يظل الصيف فى مخيلتنا دائما مرادفا للإجازة. الحرية والتخفف من الملابس والانطلاق من زحام المدينة وتلوث أجوائها إلى رحابة البحر وصخب الموج واللون الأزرق على امتداد البصر، فلا تعرف حدا فاصلا بين السماء والماء إلا عندما يسقط قرص الشمس الملتهب بعيدا فى الماء معلنا غروب يوم انقضى من إجازة صيف نتمنى عزيزنا القارئ أن تقضيها مستمتعا بكل أيامها بلا متاعب. وما أدراك ما متاعب الصيف ومشكلاته! أشعة وضوء الشمس سلاح ذو حدين فالضوء والدفء لا غنى عنهما لكل كائنات الأرض. لكن أشعة الشمس لها أثر حارق على جلد الإنسان إذا ما تعرض لها بصورة متكررة ومستمرة دونما غطاء أو حماية. لها أيضا أثر محفز لجنون الخلايا فيما يتطور إلى أحد أهم السرطانات: الميلانوما أو سرطان الجلد. تترك الشمس بصماتها الواضحة على الجلد فتحيل شبابه إلى كهولة تعلن عنها التجاعيد والغضون التى لا تخطئها عين بينما يسبب التعرض المكثف لها ما يعرف بالإنهاك الحرارى إذا ما بذل الإنسان جهدا عضليا وأسرف فيه فإن التعرض السافر لها بلا حساب قد يعرض الإنسان لحروق الجلد أو ضربة الشمس والجفاف وربما فى النهاية التسمم الشمسى أو أحد ألغاز أمراض الحساسية المرتبطة بالتعرض للضوء. ابحث عن دفء الشمس فى الشتاء واهرب منها فى الصيف الوقاية من خطر الشمس فى الصيف يبدأ باختيار جيد لمستحضر يقى من الأشعة البنفسجية بنوعيها A&B. يمكن اختيار مستحضر فى صورة كريم أو رذاذ ينشر على الوجه ويتم بعد ذلك تدليكه برفق ليغطى مساحة الوجه والرقبة ثم اليدين. 15 وحدة من واقى الشمس «يرمز له بSPF» تكفى أصحاب البشرة السمراء بينما أصحاب البشرة الفاتحة يحتاجون رقما يزيد على 20. ارتداء الملابس القطنية الفضفاضة وانتعال الأحذية الخفيفة يساعد الجسم على مقاومة الحر وسخونة الشمس وحرية إفراز العرق الذى يساهم كثيرا فى الاحتفاظ بحرارة الجسم فى درجة ملائمة لا ترتفع بصورة تؤذيه. الأطفال أكثر تأثرا بالحرارة لذا يجب الاهتمام بما يلبسون خصوصا غطاء الرأس. أفضل ما يقاوم حرارة الشمس شرب الماء أيضا الشاى الخفيف أو الأخضر مع شرائح الليمون هو بلا شك يفوق العصائر المركزة والمشروبات الغازية كما أن ماء الصودا يعوض الجسم ما فقده من صوديوم فى العرق لكنه قد لا يكون اختيارا موفقا لمرضى ارتفاع ضغط الدم. الإنهاك الحرارى وضربة الشمس الإنهاك الحرارى هو ما يصيب الجسم من تداعٍ إذا ما أفرط الإنسان فى ممارسة نشاط بدنى تحت أشعة الشمس مثل ما قد يلاقيه لاعبو الكرة من عناء فى لعب المباريات فى الصيف أو أجواء مختلفة حارة أو مرتفعة عن سطح الأرض. يلاقى الإنسان الإنهاك الحرارى عند التعرض للحرارة فيبدأ الجسم فى إفراز العرق ليفقد الماء والأملاح معا فإذا لم يتم تعويضهما بسرعة يبدأ خلل فى الدورة الدموية قد ينتهى بما يشبه الصدمة وهبوط الدورة الدموية. ضربة الشمس تستمد اسمها من فعلها فهى تباغت الإنسان فيما يشبه الاحتباس الحرارى إذ يفقد الإنسان القدرة على إفراز العرق ويخل بنسب السوائل فى الجسم فى الدم والأنسجة مما يعرض الإنسان لمشكلات خطيرة قد تودى بحياته أو تترك آثارا مدمرة على خلايا المخ والكلى لذا يجب نقل المصاب فورا إلى مركز إسعاف لإنقاذه. أعراض الإنهاك الحرارى وضربة الشمس تتماثل وإن اختلفت درجاتها وآثارها وفقا لشدة الإصابة. تبدأ بالدوار والتداعى وفقدان الوعى وألم الصدر وصعوبة التنفس وارتفاع درجة الحرارة إلى قياس قد يتعدى الأربعين درجة ثم الهذيان والصدمة لذا يجب نقل المصاب فى سرعة إلى مركز متخصص. تسمم الضوء: يختلف الأمر عند المصاب بالتسمم الشمسى أو حساسية الضوء فإن مجرد تعرض الإنسان لأى قدر من الشمس قد يكون سببا فى أحد تفاعلات الحساسية التى تظهر كبثرات حمراء أو قروح صغيرة تظهر فى مناطق الجلد التى تعرضت للشمس أو ربما مناطق أخرى فى الجسم لم تتعرض للشمس. يظل ذلك التفاعل أحد ألغاز أمراض الحساسية وإن كانت هناك إشارات تدل على حدوثه فى وجود أمراض المناعة أو تناول أدوية معينة كثيرة منها مضادات الهستامين والمضادات الحيوية ومضادات الألم وغيرها. أيضا هناك العديد من مستحضرات التجميل والعطور التى قد تكون سببا فى ذلك النوع من الحساسية الذى يرتبط بالتعرض للشمس والضوء. حروق الجلد والتهابه إثر التعرض للشمس: التهاب الجلد ثم احتراقه عند التعرض لفترة طويلة للشمس أمر معروف فى الصيف خصوصا لدى ذوات البشرة الفاتحة والأطفال. تحدث الحروق فى المناطق المكشوفة من الجلد فتلتهب فى البداية وتبدأ فى الاحمرار الذى غالبا ما يعقبه ظهور سائل شفاف «مصل» فى بثور مؤلمة تدعو لهرشها. يجب فى تلك الأحوار تجنب ملامستها وتغطيتها بطبقة خفيفة من كريم ملطف يحتوى مضادا حيويا. تلتئم تلك البثرات دون علاج عادة إذا ما تم الحفاظ عليها نظيفة ولم تتعرض لأى تلوث من ميكروبات الجو. إسهال الصيف نوبات الإسهال تعاود الكثير من البشر خصوصا فى أيام الصيف إذا ما أقدموا على السفر للاصطياف. نوبات مزعجة لكنها تنتهى حتى بلا علاج خلال يومين أو ثلاثة على الأكثر. لا أحد يعلم لماذا يتكرر هذا الأمر خصوصا عند الانتقال من مكان لآخر أو لاختلاف العادات الغذائية لكنها تعرف بنوبات الإسهال الصيفية. ● تتعدد أنواع الميكروبات التى تسبب الإسهال الصيفى منها أنواع الإى كولاى أو تلك البكتيريا المسالمة التى تتعايش مع الإنسان وتسكن أمعاءه التى قد تتحول فى لحظات إلى بكتيريا تحدث تلك النوبة من الإسهال المزعجة أو قد ينتابها ما انتابها من لحظات جنون فأنتجت تلك السلالة التى بدأت هجومها من ألمانيا لتسفر عن موت عشرين شخصا أغلبهم من النساء وإصابة أكثر من ألفين حتى الآن بنوبات النزف المعوى والفشل الكلوى. ● قد تشارك ميكروبات بكتيرية أخرى مثل الشيجيلا والسالمونيلا أو بعض الطفيليات مثل الأميبا والجارديا أو بعض الفيروسات فى الإصابة بالإسهال الصيفى الذى يمكن الشفاء منه فى غضون يومين أو أكثر ربما بلا علاج أو مضادات حيوية لكن الأمر يستدعى استشارة طبيب فور اقترانه بأى من الأعراض التالية: 1 استمراره لأكثر من أيام ثلاثة مع ازدياد مرات الإسهال. 2 تلون البراز باللون الأسود أو جود دم. 3 إذا ارتفعت درجة الحرارة. 4 إذا اقترن الإسهال بقىء وآلام مبرحة فى البطن. تفادى نوبات الإسهال يبدأ بالحرص على النظافة العامة وغسل الأيدى باستمرار وتجنب الأطعمة النيئة غير المطهوة جيدا «الهامبورجر وما شابهه» تجنب المشروبات المزودة بمكعبات الثلج مع ملاحظة غسل الخضر باستمرار وتقشيرها كلما أمكن. متاعب حشرات الصيف وفطرياته ● يظل الذباب الناقل لأمراض الصيف والناموس بلدغاته المؤلمة والفطريات التى غالبا ما تصيب القدم وما بين الأصابع أكثر المنغصات التى قد تحيل إجازة الصيف لذكرى مزعجة قد تشجع الإنسان على نسيانها بدلا من الاستمتاع بها. مكافحة الذباب الناقل لأمراض التيفود والباراتيفود ومسببات التسمم الغذائى والدوسنتاريا ونوباتها المؤلمة والتراكوما «التهاب العين المزمن» أحد أهم ما يمكن أن يشغل بال الإنسان فى الصيف. التخلص من فضلات الطعام فى صناديق مغلقة وتهوية الغرف ورشها واستخدام السلك على النوافذ احتياطات واجبة يمكنها أن تقى من أخطار الذباب الذى غالبا ما ينشط أثناء النهار فى الضوء. ● لدغات الناموس المؤلمة قد يمكن تلافيها بارتداء ملابس خفيفة ذات أكمام واستخدام الناموسية أثناء النوم إلى جانب المعروف من رش الناموس أو الأساليب الأخرى التى يجب عدم المبالغة أو الإسراف فيها لما قد يلقاه الإنسان أكثر ضررا من ألم لدغات الناموس. هناك بالطبع أمراض خطيرة ينقلها البعوض كالملاريا لكن تلك الأنواع من البعوض غير معروفة لحسن الحظ فى بلادنا الآن. قد يخفف من أثر التهاب الجلد بعد لدغات البعوض مستحضرات الكلامينا. ● الفطريات تنتقل من إنسان لآخر عبر استعمال الأدوات الشخصية خصوصا المناشف الخاصة أو الأحذية وشباشب الصيف. الاحتفاظ بما بين الأصابع جافا دائما بعد الحمام أو الوضوء هو أهم ما يمكن التنبه له للوقاية من الإصابة بتنيا الأصابع. مراعاة نظافة حمامات السباحة هو الإجراء الأكثر أهمية التى يجب التأكد منه. من الفطريات المعروفة أيضا التنيا المبرقشة التى تصيب الشباب عامة نتيجة للتعرق الغزير وارتداء ملابس من الألياف الصناعية وتبادل المناشف الخاصة بعد الحمام. ربما نكون قد أسهبنا عزيزنا القارئ فى سرد متاعب ومشكلات الصيف لكنك بلا شك تدرك أن وراء ذلك رغبة أكيدة منا فى أن نجنبك حضورها الثقيل الأمر الذى قد يفسد عليك إجازة صيف نتمناها لك مليئة بالمتعة مشرقة بكل صحة.