أعتقد أن الصحافة ساندت الغناء الجاد بشكل قوى فى الفترة من منتصف الثمانينيات وحتى الآن، وواجهت بشكل هستيرى كل ما هو تافه ومتدن فى محاولة منها للحفاظ على الذوق العام، والاهتمام بصناعة أغنية جادة ومحترمة تضاف إلى رصيدنا الغنائى الذى صنعه الرواد الأوائل منذ سيد درويش وحتى بليغ حمدى. وأعتقد أن المواجهة مع الغناء الهابط كانت تحتاج إلى صمود أكبر من الأصوات الجادة، وكذلك من كبار الملحنين الذين مازالوا على قيد الحياة أطال الله عمرهم، ومتعهم بالصحة والعافية. وأعنى بالصمود هو الحرب، والقتال من أجل فنهم لأنه الأبقى. لذلك فإن حالة السلبية التى أراها منهم الآن تدعو للدهشة، والأكثر من السلبية أن بعضهم تحول إلى النقيض فى محاولة منه لدعم الأصوات النشاز، والكلمة المتدنية لكى يجد له دورا بعد أن وجد الموج عاليا.. وأعتقد أن البحر لا يظل هائجا أبد الدهر.. فالنوة كما يعرف الإخوة الذين ينتمون للمحافظات والمدن الساحلية دائما يعقبها هدوء، وسكينة. لذلك أرى أن كبار الموسيقيين تعجلوا وأصابهم اليأس المفرط الذى يجعلنا نخشى على الماضى الذى صنعه الرواد الأوائل. لدينا الآن كم هائل من الأصوات الجادة مثل هانى شاكر ومحمد الحلو وعلى الحجار وغادة رجب وأنغام وطارق فؤاد وأحمد إبراهيم وريهام عبدالحكيم ومى فاروق وآمال ماهر ومحسن فاروق صوليست الأوبرا للموسيقى العربية وآخرين. ومن الملحنين عمار الشريعى وياسر عبدالرحمن وحلمى بكر ومحمد على سليمان ومحمد سلطان.. وهناك شباب جاد مثل وليد سعد وشعراء على نفس المستوى.. كل هؤلاء يستطيعون المقاومة، وإيجاد فن مواز لما يقدم، لكن للأسف البعض من هؤلاء فقط مازال يقاوم، والبقية استسلمت وأصبحت تعمل فى مشاريع روتينية مثل الأدعية والفوازير، والمناسبات الوطنية.. أعتقد هذه الأسماء مع دعم من شركات الإنتاج الوطنية مثل عالم الفن وصوت القاهرة نستطيع أن نفعل الكثير خاصة إذا تعاطف وزيرا الإعلام والثقافة معهم.