حزب "الوعي" يفتتح مقره في الجيزة    طواحين الذهب.. إزالة 12 حالة تعدٍ على أراضي أملاك دولة بقرية الأشراف في قنا    مصادر طبية في غزة: 70 قتيلا و189 إصابة خلال الساعات ال 24 الماضية    تقرير: فرحة الأضحى تغيب عن نازحي مخيم جنين وسط فقد وتشتت    ليفربول يصدم برشلونة بشأن صفقة لويس دياز    نيابة عن الملك سلمان.. ولي العهد السعودي يصل إلى منى للإشراف على تنظيم الحج    لست وحدك.. نحن إخوتك: أطفال ذوو همم وأسوياء يتألقون على مسرح المحلة برسائل ضد التنمر والتهميش    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    رئيس"التأمين الصحي" يتفقد مستشفى مدينة نصر بالتزامن مع عيد الأضحى    نتنياهو: غزة لن تشكل مستقبلًا تهديدًا على إسرائيل    بمناسبة عيد الأضحى.. الرئيس السيسى يتبادل التهنئة مع ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والإسلامية    تردد القناة الناقلة لمباراة الزمالك وبيراميدز في نهائي كأس مصر    وزير الكهرباء يبحث مع «أميا باور» الإماراتية تعزيز التعاون بمجالات الطاقة المتجددة    المصرية للاتصالات WE تعلن الإطلاق الرسمي لخدمات الجيل الخامس في مصر    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس والشعب بيوم عرفة وعيد الأضحى المبارك    أول تعليق من بسمة بوسيل بعد تحسن حالة نجلها آدم تامر حسني الصحية    من عرفات.. دعاء مؤثر للشيخ خالد الجندي    جامعة بنها تشارك في النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة    الأعلى للمستشفيات الجامعية يخصص 56 مركزًا لعلاج الأمراض الوراثية لحديثي الولادة بالمجان    استشاري تغذية مُحذرًا من شوي اللحمة: يعرّض للإصابة بالأورام - فيديو    صيام يوم عرفة لمرضى السكري.. متى يجب الإفطار؟    "معقولة بيراميدز يتعاطف مع الزمالك ويمنحه الكأس؟".. شوبير يطلق تصريحات نارية    21 ألف جنيه تراجعًا بأسعار "باجاج كيوت" أرخص مركبة جديدة بمصر.. التفاصيل    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية فى دمياط    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    الأهلى يرفع شعار التحدى فى كأس العالم للأندية بعد صفقات الميركاتو    هزات كريت تصل إلى الإسكندرية.. والحديث عن تسونامي لم يعد بعيدًا.. خبيرًا باليونسكو يكشف ل "الفجر"    محمد حماقي يشعل حفل زفاف محمد شاهين| صور    ألمانيا تسعى لبناء أقوى جيش أوروبي.. تحديات ملحة وخطط طموحة حتى 2029    بث مباشر من عرفة الآن.. الحجيج على عرفات وصلاة الظهر والعصر جمعًا والمغادرة عند الغروب    المفتي السابق يوضح حكم الصلاة إذا أخطأ الإمام في تكبيرات صلاة العيد    عادة كل سنة.. مسيحية بورسعيدية توزع وجبات "فتة ولحمة" على المسلمين لإفطار يوم عرفة    "الأعلى للإعلام" يستدعي ممثلي وسائل إعلامية في شكوى طليقة أحمد السقا    الأهلي ل«هاني شكري»: اعتذارك غير مقبول وسب جمهورنا لن يمر دون حساب    مجلس الزمالك يصرف دفعة من مستحقات اللاعبين قبل نهائي الكأس    هيئة التأمين الصحي الشامل تعلن مواعيد العمل خلال إجازة عيد الأضحى    التنظيم والإدارة: إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة خلال يونيو الجاري    «في وقفة عرفات».. موعد أذان المغرب بالمحافظات    الهلال يعلن إنزاجي مديرا فنيا للأزرق لمدة موسمين    آخر كلام في أزمة زيزو.. ليس له علاقة بالزمالك بفرمان الجبلاية    الاحتلال يستهدف صحفيين في مستشفى المعمداني واستشهاد 3    داعية: زيارة القبور في الأعياد من البر وتذكره بالآخرة    «24 ألف ماكينة ATM».. خطة البنوك لتوفير النقد للمواطنين خلال إجازة العيد    بث مباشر من عرفات.. مئات الآلآف يقفون على المشعر الحرام    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    ارتفاع أسعار 3 أنواع من الكتاكيت واستقرار البط اليوم الخميس 5 يونيو 2025    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    معايدة عيد الأضحى 2025.. أجمل رسائل التهنئة للأهل والأصدقاء (ارسلها مكتوبة)    اليوم وغدًا.. نجوم الإعلام ضيوف معكم منى الشاذلي    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    أسعار البيض بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    الدفاع الأوكرانى: أوكرانيا ستتلقى 1.3 مليار يورو من حلفائها العام الجارى    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أن تنصاع إلى الآخرين
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 04 - 2011

دائما ما يمارس المجتمع سلطته على الأفراد، فيضطرهم فى كثير من الأحيان إلى الالتزام بحدود معينة لا يتمكنون من اختراقها، ليس بفعل القوانين الرسمية ولكن عن طريق المجتمع ذاته الذى يمارس ضغوطا عرقية من أجل الحفاظ على أسسه وضوابطه التى يرتضيها.
البعض منا يمتثل تماما لما يملكه المجتمع من سطوة ويستسلم لها، والبعض يحاول الوقوف فى المنتصف كى يرضى نفسه نسبيا دون أن يصبح منبوذا من الآخرين، وهناك من يعطى للمجتمع ما يريده ظاهريا ويحتفظ لنفسه بما يراه حتى تلوح الفرصة لإخراجه، وهناك أيضا من يعمل على تغيير تلك الثوابت وهو ما يمثل أشق الاختيارات.
لا يحدث هذا فقط بين المجتمع والأفراد، فالجماعات أيضا تمر بالمثل، قد يقوم المجتمع بممارسة ضغوطه عليها وتطويعها وفقا لاتجاهاته.
فى الأوقات التى تشهد حراكا مجتمعيا على مختلف المستويات، يظهر التأثير المتبادل بين المجتمع والأفراد والجماعات بأوضح ما يكون، وقد يصبح الالتزام بموقف ثابت أمرا هامشيا لا يتم الالتفات إليه كثيرا.
تتبنى بعض الجماعات والفصائل مواقف لا ترضى عنها نزولا على رغبة المجتمع ثم تعود إلى سابق عهدها فور أن تستشعر أن المجال قد أصبح أقل عدائية وأكثر استعدادا لقبولها. يسمح بعض الإسلاميين تحت ضغط المجتمع بترشيح النساء والمسيحيين لمنصب رئاسة الجمهورية فى فترة ثم لا يلبثون أن يُحَرِّموَه ولا يمر بين الرفض والإباحة سوى فترة زمنية شديدة القصر.
ويقر الليبراليون المرجعية الدينية للدولة بمجرد أن يواجههم المجتمع برفض فكرة الدولة المدنية، فيتقهقرون إلى الوراء ويتنازلون عن أهم أركانها دون محاولة الدفاع عن رؤيتهم.
هناك أيضا الإخوان المسلمون الذين يتراجعون عن التصريح بنواياهم فى بناء دولة إسلامية تُطَبَّق داخلها الحدود، ويعاودون تشكيل الكلمات والعبارات بعد استنكار قسم كبير من المجتمع لها، وهناك أحد المرشحين للرئاسة الذى يلجأ إلى جماعات دينية ويتحالف معها بعد أن يلصق به المجتمع صفات الكفر والعلمانية، فينفى عن نفسه التهم ويعيد صياغة أدواته فى إطار جديد لا يقابل بالرفض.
الأمثلة كثيرة على ما يفعله المجتمع بالناس سواء كانوا فرادى أو جماعات، الكل يخضع وينصاع ويحاول إعادة تكييف مبادئه كى لا يتم استبعاده. لا أحد تواتيه الشجاعة لإعلان موقفه وتوجهه بوضوح وصراحة، ثم الدفاع عنه وتحمل ما قد يعقبه من نتائج.
الكل يتحور ليلائم ما يفرضه المجتمع من إطارات، الكل يخشى الخروج منها، والكل يسير وفقا لما يجعله محل الترحيب والإجماع.
تشير بعض الدراسات إلى أن الأغلبية الممثلة للمجتمع قادرة على التأثير وعلى فرض توجهاتها عن طريق ما تملكه من قوة وسلطة، لكنها لا تحقق الفوز دائما. فى بعض الأحوال قد تتمكن الأقلية داخل مجتمع ما من إحراز انتصارات. يحدث هذا حين تكون تلك الأقلية متسقة فيما تطرحه من أفكار وصادقة مع نفسها ومع الآخرين بحيث تكتسب ثقتهم، وكذلك حين تتلاقى معتقداتها الاجتماعية أو السياسية مع المبادئ والقيم التى يتبناها المجتمع أو التى تسوده فى إحدى مراحل التطور.
إذا تحققت تلك الشروط فقد تصيب الأقلية نجاحا كبيرا فى جذب الناس إلى مدارها، بل وقد تستميل إلى جانبها جزءا من الأغلبية محدثة تغييرا حقيقيا فى أفكار بعض أفراد الجماعات المناوئة.
إذا نظرنا إلى الوراء قليلا لوجدنا أن أقلية من الحركات الاحتجاجية الاجتماعية وبعض القوى السياسية التى لديها رؤية واضحة قد تمكنت عن طريق المثابرة وعرض القضية التى تتبناها بصورة واضحة من التأثير فى الأغلبية وضمها إليها، هناك مثلا قضايا التعذيب التى كانت تقابل بالشك والتكذيب ثم صارت تحتل الساحة واجتذبت آلافا من الناس إلى جانبها.
هل ينطبق المنطق ذاته على الجماعات السلفية مثلا؟ ربما فالسلفيون قد يمثلون أقلية لكن رؤيتهم بغض النظر عن جمودها، تعتبر أكثر اتساقا وأقل تلونا وخضوعا لمطالب المجتمع، والخطاب المستخدم فيها أبسط وأكثر وضوحا من خطابات الفصائل الأخرى.
لنطالع بعض هتافات السلفيين فى تظاهراتهم: «الشعب يريد تحكيم الكتاب»، «لا غربية ولا شرقية إسلامية إسلامية»، و«لا مدنية وعلمانية مصر دايما إسلامية». وهتافاتهم التى نقلتها الفيديوهات من قنا: «يا وزارة يا وزارة مش عايزينه من النصارى، إرفع راسك فوق إنت مسلم».
فى مؤتمراتهم يعلن السلفيون بدء عهد جديد ويحذرون النظام من المساس بالمادة الثانية من الدستور ومن فكرة الدولة المدنية، ويشددون على أن هوية مصر إسلامية فقط. خطاب واحد فى جميع المحافظات من قنا إلى أسيوط إلى السويس إلى الإسكندرية، خطاب واضح المعالم رغم تطرفه، ثابت لا يخضع ولا يمتثل لمحاولات التأثير فيه أو إعادة إنتاجه بشكل يرضى مزاج الجماعات والفصائل الأخرى، من هنا فإنه قد يُعدُّ فى نظر البعض الأكثر استحقاقا للثقة.
●●●
أن ينصاع المرء لما حوله من مؤثرات سواء مارسها المجتمع أو الأفراد والجماعات المختلفة، وأن يحاول التكيف معها بغض النظر عما يضطر إلى تقديمه من تنازلات وما يتخلى عنه من مبادئ، هو أمر لا يحقق فى النهاية هدفه بشكل جيد، فبمرور الوقت لا يصبح المرء قادرا على تبين مواقفه الحقيقية من كثرة ما بذل من محاولات لإرضاء الآخرين. تتوه الأشياء الثمينة وسط كم من المناورات والخداع والتجمل ويبقى الغث، ثم تتداعى الثقة فى ما يمثله من مبادئ.
على الساحة الآن اتجاهات متعددة ودعوات كثيرة، أيها سوف يلقى القبول من الغالبية العظمى؟ لا يمكن القطع بشىء، لكنه وفى كل الأحوال ليس من المنطقى أن يظل الناس فى حالة توجس من التعبير عما يؤمنون به ويرون أنه الأفضل، ليس من المنطقى أن تؤجل المصارحة وتستمر المراوغات وكأن شيئا لم يتغير، ربما حان الوقت كى تمارس الحركات والجماعات والتحالفات حريتها فى تبنى ما تراه دون أن تتخفى ودون أن تتملق أو تهادن أو تكذب من أجل أن تحوز رضا الآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.