فى يوم واحد قرر الصديق الأستاذ عبدالعظيم حماد رئيس تحرير الأهرام العريق أن ينزل من عليائه ويضع اسمه على خبر فى الصفحة الأولى عبارة عن بيان مكتوب وموزع على جميع وسائل الإعلام، رغم أن أبسط قواعد الاحترام المهنى تقتضى بألا يوضع اسم محرر على بيان معمم على الجميع، فما بالنا برئيس تحرير الأهرام، وفى اليوم ذاته أبرزت الأهرام على موقعها الإلكترونى «بوابة الشباب» تصريحا لرئيس تحرير أخبار اليوم فى عصر الملوخية المخلوع ممتاز القط يقول فيه إن ائتلاف شباب الثورة عبارة عن مجموعة من الصيع والبلطجية. وفى اليوم ذاته خرج اللواء السابق حسام سويلم فى مداخلة على «أون تى فى» ليتهم ثوار مصر بأنهم مجموعة من العملاء والمبتزين ويردد عبارات واتهامات لا تبتعد كثيرا عن الكلام الفاحش الذى أشاعته فتاة مجهولة أثناء أيام الثورة الأولى على قناة المحور. الخبر الذى وضع عليه رئيس تحرير الأهرام اسمه كان يتحدث عن 12 ائتلافا ترفض المشاركة فى مليونية الغد، لكن الأكثر إثارة للأسى المهنى والسياسى أن صياغة الخبر تنتمى إلى ما قبل 24 يناير 2011، ذلك أنه يشير إلى جهات مشبوهة تقف وراء الدعوة للتظاهر وتريد الخراب لمصر، على الرغم من أنه لولا مليونيات يوم الجمعة لما كان حماد فى موقعه رئيسا لتحرير الأهرام، أهرام الشعب المصرى كله وليست أهرام المجلس العسكرى الحاكم فقط. إنك لو وضعت خبر الأهرام بجوار مواء القط ومعهما عبارات اللواء السابق مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة سابقا، وأيضا ذلك الاستطلاع المطبوخ برعونة واستعجال لافتين على فضائية السيد بدوى، ثم الكلام الكوميدى بالصور والتواريخ والأسماء عن عناصر الموساد التى انتشرت فى مصر للتخريب وإثارة الفوضى، لو وضعت كل ذلك فى تجاور وفكرت قليلا ستكتشف أن مصر ارتدت إلى عصر ما قبل 25 يناير، وعادت لاستخدام فزاعات التخوين والتخويف والتجويع والترويع، بالطريقة ذاتها التى كان يستخدمها مبارك وولده مع المعارضين. وأستطيع أن أزعم أن كل ما ينشر على مواقع شبكة التواصل الاجتماعى من عينة أن الداعين لمليونية الغضب يريدون صداما مع الجيش أو أنهم يطالبون بانتخاب قيادات المؤسسة العسكرية، ليس إلا نوعا من الضربات الاستباقية لتشويه وتسفيه مليونية الغضب النبيل غدا، ومن غير المستبعد على الإطلاق أن تكون فرق الحروب الإلكترونية (الرسمية) قد عادت للعمل بكامل طاقتها فى جميع المواقع، من خلال تصنيع الأكاذيب والشائعات وإلصاقها بالثوار. إن أحدا لا يشكك فى وطنية المؤسسة العسكرية المصرية، فالجيش هو جيش كل بيت فى مصر، وقد ارتضى الجيش أن يكون الطرف الثانى فى معادلة «إيد واحدة» مع الشعب الثائر، ولذلك حين يخرج جنرال سابق ويتهم ثوار الشعب بالعمالة ويقول إن الثورة صناعة أمريكية تكلفت 270 مليون دولار، فإن الاتهام بالضرورة يشمل المؤسسة العسكرية التى قبلت أن تضع يدها فى يد الثوار.. وعليه لا يصح أن يمضى كل هذا الوقت دون أن يخرج المجلس الأعلى ببيان اعتذار لنفسه أولا وللشعب المصرى على ما أصابه من أذى نتيجة تصريحات الجنرال السابق.