تثير المنافسة الحادة بين المرشحين لرئاسة صندوق النقد الدولي الكثير من القلق والمخاوف من فقدان أوروبا الهيمنة على الاقتصاد العالمي حال اعتلاء شخص غير أوروبي لهذا المنصب الذي احتكره الغرب على مدى 65 عاما تناوب خلالها على هذا المنصب 11 شخصية اقتصادية عالمية من بلجيكاوالسويدوفرنساوهولنداوألمانياوالولاياتالمتحدة وإسبانيا. وفي هذا الإطار وصلت وزيرة المالية والصناعة والاقتصاد الفرنسية كريستين لاجارد القاهرة، اليوم الأحد، في زيارة التقت خلالها بوزيري الخارجية نبيل العربي والمالية سمير رضوان، وذلك في إطار حملتها الانتخابية لمنصب مدير عام صندوق النقد الدولي، تلك الحملة التي بدأتها الأسبوع الماضي بزيارة البرازيل ثم الهند، لإقناع الدول بانتخابها، خاصة الاقتصاديات البازغة التي تطالب بدور أكبر في صندوق النقد الدولي حتى تحتفظ لأوروبا بذلك المنصب الذي خلا لاتهام صاحبه دومينيك ستروس كان بالاعتداء الجنسي على خادمة في فندق منهاتن في نيويورك، وفي حال نجاحها بهذا المنصب تشغل فرنسا هذا الموقع للمرة الخامسة. وأعلنت الحكومة المصرية، اليوم الأحد، على لسان وزير خارجيتها الدكتور نبيل العربي، تأييدها لترشيح كريستين لاجارد لهذا المنصب.. فيما أكد الدكتور سمير رضوان، وزير المالية، أنه من مصلحة مصر اختيار أفضل المرشحين ممن لديهم الخبرات العملية والعلمية اللازمة لشغل منصب رئاسة صندوق النقد الدولي، والقدرات الشخصية والإطلاع على الحلول الهيكلية التي يتطلبها النظامين المالي والنقدي العالميين لتجنب حدوث أزمات مستقبلية بحجم الأزمة المالية العالمية، والتي لا يزال الاقتصاد العالمي يعاني من تبعاتها حتى اليوم. وبالرغم من أن كريستين لاجارد تعد المرشحة الأوفر حظا، فإنها تواجه منافسة شرسة من أمريكا الجنوبية حول رئاسة صندوق النقد الدولي، وذلك بعد انسحاب مرشح جنوب أفريقيا احتجاجا على احتكار الغرب هذا المنصب لعقود طويلة. ومنذ إنشاء صندوق النقد الدولي عام 1945، تناوب على رئاسته كل من كميل جوت (بلجيكا) من عام (1946 إلى 1951)، وايفار رووث (السويد) (1951 إلى 1956)، ومن عام 1956 إلى 1963 بيتر جاكوبسون (السويد)، و1963 إلى 1973 بيير بول شفايتزر (فرنسا)، و1973 إلى 1978 يوهانس ويتيفين (هولندا)، و1978 إلى 1987 جاك لاروزيير (فرنسا)، ومن 16 يناير 1987 إلى 14 فبراير 2000 ميشيل كامديسوس (فرنسا)، ومن مايو 2000 إلى 4 مارس 2004 هورست كولر (ألمانيا)، ومن 4 مارس 2004 إلى 4 مايو 2004 كروجر (الولاياتالمتحدة)، ومن 4 مايو 2004 إلى 1 نوفمبر 2007 رودريجو راتو (اسبانيا)، ومن نوفمبر 2007 دومينيك شتراوس كان (فرنسا). وفيما يركز صندوق النقد الدولي حاليا على مشكلات الديون في بعض الدول الأوروبية يتوقع أن تبقي كرستين لاجارد هيمنة أوروبا على هذا المنصب رغم أن الكثير من الخبراء يرون أن حاكم البنك المركزي المكسيكي اوجوستن كارتنس يملك مؤهلات أفضل لخلافة دومينيك ستروس كان الذي استقال بعد اتهامه باعتداء جنسي على خادمة في فندق بنيويورك. وتشهد الانتخابات على منصب رئيس صندوق النقد الدولي منافسة حادة، حيث يسعى كل من كارتنس ولاجارد للحصول على دعم قادة في العالم لترشيحهم لهذا المنصب قبل موعد اختيار المدير العام الجديد المرتقب بحلول 30 يونيو الحالى.. والكثيرون يعتبرون أن فرص كارتنس في هزيمة منافسته الأوروبية ضئيلة جدا نظرا لعمق ضلوع صندوق النقد الدولي في الأزمة الأوروبية. ولضمان احتفاظ أوروبا بهذا المنصب شهدت أوروبا تحركا منسقا مع توقيف ستروس قبل مغادرته نيويورك في 14 مايو الماضي لتقديم مرشح أوروبي لرئاسة هذه المؤسسة الدولية.. وقوبل هذا التنسيق بدعوات مكثفة من الاقتصادات الناشئة لخرق هذه القاعدة غير المكتوبة التي تعود إلى فترة تأسيس صندوق النقد الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تمنح أوروبا منصب مدير عام صندوق النقد والولاياتالمتحدة رئاسة البنك الدولي. لكن كارتنس، نائب مدير صندوق النقد الدولي سابقا، لم يتمكن من تشكيل تحالف من الاقتصادات الناشئة لدعم ترشيحه أو الحصول على دعم متين من دول أمريكا اللاتينية. كما أن أيا من دول بريكس الناشئة (البرازيل وروسيا والهند والصين) لم تدعم ترشيحه أيضا، فيما يسعى مجلس إدارة صندوق النقد الدولي إلى اتخاذ قراره بالتوافق بدلا من التصويت. وصندوق النقد الدولي هو وكالة متخصصة من وكالات منظومة الأممالمتحدة، أنشئ بموجب معاهدة دولية في عام 1945 للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي، ويقع مقر الصندوق في واشنطن العاصمة الأمريكية، ويديره أعضاؤه الذين يشملون جميع بلدان العالم تقريبا بعددهم البالغ 187 بلدا، ويتكون المجلس التنفيذي للصندوق من 24 مديرا تنفيذيا يمثلون بلدانا أو مجموعات بلدان، ويصل إجمالي موارده البشرية حوالي 2500 موظف من 160 دولة. ومجموع حصص العضوية في الصندوق تبلغ 376 مليار دولار أمريكي (في 25 مايو(2011، والموارد الإضافية 600 مليار دولار والقروض المرصودة تصل إلى 280 مليار دولار، منها 215 مليار دولار لم تسحب بعد.. وأكبر المقترضين اليونان والبرتغال وآيرلندا، والحاصلين على أكبر قروض وقائية هي المكسيك وبولندا وكولمبيا. الأهداف الأصلية لصندوق النقد الدولي، كما تنص عليها اتفاقية التأسيس، هي تشجيع التعاون الدولي في الميدان النقدي، وتيسير التوسع والنمو المتوازن في التجارة الدولي، والعمل على تشجيع الاستقرار في أسعار الصرف والمساعدة على إقامة نظام مدفوعات متعدد الأطراف، وإتاحة الموارد (بضمانات كافية) للبلدان الأعضاء التي تمر بمشكلات تتعلق بميزان المدفوعات.