أثار قرار الدكتور عماد أبوغازى، وزير الثقافة، بإلغاء الدورة ال35 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى انقسام السينمائيين المصريين، فبينما أبدى البعض تفهمه للخطوة نتيجة الظروف الانتقالية التى تمر بها البلاد حاليا، رأى آخرون أن القرار لم يكن موفقا، حيث كان من الأفضل عقد المهرجان تحت أى ظرف بدعوى أنه قد يمثل خير دعاية لمصر ما بعد الثورة بين سينمائيى العالم خاصة أن مهرجان القاهرة يحظى بأهمية بين صناع السينما فى العالم العربى والدولى، الذين كان سيحرص بعضهم على حضور الحدث تشجيعا للقاهرة التى عبرت الى الحرية. تقول الفنانة بسمة: رغم حزنى على تأجيل المهرجان هذا العام، فإننى فى الوقت نفسه متفائلة، وعلينا تجهيز أنفسنا من الآن لتنظيم دورة غير عادية تبهر العالم فى 2012، لأن مهرجان القاهرة يستحق أن ينظم بشكل محترم، وأن يكون قرار التأجيل دافعا لنا جميعا لنقدم أفضل ما لدينا من الأفلام خلال العام القادم حتى تكون مشرفة لنا جميعا. وكشفت بسمة عن اتفاقات ومشاورات دارت بين مجموعات من شباب الفنانين لدعم الدورة القادمة من مهرجان القاهرة، بشكل مستقل وفردى، حتى لا يتأثر المهرجان، ولكى نقول للعالم كله إن مصر بلد الأمن والأمان، وقادرة على مواجهة الأزمات، وأيضا لنقول إن الحركة الثقافية فى مصر مستمرة، لكن ما دامت وزارة الثقافة توصلت إلى قرار بإلغائه فمن المؤكد أن ذلك للمصلحة العامة، خاصة أن رخصة المهرجان الدولية لن تسحب بقرار التأجيل. وأكدت بسمة أنها على قناعة كبيرة بأن إقامة مهرجان فى ظل الظروف الحالية شبه مستحيلة، ولذلك الشكر واجب لاتحاد المنتجين الدولى لتفهمه حال البلاد. الفنانة نيللى كريم ترى أن فى تأجيل المهرجان هذا العام «خطوة إلى الوراء»، لأن فى ذلك إشارة واضحة جدا أننا نتراجع ولا نتقدم، فكان من الممكن أن يقام بشكل بسيط على أن يؤجل، وقالت: «حرام مهرجان يقام منذ 35 عاما ويؤجل»، وتابعت: حتى إذا كانت الظروف صعبة كان يجب البحث عن حل بدلا من الاستسهال، وتأجيل المهرجان. وأكدت نيللى أن فى إقامة المهرجان شىء معنوى لكل العاملين بصناعة السينما، التى تأثرت وتراجعت كثيرا بأحداث الشارع، فالإنتاج توقف ولا يوجد أفلام جديدة. «خسارة كبيرة أن يتوقف المهرجان هذا العام، وأتمنى ألا يؤثر ذلك على ترتيبه عالميا» هكذا بدأ الفنان آسر ياسين كلامه، وقال: أتفهم أنه لا توجد أموال تنظم مهرجانا، وأتفهم أيضا أن هناك انفلاتا أمنيا يمنعنا من إقامة دورة جيدة. ولكن كل ذلك لن يمنعنى من أن أطالب بأن تكون الدورة التى ستقام فى 2012 أفضل من المهرجان القديم ب10 مرات على الأقل. وتابع آسر: المهرجان قبل الثورة كان ينتمى لنظام فاسد، أما الآن فهو ينتمى للثورة، لذلك أطالب بأن نستفيد من سمعة المهرجان الجيدة عالميا، ونقدم الدورة المقبلة على شرف ثورة وشهداء 25 يناير، وأن نعمل من الآن على تنفيذ مشروعات سينمائية محترمة تنافس فى هذه الدورة عن الثورة. «هل يعقل أن يحتفل مهرجان كان بالثورة المصرية سينمائيا، ونقوم نحن فى مصر بإلغاء مهرجاننا ونضيع فرصة للاحتفال بثورتنا؟».. هكذا عبر المخرج خالد يوسف عن رأيه من قرار إلغاء مهرجان القاهرة، وقال: «أعتقد أن وزير الثقافة تعجل من أمره وكان عليه التأنى، فالانفلات الأمنى مرتبط بالأوضاع الحالية التى بالتأكيد ستتغير وما زال الوقت مبكرا على انعقاد المهرجان فى شهر نوفمبر. أما عن مسألة عدم توافر ميزانية، فهناك حلول كثيرة منها دعم المنتجين المصريين الذى استفادوا سنوات طويلة من السينما وجنوا الكثير من الأموال للمهرجان، وكذلك الرعاة المحليون والعالميون الذين سيتحمسون خصوصا فى الوقت الراهن لدعم المهرجان ماليا، كما أن العالم كله متشوق لرؤية مصر حاليا»، مضيفا «للأسف وزير الثقافة لم يستشر أحدا، ولم يجتمع مع السينمائيين ويأخذ رأيهم فى هذا، وكان عليه التأنى أكثر من ذلك». واتفق المخرج خالد الحجر فى الرأى مع يوسف فى رفضه لقرار الوزير معتبرا أن هذا تصريح رسميا بأن لدينا خللا أمنيا، وهذا ليس جيدا على صورة مصر أمام العالم وليس من الصحيح أن نجعل سياسة الخوف تسيطر علينا وعلى نشاطنا، وتطرق الحجر لسبب آخر فى رفضه قائلا: «هذا القرار سيكون ذريعة لبعض الناس فى أن يقولوا إن الثورة لم تفعل شيئا سوى أنها عطلتنا وهذا خطر فى حد ذاته»، وأضاف: «المهرجان كان لابد أن يستمر حتى لو وصل الأمر لجعله احتفالية وليس مهرجانا كبيرا، فهناك الكثير من أمور البهرجة التى من الممكن التخلى عنها كالسجادة الحمراء والفنادق الفاخرة جدا، وهناك أكثر من حل لمسألة التمويل كجذب التبرعات والإعلانات وغيرها. أما اللجوء لأسهل حل فهذا ليس صحيحا». وأشار الحجر إلى أن استمرار المهرجان صغير أفضل بكثير من إلغائه نهائيا وضرب مثلا: «عندما تم هدم حائط برلين الذى كان بمثابة ثورة فى ألمانيا لم يتم إلغاء مهرجان برلين». أما المخرج محمد خان فكان له رأى مخالف، حيث أيد د.عماد أبوغازى فى قراره «الظروف الحالية صعبة للغاية ولا تسمح بإقامة المهرجان، الذى حتى إن قدر له الخروج للنور فلن ينجح إطلاقا، والضيوف الأجانب سيخشون المجىء لمصر فى ظل الاضطرابات الأمنية، تخيل أن الأحداث الحالية حرق الكنائس وهروب المساجين من أقسام الشرطة ستضرب السياحة بالتأكيد فما حال مهرجان القاهرة إذن؟». مضيفا: «الضيوف الأجانب لا ينتظرون مهرجان القاهرة لكى يأتوا للسياحة، وبالتالى لا أعتقد أنه سيؤثر من تلك الجهة. وحول أن إلغاءه هذا العام قد يجعله متأخرا عن غيره من المهرجانات العربية، فأعتقد أن كثيرا من هذه المهرجانات لن ترى النور هذا العام خصوصا قرطاج ودمشق، وهو ما يجعلها متساوية». «هناك أولويات أهم من انعقاد المهرجان الذى لا توجد فائدة عبقرية من إقامته، ووزارة الثقافة عليها عبء أكبر وهى توعية الناس بالدستور والانتخاب، وإلغاء المهرجان لن يضرنا أو ينفعنا فى شىء».. بهذه الكلمات أيد المخرج على بدرخان قرار الوزير، معتبرا أن الحديث عن إقامة مهرجان خلال الظروف الحرجة التى نمر بها «عيب»، متسائلا: «هل يعقل أن أقيم مهرجانا سينمائيا الآن لمجرد أن نقول إن كل شىء عادى وطبيعى ولا يوجد ما هو عكس ذلك؟». وأفاد بدرخان أن الفلوس ليست كل شىء، والأمر لا يتعلق بالمادة بقدر تعلقه بأمور لها أهمية أكبر.