل "يديعوت احرونوت" أن غياب وسائل الضغط العسكرية والدبلوماسية الفعالة يمنح الجيش وقوات الأمن في سوريا وقتا ومجالا للمناورة " ليركز" على مواقع التمرد كافة، واحدا تلو الآخر. وأرجع المحلل التقاعس الدبلوماسي والعسكري من قبل الغرب تجاه سوريا إلى ثلاثة عوامل، اولها ، أنه في حال سقط النظام السوري، من شأن ذلك ان يؤدي الى اندلاع حرب أهلية شاملة بين كافة الطوائف السورية، وسيمتد ذلك إلى خارج حدود البلاد، ليقوض استقرار المنطقة بأسرها. أما العالم الثاني، فهو موقف الرفض الذي تتبناه روسيا والصين، حيث تعتبر موسكو سوريا دولة تابعة، ليس بسبب مبيعات الأسلحة إلى دمشق، ولكن لآن الأسد يمنح الروس قاعدة طرطوس البحرية على البحر الأبيض المتوسط مما يسمح للكرملين بأن يمارس نفوذه في المنطقة. كما تعترض الصين، من حيث المبدأ، على التدخل العسكري في شئون دولة أخرى في مسعى لتجنب سابقة ربما تشملها في حال اندلعت انتفاضة شعبية على أراضيها. أما العامل الثالث الذي يقف حائلا دون تدخل عسكري دولي في سوريا، فيتمثل في محدودية قوة حلف شمال الأطلسي (الناتو) حيث أن سوريا تملك احدى أكبر ترسانات الدفاع الجوي في العالم، الأمر الذي يتطلب شن حملة جوية كبيرة باهظة التكاليف من أجل تحييدها. يرى بي يشار أن كل ما سبق يجعل سوريا محصنة بشدة أمام اي تدخل دولي مما يسمح للأسد بأن " يتفحص" دعوات من الأممالمتحدة ويتجاهل بشكل صارخ نداءات من واشنطن وباريس.