لماذا لم يهدم عمرو بن العاص عندما دخل مصر الأهرامات وأبوالهول وسائر آثار الحضارة الفرعونية العظيمة، ولماذا لم يأمره عمر بن الخطاب رضى الله عنه بذلك، ولماذا تغاضى سائر خلفاء المسلمين عن إزالة الآثار فى مصر وأى بلد تم فتحه طوال أكثر من 1400 عام؟!. هذا السؤال موجه إلى كل الإخوة السلفيين أو أولئك الذين قاموا بتحطيم تمثال الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أمام مبنى الوحدة المحلية فى مركز المنشأة بسوهاج صباح السبت الماضى. لا اتهم شخصا أو تيارا محددا لكن هناك بلاغا تقدم به ناصر صديق الشيبانى أمين الحزب الناصرى بسوهاج اتهم فيه شخصين محددين هما عبدالله الشوشى إمام مسجد على بن أبى طالب وعمر محمد الهوارى بأنهما من حطما التمثال ليلا والناس نيام. كثير من الإخوة السلفيين علقوا على ما أكتب فى هذا المكان منتقدين ما قالت إنه لا يشغلنى إلا الإساءة إليهم بالحق أو الباطل. أزعم أن ذلك ليس صحيحا، أكتب عنهم منتقدا إذا فعلوا ما يستوجب النقد من وجهة نظرى، وأكتب عنهم مادحا عندما يتطلب الأمر ذلك، مثلما يحدث مع الإخوان أو الوفد أو الناصريين أو أى قوة سياسية أو فكرية أخرى. أتمنى ألا يكون السلفيون هم من تورط فى تحطيم تمثال عبدالناصر، لكن إذا لم يكونوا هم، فمن عساه أن يكون غيرهم؟!. عبدالناصر زعيم وطنى عظيم وكبير قدم لشعبه ولأمته الكثير، صحيح أنه ارتكب أخطاء قاتلة خصوصا هزيمة يونيو 67 وقمع الحريات، إلا أنه كان صاحب مشروع قومى ضخم وحلم كبير بأن تتوحد مصر والعرب خلف رايات الحرية والاشتراكية والوحدة. لنفترض أن عبدالناصر لم يكن زعيما كبيرا، وكان رئيسا مختلفا عليه، أو كان كاتبا أو فنانا أو قائدا عسكريا، وأجمع الناس على إقامة تمثال له، فهل نقوم بهدمه؟!. هل معنى ما حدث فى سوهاج بالأمس أن يذهب البعض لهدم تمثال القائد العظيم الشهيد عبدالمنعم رياض فى التحرير، أو تمثال أحمد شوقى أو تمثال أم كلثوم ومحمود مختار أو نصب للجندى المجهول أو أى رمز وطنى؟. لو جاز لى أن أوجه نصيحة لمن حطم تمثال عبدالناصر، أو هدم بعض الأضرحة أقول له: قضيتنا الآن ليست هى التماثيل أو الأضرحة. لأنه لو كانت قضية حقيقية لتولى أمرها عمرو بن العاص وغيره من قادة الفتح الإسلامى قبل 1400 عام. يا أيها السلفيون لدينا الكثير الذى يمكن أن يشغلنا أكثر من ضريح هنا أو تمثال هناك، لدينا العمل والبناء، لدينا قضية الدستور الجديد ونظام الانتخاب، لدينا مقاومة البلطجية والفتنة الطائفية. نحن جميعا نعبدالله الواحد الأحد الذى لا شريك له.. أما أن يكون هناك تمثال لعبدالناصر أو لغيره، فليس معنى ذلك أننا نعبده، بل هى لفتة ورمز لتكريمه، لأنه قدم الكثير لوطنه، لو قرأتم تاريخه جيدا، ولو عرفتم الإسلام جيدا فربما أقمتم له تمثالا. المسألة باختصار الآن أن الذى يحطم تمثالا لعبدالناصر أو ضريحا لأحد الأولياء، أو كنيسة للإخوة المسيحيين أو يقوم بتنفيذ القانون بيده بعيدا عن الحكومة، يحارب الثورة لمصلحة نظام حسنى مبارك.