رفضت السلطات الصربية طلب الاستئناف الذي قدمه القائد العسكري السابق لصرب البوسنة راتكو ملاديتش، المتهم بارتكاب إبادة جماعية أثناء الحروب اليوغسلافية في تسعينيات القرن العشرين، ضد قرار تسليمه إلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في لاهاي، حسبما ذكرت قناة "آر. تي. اس" التلفزيونية الرسمية. فيما تظاهر آلاف من أنصاره في البوسنة احتجاجا على احتجازه. يفتح هذا القرار الباب أمام تسليم ملاديتش، لمثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في لاهاي. ومن المقرر أن يدخل أمر التسليم حيز التنفيذ فور التوقيع عليه من جانب سنيزانا مالوفيتش وزيرة العدل الصربية، التي تعقد مؤتمرا صحفيا في تمام الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي (15 بتوقيت جرينتش). وفي حال التزمت صربيا بالإجراء السابق الخاص بإحالة المشتبه بهم إلى المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في لاهاي، فإن عملية التسليم يمكن أن تتم في غضون ساعات. ليواجه اتهامات بالإبادة الجماعية أثناء الحصار الذي استمر 43 شهرا لسراييفو وارتكاب مذبحة راح ضحيتها 8000 مسلم في سربرنيتشا خلال الحرب البوسنية. وليس من المحتمل الكشف مسبقا عن أي تفاصيل حول إحالة المتهم إلى المحكمة الدولية بسبب مخاوف أمنية. من ناحية أخرى تجمع نحو 10 آلاف من صرب البوسنة لإبداء المساندة لمجرم الحرب راتكو ملاديتش اليوم الثلاثاء في مظاهرات للقوميين احتجاجا على اعتقاله. وقال سرديان نوجو من جماعة (سربسكي دفيري) القومية المتطرفة للحشد المتجمع "هناك آخرون مثل ملاديتش في صربيا، إنهم يشبون وسيبدأون من حيث انتهى". ووصل المتظاهرون من صرب البوسنة الذين يعتبرون ملاديتش بطلا على متن حافلات قادمين من أنحاء جمهورية الصرب داخل البوسنة إلى مدينة بانيا لوكا الرئيسية. وكان هذا أكبر احتجاج في البوسنة منذ إلقاء القبض على ملاديتش في الأسبوع الماضي في قرية صربية بعد 16 عاما قضاها هاربا. وحمل المحتجون ملصقات لملاديتش بعضها كتب عليها "لقد قبضوا علينا جميعا" و"الله في السماء.. وروسيا على الأرض" و"روسيا إلى الأبد". وتسعى روسيا لتوثيق علاقتها السياسية مع صربيا. كما انتقدت الحشود الرئيس الصربي بوريس تاديتش الذي يعتبره الكثير من الصرب الآن خائنا لأنه أعطى الضوء الأخضر لاحتجاز ملاديتش. وهتفوا قائلين "بوريس.. اقتل نفسك وأنقذ صربيا". وتظهر هذه الاحتجاجات الانقسام العرقي الشديد الذي ما زال سائدا في البوسنة. وفي حين أن الصرب يعتبرون ملاديتش مدافعا عن الصرب فإن مسلمي البوسنة يعتبرونه قائدا عسكريا لا يعرف للرحمة سبيلا وأمر بارتكاب إبادة جماعية في أنحاء البوسنة خلال الحرب التي أسفرت عن سقوط أكثر من 100 ألف قتيل أغلبهم من المسلمين. وأبدى رئيس جمهورية الصرب ميلوراد دوديك تأييده للمحتجين قائلا إنه سيبذل قصارى جهده للحفاظ على هوية وسمعة جيش جمهورية البوسنة. لكنه تغيب عن الاحتجاجات مما أثار غضب كثيرين. وقال ميلان كوركوفي من بانيا لوكا "أقام راتكو ملاديتش الدولة (جمهورية الصرب) وأصبح اللصوص هم الذين يحكمون الآن، أمضى دوديك الحرب في بلجراد في حين أن ملاديتش يضحي بدمائه. ما زال دوديك يسرق في حين يحال قائدنا إلى لاهاي." وأبدى السكان المسلمون في بانيا لوكا عدم ارتياحهم إزاء هذا الخطاب القومي. وقال أمير ديوزيل (58 عاما) الذي يعمل ميكانيكيا، وهو من بانيا لوكا "منذ إلقاء القبض على ملاديتش وأنا أشاهد التلفزيون وأستمع إلى جيراني، ويبدو أنه لم يتغير شيء منذ عام 1992 عندما اضطرت أسرتي لمغادرة البلدة".