حالة عدم الأمان التى خلفتها الأزمة المالية، دفعت كثيرا من المستثمرين المصريين إلى الاستغناء عن السمسار، والاعتماد على أنفسهم فى عمليات شراء وبيع الأسهم بمساعدة جهاز الكمبيوتر، ليتضاعف عدد المتعاملين بنظام التداول الإلكترونى.. «منذ مارس الماضى هناك تدفق غير عادى من المستثمرين على التداول الإلكترونى بالشركة»، كما قال ممدوح الباز المدير التنفيذى الإقليمى للتداول الإلكترونى بالمجموعة المالية هيرمس. وأضاف أن عدد المستثمرين الجدد الذين فتحوا حسابات لتداول الأسهم عبر الإنترنت من خلال هيرمس زاد بنسبة 100% تقريبا، كما زاد عدد العمليات بنفس النسبة، حتى وإن كان حجم التعاملات ثابتا.. «إن عددهم ارتفع أكثر من عددهم عندما كان مؤشر ال30 سهما الرئيسى عند 12 ألف نقطة» تبعا للباز، مشيرا إلى أن 60% من عمولة التداول الإلكترونى لهيرمس فى الربع الأول من 2009 كان من خلال تعاملات عملاء جدد. والتداول الإلكترونى، نظام يسمح للمستثمر فى البورصة الاستغناء عن السمسار التقليدى، من خلال تنفيذ أوامر البيع أو الشراء عبر الإنترنت، حيث يدخل المستثمر على موقع شركة السمسرة عبر «كلمة سر» ثم يضع أوامره بيعا وشراء ويتم التأكد فورا وآليا من كفاية أرصدة العميل ماليا أو فى حالة الرغبة فى الشراء أو كفاية الرصيد من الأسهم فى حالة البيع مما يسمح بإتمام أوامر العميل. وبعد التأكد من كفاية الأرصدة يتم التنفيذ فورا وإبلاغ العميل بنتائج الصفقة كمية وسعرا، وفى حالة عدم كفاية الرصيد المالى أو من الأسهم يتم إبلاغ العميل فورا وتتاح له فرصة تعزيز مركزه المال. وتتيح شركة السمسرة التى يتعامل معها المستثمر المعلومات اللازمة عن الأسهم من أخبار وتحليلات فنية، ومالية، وتقل عمولة السمسرة فى هذا النظام بنسبة تتراوح من 1إلى 2%، مقارنة بالنظام التقليدى. ويرى الباز أن الصعود الذى شهدته البورصة على مدى أكثر من شهرين، كانت سببا فى عودة الثقة للمستثمرين بصفة عامة، ومستثمرى التداول الإلكترونى خاصة، ودفعهم إلى العودة إلى السوق مرة أخرى. وكانت بوادر للتعافى قد ظهرت فى المؤشر منذ نهاية فبراير، حيث ارتفع بحذر تدريجيا حتى أغلق يوم الخميس الماضى فوق 5500 نقطة، كما ارتفعت قيمة التعاملات اليومية من 300 مليون جنيه فى المتوسط إلى نحو 1.5 مليار جنيه. وكان مؤشر إى جى إكس30 كيس 30 سابقا قد حقق قفزات متتالية خلال النصف الأول من العام الماضى، حتى وصل إلى 12 ألف نقطة فى نهاية شهر أبريل من 2008، ثم بدأ موجة من التراجع منذ قرارات مايو الخاصة بتحرير سعر الطاقة. وتحولت إلى انهيار فى الأسعار على خلفية انفجار أزمة الاقتصاد العالمية فى الربع الأخير من هذا العام، حتى وصل المؤشر إلى ما دون ال3000 نقطة فى فبراير الماضى. وقال أحد المستثمرين الذى فضل عدم ذكر اسمه، إن السبب الرئيسى لزيادة الإقبال على التداول الإلكترونى، هو فقد كثير من المستثمرين الأفراد لثقتهم فى السمسار البشرى، بعد ما لحقهم من خسائر، نتيجة إرشادات ونصائح السمسار الخاطئة، «التى قد تكون متعمدة» تبعا لقول المستثمر. وحكى عن أحد أصدقائه قائلا: إنه كان قد تعرض لمشكلة مع السمسار الذى يقوم بتنفيذ عمليات له، بعدما قام بشراء سهم شركة عند أعلى سعر دون الرجوع إليه. «على الرغم من أن هذا السهم بالذات كان لا ينوى الشراء فيه لمعرفته أنه سهم مضاربة، وأن صعوده الكبير كان بسببها». وكانت النتيجة أن السمسار اشترى السهم بسعر 28 جنيها، وانخفض سعره بعد ذلك إلى أن وصل إلى 5 جنيهات، لذلك قرر وقف التعامل مع السماسرة، واللجوء إلى الكمبيوتر لتنفيذ عملياته بنفسه. «ربما يكون فقد الثقة فى بعض السماسرة أحد الأسباب»، كما قال الباز فى إطار رصده للأسباب المحتملة لزيادة المتعاملين إلكترونيا. وكانت نصائح السماسرة، وأحيانا بعض المستثمرين من أهم الأسباب التى دفعت كثيرا من المستثمرين إلى رفض التداول الإلكترونى فى بدايته، لأن تعاملاته عبر الإنترنت تعنى حرمانه من هذه النصائح. ولا يعنى ذلك خلو التداول الإلكترونى من المشاكل، وقال الباز إن الأعطال الفنية قد تحدث فى أى وقت، على الرغم من أنها تقلصت بنسبة كبيرة، مقارنة بعددها فى الفترة الأولى من العمل بهذا النظام. وأكد هشام توفيق ،العضو المنتدب لمجموعة النعيم القابضة، والتى تتبعها شركة العربية أون لاين للتداول الإلكترونى، على تحول نسبة غير قليلة من المستثمرين من عملاء شركة النعيم للسمسرة العادية، إلى العربية أون لاين. «وهذا تطور طبيعى، لأن التعامل الإلكترونى أكثر دقة وشفافية، ويستطيع تجنب الأخطاء البشرية المتعمدة وغير المتعمدة» حسب تعبيره. وكان هانى سرى الدين، رئيس هيئة سوق المال السابق، والذى أقر التداول الإلكترونى، قال عنه فى أحد المؤتمرات، إنه جزء من حزمة آليات تطوير السوق، والذى يؤدى إلى زيادة السيولة وحجم التداول اليومى. ويتيح للمستثمر اتخاذ قراره الاستثمارى بحرية، كما يضمن الحماية والأمان لتعاملاته، وأيضا يخفض وقت إعطاء أمر الصفقة وتكلفة تنفيذها ويحد من حجم المضاربات ومن إمكانية حدوث الأخطاء البشرية فى إتمام الصفقات. وتعتبر شركة العربية أول من عمل بنظام التداول الإلكترونى فى مصر، فى الربع الأخير من عام 2006، لذلك تحتل أعلى حجم من التداول الإلكترونى، الذى تتراوح نسبته ما بين 8 و9% من مجمل التداول فى سوق الأسهم المصرية. تبعا لمصدر من البورصة المصرية، ولا ينافسها على المركز الأول غير شركة المجموعة المالية هيرمس التى كانت ثانى الشركات العاملة فى مجاله فى نهاية 2006 بعد العربية بنحو الشهرين ، وتستحوذ الشركتان على نحو90% من تعاملات هذا النظام. وعلى الرغم من حصول نحو 35 شركة على رخصة التداول الكترونى من هيئة سوق المال، فإن عدد الشركات التى عملت بالفعل بها قد لا يتجاوز الثمانية، وأرجع الباز ذلك إلى ارتفاع تكلفة التجهيزات الفنية اللازمة، والتى قد تؤدى إلى عدم تمكن كثير منها من الحصول عليها، خصوصا بعد انفجار الأزمة العالمية، وانهيار السوق. «قبل عام ونصف العام كان الجميع على استعداد للعمل بالنظام الجديد لكن بعد تدهور السوق من الصعب حدوث ذلك فى الوقت الراهن على الأقل». وسبقت عدة دول عربية مثل السعودية، ودبى فى الإمارات، والكويت مصر فى إدخال التداول الإلكترونى، وقد كان ذلك من الأسباب التى يذكرها المسئولون لدخول النظام مصر فى 2006، كرد على اعتراضات البعض عليه تحت إدعاء يفيد أن حجم السوق المصرية ليس كبيرا بشكل كاف لوجوده. وقد نما حجم التعاملات الإلكترونية فى السعودية إلى أن أصبح يمثل 55% من إجمالى التعاملات فى سوق الأسهم، ووصل فى دبى إلى 40%، ونحو 35% فى الكويت، فيما يصل فى أمريكا إلى 80%.