ها هم أصحاب السمو والمعالي والفخامه ملوك وأمراء العرب يتحفونا بأول رد فعل (ظاهر) لما يجري على الساحة العربية في إعلانهم الحرب.. أقصد إعلانهم الترحيب بإنضمام الأردن والمغرب لدول مجلس التعاون الخليجي. وأحاول هنا أن أفكر بصوت عالي في هذه الخطوة غير المتوقعة والتي يقال عنها لعبة سياسية جديدة في المنطقة.. فهل هذه الخطوه فعلا تعد محاولة لتحويل أو تعطيل مسار الثورات العربية التي تشتعل يوماً بعد يوم في بلد عربي؟ أم أنها التفاف خليجي على مطالب الشعب العربي بتشكيل جبهة اعتدال جديدة بعد فقدان الخليج لمصر التي كانت أكبر دول الاعتدال حسب التصنيف الغربي؟ أم ربما الحكام العرب شعروا بأن مصر لو تحولت لدولة ديمقراطية بالفعل ستتأثر المنطقة بهذا التحول مما يهدد بقاءهم؟ أم أننا نشهد تشكيل جبهه جديدة ضد ما يصفوه بالتمدد الإيراني بالمنطقة خصوصا بعد توقعات بعودة العلاقات المصرية الايرانيه خلال الفترة المقبلة؟ أم أن هناك تنسيق أمريكي خليجي بتشكيل شرق أوسط جديد يحاول فيه الغرب تدشين جبهه جديدة للسطيرة على مقاليد الامور لحماية مصالحة وسياساته على اراضينا؟ كل هذه الأسئلة طرحت نفسها بقوة بين عدد كبير من المحللين والمراقبين وأحدثت ضجة في المنتديات الإلكترونية والمواقع الاجتماعية بآراء وتعليقات وتأييد ورفض.. ولعل أبرز ما أثار اهتمامي هو ذهاب بعض الأشخاص بالقول بإن مجلس التعاون الخليجي حتى هذه اللحظه لم يقدم شيئا ملموسا في تحقيق وحدة الصف الخليجي والتنمية المطلوبه والتعزيز الأمني المشترك او حتى عملة نقدية موحدة..(طيب والأردن والمغرب هما اللي هيظبطوا الحياة وينجحوا مجلس الفرقاء الخليجي؟ أكيد لأ).. هنا أرجح القول إن هذه الخطوة لعبة سياسية جديدة حمالة أوجه وأهداف عديدة تكمن تقريباً في كل الأسئلة التي طرحتها في معرض مقالي إضافه إلى أن دول الخليج اصبحت على يقين بأن الجامعة العربية لم تعد تسمن ولا تغني من انقلاب أو حراك شعبي يطيح بهم أو ما يتعلق بفوبيا الخليج الفارسي والاحتلال الايراني.. سبب آخر أن المجلس يريد أن يظهر بالقوي الذي يتخذ قررات مصيرية مهمّة وحسّاسة في هذه الفترة التي تشهد توترات امنية وسياسية ودينية في العالم العربي . تشابه أنظمة الحكم الأردني والمغربي والخليجي الملكية هو أحد أسباب الموافقة التي لمح إليها مجلس التعاون الخليجي في بيانه (طبعا كلام فارغ) لأن الأردن والمغرب بهم أحزاب سياسية ومعارضين وحراك واضح ومؤثر (أحيانا) في المجتمع المدني مما يجعل الدولتين بعيدتين عن شكل الملكية في دول المجلس.. فضلا عن اختلاف العادات والتقاليد على مستوى المجتمعات الخليجي والأردني الشامي والمغربي الافريقي. ملف انضمام اليمن والعراق للمجلس: بالتأكيد كان الخبر صادماً لليمن (بوابة الخليج الجنوبية) ولمن لا يعرف فإن دولة اليمن تقدمت في منتصف التسعينات بطلب الانضمام لدول مجلس التعاون الخليجي وتوسلت بكل الطرق هنا وهناك وما كان من المجلس الخليجي إلا أن رمى حفنه من الدولارات وماطل وتحجج بعدم جاهزية اليمن للانضمام وحاول إرضاءه ببعض التعاونات الاقتصادية وبتنظيم دورة كأس الخليج لكرة القدم ودمتم .. ويرجع رفض الخليج لاسباب امنية وسياسية واقتصادية.. بمعنى آخر اليمن ليست دولة نفطية والحليف الغربي يريد الخليج النفطي وقف خاص به ولا يتدخل في جني ثماره او زعزعة استقراره أحد.. أود أن أشير إلى أن عدد العمالة الأجنبية في الخليج أكثر من 15 مليون عامل أجنبي وأقصد بالأجنبي الناطق بغير العربية نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية, بلغت تحويلاتها المالية إلى أربعين مليار دولار سنويا لو أعطيت هذه الميزانية لليمن لأشبعته لسنوات.. ربما تختلف ظروف العراق نظراً للاحتلال الأمريكي واتساع فجوة الفرقة والتحزب الديني والعرقي هناك وهذا سبب كفيل بتعطيل الانضمام . والشاهد أن مثل هذه الخطوات مرحب بها لا شك لو كانت في خدمة الوحدة العربية ولكن من الواضح أنها أبعد ما تكون عن وحدة الصف بل وتعد إعلان نهاية لما يسمى جامعة الدول العربية.. ويوما بعد يوم نتعلم أن لا نجاة لهذه الأمه إلا بترسيخ الديمقراطية وتطيهر بلادنا العربية من الفساد المستشري في أركانها ووالله أملنا كبير في الشارع العربي .